مصر تستعين بالمنتجات الروسية لتوفير الأغذية الأساسية

طرح زيت طعام روسي بالسوق يهدد خطط القاهرة نحو توطين الصناعة وزيادة الصادرات.
السبت 2023/02/11
أين رفوف الزيت الروسي؟

تتطلع الشركات المصرية إلى توسيع استيراد السلع الغذائية الأساسية من روسيا في الفترة المقبلة لسد العجز بالسوق ومواجهة مشكلة نقص الخامات بالمصانع إذ تزداد معاناة بعضها بسبب دفع الغرامات وأجور العمالة، لكن الخطوة تقوض النهوض بتوطين الصناعة.

القاهرة - سمحت القاهرة لعدد من الكيانات الخاصة باستيراد الزيت الروسي لسد فجوة الاستهلاك المحلية ومواجهة مشكلة نقص عدد من السلع الغذائية، فضلا عن الارتفاع القياسي في أسعار الزيت بالأسواق المحلية.

ويأتي توفير هذه السلع عبر المعرض الدائم للأغذية الروسية بالقاهرة، والذي يلعب دورا رئيسيا في تشبيك الشركات المصرية الراغبة في استيراد السلع الغذائية من روسيا بالشركات المصدرة، وهي خطوة تعزز انتشار المنتجات في مصر، لكن يحكمها سعر الدولار أيضا في البلدين.

وقال عمرو البلتاجي مدير المعرض لـ”العرب” إن “المعرض يضم منتجات لنحو 40 شركة روسية تعتزم بيع منتجاتها في مصر في المرحلة المقبلة”.

عمرو البلتاجي: المعكرونة والعدس الروسيان سنراهما في مصر قريبا
عمرو البلتاجي: المعكرونة والعدس الروسيان سنراهما في مصر قريبا

وأوضح أن زيت الذرة وعباد الشمس الروسي “التيرو” بدأ طرحه في السلاسل التجارية بأسعار تنافسية، وهو زيت صاف ينافس المنتجات المصرية، وتم الاستيراد دون صعوبات خاصة عقب توفير الدولار من قبل البنوك، ما سمح بسرعة دخول الشحنة.

وأوضح أن المعرض يتيح للعملاء أكثر من شركة للزيوت، ما يسمح بتنوع الأسعار مع الجودة العالية، كما أنه من ضمن الشركات التي ظهر منتجها في مصر شركة أفكو الروسية، حيث طرحت زجاجة زيت عباد الشمس 810 ملليلتر باسم “التيرو”.

وتباع الزجاجة الواحدة من هذه النوعية من الزيوت بنحو 58 جنيها (1.9 دولار).

وتعد أفكو من كبرى الشركات التي توجد منتجاتها بالمعرض، وتمتلك أكثر من 30 مصنعا في روسيا، ومنتجها هو أول زيت روسي تام الصنع يباع في مصر، وتم تكريره وتعبئته وتغليفه في روسيا.

وأشار البلتاجي إلى أن الأيام المقبلة ستشهد طرح 3 أصناف جديدة عالية الجودة من الزيوت الروسية منها زيت يوروسيا وسنوبادا، ومنتجات أخرى مثل المعكرونة والعدس والدقيق والشوكولاتة، لافتا إلى أن المعرض يقوم بتوفير المنتجات للزبائن ويعرض التذوق عليهم.

ويتضمن المعرض توفير السلع الغذائية الإستراتيجية سواء المعكرونة والعدس الأحمر والأخضر والبني، بجانب الدقيق بدرجاته المختلفة.

ويعد دخول المنتجات الروسية تامة الصنع إغراقا للسلع المصرية، لأن مصانع الزيوت مثلا لا تعمل بكامل طاقتها، وبعضها متعطل حاليا لعدم الإفراج كليا عن خامات الإنتاج المتكدسة بالموانئ لعدم وفرة الدولار.

كما أن السماح بتداول تلك السلع فتح الباب على مصراعيه للراغبين في الاستيراد على حساب التصنيع المحلي، ولا يواكب خطة مصر الرامية إلى توطين الصناعات الغذائية في البلاد.

وتبلغ نسبة الإنتاج المحلي المصري من الزيوت 3 في المئة ويتم استيراد 97 في المئة منها لسد العجز بالسوق المحلية.

