مصر تسعى لحجز مكانتها على خارطة سياحة اليخوت

تستهدف سياحة اليخوت طبقة مرفهة من الأغنياء الذين يقضون نصف العام يتنقلون بين الموانئ الكبرى، يدورون حول العالم في رحلة بحرية للاستجمام لا تنتهي، ولا يريد هؤلاء الأثرياء عادة تعقيدات ولا إجراءات روتينية، فهم يبحثون عن الرفاهية والراحة. ولتتمكن مصر من جذب مثل تلك الفئة من الأثرياء الذين يبحرون مع قدرة مالية كبيرة على الإنفاق لا بد من تقديم كافة التسهيلات الممكنة، لأن وصولهم إلى موانئ مصر والرسو بها يمثل عائدا اقتصاديا كبيرا لمصلحة السياحة المصرية.
القاهرة - تمتلك مصر عدة مقومات سياحية وفرصا واعدة تسهم في جذب سياحة اليخوت وتحقيق عائد كبير منها، وهو ما أكد عليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي أمر بوضع خطة استراتيجية لجذب هذا النوع من السياحة إلى مصر والعمل على دراسة الإجراءات المنفذة لسياحة اليخوت مقارنة بالدول المنافسة من أجل تيسير الإجراءات وتعظيماً لذلك النوع من النشاط السياحي.
وتعد مصر منطقة جاذبة لسياحة اليخوت بفضل ما تتمتع به من شواطئ تمتد على ساحل البحرين الأحمر والمتوسط، بالإضافة إلى المقومات السياحية المتنوعة والظروف المناخية الملائمة.
وعقب توجيهات الرئيس السيسي عقد مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعاً لمناقشة سبل جذب سياحة اليخوت، بحضور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، ومحمد معيط، وزير المالية، وكامل الوزير، وزير النقل، ومسؤولي الوزارات والجهات المعنية. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة برئاسة وزير النقل بهدف العمل على تيسير إجراءات سياحة اليخوت في مصر وتحديد أبرز التحديات وتقديم المقترحات بشأنها، وتضم في عضويتها وزير السياحة والآثار ووزير المالية ومسؤولي عدد من الوزارات والجهات المعنية.
وعقدت اللجنة اجتماعها الأول في 12 يوليو الجاري وتمت مناقشة الآليات والإجراءات الخاصة بوضع استراتيجية جذب سياحة اليخوت، على أن تتضمن تلك الإجراءات تحديث الخارطة الخاصة بجميع الموانئ على مستوى البلاد سواء القائمة أو المقترحة، مع تحديد المناطق الواعدة التي تمثل نقاط جذب لسياحة اليخوت ووضع الضوابط والقواعد التنظيمية لهذا النوع من السياحة من أجل توحيد جميع الاشتراطات اللازمة لإنشاء وتشغيل الموانئ على مستوى البلاد وعرض هذه الاشتراطات على اللجنة الوزارية للسياحة والآثار برئاسة رئيس مجلس الوزراء كي يتم اعتمادها.
كما أطلقت كذلك منصة “النافذة الواحدة لسياحة اليخوت” يتم فيها تمثيل جميع الجهات المعنية بحيث تكون وزارة النقل (قطاع النقل البحري) هي الجهة المسؤولة عن التنسيق مع جميع الجهات لإصدار جميع التراخيص وتحصيل الرسوم المقررة مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لتبسيط التصاريح المطلوبة لتحرك اليخوت بين جميع الموانئ المصرية، بالإضافة إلى استعراض دور كل جهة من الجهات المعنية في تنفيذ تلك الإجراءات.
ويقول الخبير السياحي إلهامي الزيات إن “مصر لديها مميزات عديدة يمكن أن تضعها في المنافسة مع المراسي العالمية المتواجدة في البحر المتوسط”، مشيرا إلى أن الرسو في ميناءي كان أو نيس في فرنسا غال جدا، أيضا أسعار أثينا وميناء أشدود أغلى من أسعار مصر، وبالتالي نحن لدينا فرص كبيرة لا بد أن نستغلها، فإذا منحت مصر أصحاب اليخوت التسهيلات المطلوبة سيقومون بالرسو عندنا”.
وأشار إلى أن أصحاب اليخوت هؤلاء يمكن أن يظلوا في الميناء لمدة عام، وقال “صاحب اليخت ثري يسعى للاستجمام لمدة أيام قليلة في العام، وباقي العام يظل اليخت في الميناء. إذن هذا دخل وعملة صعبة للبلاد، ثم عندما يغادر يحتاج إلى شراء أشياء من مصر، إذن دخل آخر”.
