الحكومة لا تقدر خطر هذه الاحتجاجات المهددة بالاختراق والتوظيف والاندساس داخلها من قبل المتربصين بأمن تونس واستقرارها. فلم تجد إلا المعالجة الأمنية اليائسة لمواجهتها.

المأزق النقابي يحيط بنظام الحكم الجديد، فالذين منحوا أصواتهم للفائزين هم الذين يحتجون. وليس المأزق إلا تعبير عن إيمان نسبة كبيرة من التونسيين عن خيبتهم في من انتخبوهم.

لم ينته الجدل حول قانون المجلس الأعلى للقضاء، بل إنه خلق تضامنا بين كل الهيئات والنقابات القضائية لأول مرة في تاريخ تونس لا سيما جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة.

العدالة الاجتماعية لا يمكن أن تكون مجرد شعار انتخابي لإغواء الناخبين واستمالتهم والحصول على أصواتهم. وإنما هي برنامج يجب أن يكون منطلقا نظريا لمن يرفعه.

قضية الشورابي والقطاري تمثل فشلا ذريعا للسلطات التونسية باعتبار استسلامها للشلل الكامل في التعاطي مع أول عملية نوعية لميليشيا إرهابية قريبة من الحدود التونسية.

لابد لليسار التونسي من أن يغير تكتيكه التنظيمي حتى يتوحد على البرامج والقضايا الكبرى لا على الانتماء الأيديولوجي أو النوستالجيا المثالية الوثوقية.

المسافة بين الوعود الانتخابية وبين المنجز الحكومي ما زالت بعيدة. ولن يكون بمقدار نداء تونس التخلي عن وعوده ولا عن صفته التي وصف بها نفسه أي الصفة الاجتماعية الديمقراطية.

بان التباين والتجاذب بين الرئيس السبسي ووزير خارجيته وذراعه الحزبية اليمنى في أكثر من ملف خاصة منها الملفين الليبي والسوري.

السبسي كان قد دعا النهضويين إلى أن يتتونسوا. فهل يمكن أن تكون هذه التحولات المتعجلة نحو التونسة نهائية صادقة، أم هي من تكتيكات المرحلة حتى تمر العاصفة.

عملية قفصة الأمنية رفعت من نخوة الرئيس التونسي ومسؤولي الحكومة التونسية أمام ضيوفهم. وجاءت بمثابة ثأر لضحايا العدوان وهدية تقدم لرؤساء بلدانهم الذين شاركوا في مسيرة باردو.

من يجب أن يحاسب بتهمة الخيانة وتخريب الوطن حين أتاح للأصولية الإرهابية فرصتها للتمركز في تونس، يكرم اليوم وتبذل له المناصب. الترويكا عاهة ستحملها تونس إلى ما شاء الله.

هذه الأزمة لو استمرت فإنها ستقود إلى انقسام الحزب الحاكم بما سيفقده أغلبيته التي على أساسها تم تكليفه بتشكيل الحكومة، وهو ما يهدد حكومة الحبيب الصيد في وجودها.

الشعب التونسي اختار، بالشروط التي أتاحها له وعيه التاريخي أن يستبدل سواد إخوان النهضة بليبرالية نداء تونس. ولكنه وجد الإخوان يأخذون نصيبهم من الحكم ويفلتون من المحاسبة.

الفرق بين الإدارة والمعالجة كبير، فأن تدير يعني أن تحافظ على الوضع القائم في أقصى الحالات وأن تعالجه فذلك معناه أن تكون هناك استراتيجية وخطة وبرنامج.

من غرائب الحالة التونسية أن الإسلاميين موجودون في الحكم وفي المعارضة ويشكلون المجموعات الإرهابية في الجبال؛ هم شركاء في الحكم، وفي الوقت نفسه ينتمون إلى المعارضة بأدوار مختلفة.

إعلان سرت إمارة داعشية، ومساومة ميليشيا فجر ليبيا في زوارة، ووجود أطراف حزبية ممثلة في البرلمان كانت في الحكم زمن الترويكا قرب منطقة التوتر تجعل تونس في خطر كبير.

تونس تدخل الجمهورية الثانية بملفات اغتيال سوداء مازال الغموض يلفّها، وأثناء الحملة الانتخابية الرئاسية، تعهد السبسي بالكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية.

على الحكومة القادمة أن تحذر حقيقة من خروج الشعب التونسي من أجل معاركه الثلاث الكبرى؛ معركة العدالة الانتقالية، ثم معركة العدالة الاجتماعية، فمعركة العدالة الجبائية.