سيد بسيوني: خطوة سلبية تشجع على الاستيراد وإغلاق المصانع
سيد بسيوني: خطوة سلبية تشجع على الاستيراد وإغلاق المصانع

وأكد سيد بسيوني عضو مجلس إدارة لجنة الصناعات الغذائية بجمعية مستثمري العاشر من رمضان أن طرح المنتجات الروسية في هذا التوقيت عليه علامات استفهام كثيرة، خاصة أن بعض شركات الزيوت العاملة بالسوق المحلية متوقفة عن العمل منذ فترة.

ويفترض أن تقوم السلطات بتوفير الدولار للمصانع لتشغيل العمالة وزيادة معدلات الإنتاج محليا، لأن استيراد السلع تامة الصنع يشجع على التجارة والاستيراد، فالمصانع لديها بطاقات استيراد والأسهل لها القيام بذلك، لكن يأتي ذلك على حساب تسريح العمالة.

كما ينبغي التوسع في استصلاح واستزراع الأراضي الصحراوية وزراعة المحاصيل الزيتية، مثل فول الصويا وعباد الشمس، مع وضع إستراتيجية وأهداف للنهوض بالمحاصيل الزيتية لتشمل زراعة محاصيل جديدة يعتمد عليها في سد الفجوة في مادة الزيت.

وتبدو الحكومة مطالبة بالعمل على رفع درجة وعي المواطنين لترشيد الاستهلاك وتقليل الفاقد من الزيوت، ووضع أسعار مناسبة للمزارعين، مما يشجعهم على زيادة المساحات المزروعة من المحاصيل الزيتية، وبالتالي زيادة الإنتاج وينخفض الاستيراد.

ويضر تشجيع خطوة دخول المنتجات الروسية بالعديد من المدخلات المكملة للصناعات الغذائية مثل البلاستيك والكرتون والطباعة والتغليف والنقل وغيرها من المجالات التي توفر الآلاف من الوظائف في مصر، ومن ثم لا يمكن حل أزمة مع تصدير مشكلة أعمق منها.

وأضاف بسيوني في تصريح لـ”العرب” أن “أزمة الخامات بالمصانع لا تزال قائمة لعدم وجود عملة أجنبية كافية في مصر، ومع رغبة شركات الأغذية في العمل لكن العملة الصعبة لا تتاح بالبنوك، وبات أسهل استثمار في مصر حاليًا هو التجارة والاستيراد”.

وتابع “من يتاجر لا يتعرض للأزمات الناشئة عن التعامل مع الجهات الحكومية للحصول على التراخيص والحماية المدنية أو هيئة التنمية الصناعية، وهذا حال نجم بسبب تشجيع استيراد المنتجات تامة الصنع”.

أحمد عتابي: وفرة المعروض من السلع الأساسية تكبح زيادة أسعارها
أحمد عتابي: وفرة المعروض من السلع الأساسية تكبح زيادة أسعارها

ودفع رفع أسعار الفائدة مع احتدام أزمة شح الدولار ونقص مستلزمات الإنتاج، الكثير من المستثمرين إلى إيقاف أنشطتهم والتفكير بجدية في إيداع أموالهم بالبنوك لارتفاع العائد منها.

وتؤكد أغلب أوساط الأعمال أن إستراتيجية مصر يجب أن تركز على الصناعة بشكل كبير ثم الزراعة، وإلا سيظل الاقتصاد ساكنا، ويفاقم ذلك فتح نافذة جديدة لاستيراد السلع في صورة تامة الصنع، ويناقض خطة الدولة الرامية إلى زيادة الصادرات في الفترة المقبلة.

ووضعت السلطات خطة ترتكز على تعميق الصناعة المحلية والوصول إلى مستهدفات 100 مليار دولار صادرات، بحسب تصريحات رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.

لكن التجار لديهم رأي مختلف، حيث يقول أحمد عتابي عضو مجلس إدارة شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بمحافظة الجيزة القريبة من القاهرة، إن تعدد السلع في السوق المصرية يخلق مزيدًا من التنافس مع مثيلتها في مصر ويمنع ارتفاع الأسعار بصورة مبالغ فيها.

وأوضح لـ”العرب” أن بدء طرح المنتجات الروسية بمصر ومنها زيوت الطعام في صالح المستهلك، لأن السلع الروسية عالية الجودة، كما أن أسعارها ستصبح أقل من المصرية بمعدلات تتراوح من 5 إلى 10 في المئة بالمقارنة بالأسعار الحالية للدولار.

وذكر البنك المركزي الخميس الماضي أن معدل التضخم الأساسي ارتفع إلى 31.24 في المئة على أساس سنوي في يناير الماضي من 24.4 في المئة في ديسمبر 2022.

10