وأوضح أن “البحر الأحمر مناسب أيضا لهذه السياحة ولكنه يأتي في المرتبة الثانية بعد البحر المتوسط، وذلك بسبب العبور من قناة السويس والرسوم. أما خلف البحر الأحمر فهناك يخوت يمكن أن تمر ولكنها ليست مساوية للعدد الموجود في مياه البحر المتوسط، حيث يجوبها أكثر من 30 ألف يخت سنويا”ً.
من جانبه قال علي المانسترلي رئيس غرفة شركات السياحة بالإسكندرية إن “هذا القرار سيضع مدينة الإسكندرية والساحل الشمالي على خارطة السياحة الدولية في هذا النشاط”.
وأضاف أن سياحة اليخوت تعد من أغلى أنواع السياحة عالميا ويفضلها الكثير من أثرياء العالم ويجب الاهتمام بها، مشددا على ضرورة العمل سريعا لتطوير البنية التحتية والاهتمام بالمراسي ومضاعفة الغرف الفندقية حتى تستوعب الحركة السياحية الوافدة.
وعلى عكس ما يشاع من أن مصر وجهة سياحية رخيصة، استطاعت البلاد أن تدحض ذلك الرأي الشائع وتقفز بمقاصدها السياحية إلى طبقة المليارديرات من مختلف مناطق العالم.
وتتعدد الأماكن في مصر التي تعد جاذبة لأثرياء العالم بداية من المنتجعات الفاخرة على البحر الأحمر وصولا إلى الرحلات النهرية في نهر النيل.
وكان تقرير لصحيفة “بيزنس إنسايدر” الأميركية ذكر عام 2019 أن مصر من بين أكثر الوجهات التي يسافر إليها المليارديرات عام 2019.
وأشار إلى أهم المقاصد السياحية المتنوعة التي تزخر بها مصر وتعكس ما تتمتع به من جاذبية، فهي تتمتع بتاريخ فرعوني ثري وبالعديد من المعالم البارزة، ناهيك عن التأثيرات اليونانية والرومانية والإسلامية التي يجب استكشافها.
ومن أكثر الأماكن السياحية الجاذبة للأثرياء رحلات اليخوت في البحر الأحمر، والتي تعبر عن رفاهية يهواها رجال الأعمال، فالبحر الأحمر مناسب أيضا لهذه السياحة، ويضم عددا كبيرا من الموانئ المهيأة، وهناك يستمتع السائح بالصيد في البحر الأحمر والرياضات المائية المختلفة خاصة الغطس الذي يحظى بشهرة عالمية.
ومن أشهر الموانئ التي تستقبل الأثرياء مارينا نعمة، وتعتبر أول مارينا لليخوت في خليج نعمة بشرم الشيخ، وقد تم إنشاؤها بأحدث الأساليب التكنولوجية، وكان المشروع خطوة هامة على طريق تنمية سياحة اليخوت، بالإضافة إلى مارينا الغردقة التي تقع على مساحة 60 ألف متر مسطح. وتستوعب مارينا حوالي 188 يختاً في وقت واحد بالإضافة إلى 128 وحدة سكنية وشقة فندقية.
وتوجد أيضا مرتفعات طابا التي توفر مراسي آمنة وخدمة صيانة على أعلى مستوى وجميع وسائل الراحة، وتحتضن مارينا مرتفعات طابا وهي منطقة مياه مساحتها 11500 متر مربع وعمقها يتراوح بين 2.5 و3 أمتار، ويمكن أن تسع حتى 50 يختا وتوفر المراسي الليلية وخدمات إعادة التزويد بالوقود.
أما ثانية الرحلات التي تجذب الأثرياء فهي رحلات النيل كروز الفاخرة بين الأقصر وأسوان، حيث يوجد عدد من البواخر الفاخرة التي يعود تاريخها إلى عقود وربما إلى العصور الملكية، والتي تتجاوز تكلفتها في ذروة الموسم الشتوي 2500 يورو للشخص الواحد.
وتعكس الرحلة التجول بين تاريخ مصر حيث الحضارة الفرعونية، وتعد الأقصر أيضًا موطنًا لمواقع مثل معبد حتشبسوت ومعبد الكرنك، ويعتبرها الكثيرون أكبر مجمع للمعابد في مصر.
كما تحولت منطقة الساحل الشمالي ومنطقة العلمين الجديدة التي تتميز بشواطئها الرملية المميزة أيضا إلى وجهة للنخب خاصة من رجال الأعمال وأثرياء منطقة الخليج، وهي تتألق خاصة في الموسم الصيفي، وحظيت تلك المنطقة بدعم كبير من الدولة مؤخرا بهدف تنميتها والاستفادة منها سياحيا على مدار العام، وهي خطوة مهمة لجذب السياح من ذوي الإنفاق المرتفع.