مصر تستعين بالقطاع الخاص لبيع أصول شركاتها

قررت مصر الاستعانة بمؤسسات خاصة للترويج لبيع بعض شركاتها الكبرى، ودعم برنامج الطروحات، في خطوة تأتي على الرغم من وجود كيان حكومي يعمل بفكر وإدارة القطاع الخاص وتم تدشينه خصيصا لتسريع خطط الدولة نحو التخارج من أصول تابعة لها.
القاهرة - يبدأ القطاع الخاص المصري جولة جديدة في عدد من دول الخليج وآسيا ليحل محل الحكومة لدعم برنامج طروحاتها باعتباره منفذا لتدفق المزيد من العملات الأجنبية، بعد عدم ظهور ملامح إيجابية لحملات سابقة في الخليج.
واستعانت القاهرة بشركة كومباس كابيتال للترويج لبيع حصتها في الشركة المصرية لإنتاج البروبلين والبولى بروبلين (خامات البلاستيك) التي تعد أحد أكبر المنتجين في البلاد وشمال أفريقيا مع قدرة إنتاج تبلغ 300 ألف طن سنويا.
وتعتزم الشركة القابضة للبتروكيماويات المالكة لها بيع 22 في المئة لمستثمرين خليجيين أو آسيويين، مع التركيز على الصين، في خطوة تفتح الباب أمام تكرار التجربة مع احتدام أزمة العملة ووقوف الحكومة عاجزة عن حلها.
وقالت مصادر حكومية لـ”العرب” إن الفترة المقبلة ستشهد اللجوء إلى شركات الاستثمار الخاصة للترويج لبرنامج الطروحات، خاصة أن البورصة قررت تحديد أكثر من شركة بكل قطاع للإدراج في سوق المال، ويتم ذلك بشكل منتظم، حيث تطرح الشركات تباعا بكل قطاع.
وتعددت أدوات الترويج لبرنامج طروحاتها مؤخرا، بين وزارة التخطيط والصندوق السيادي وصندوق ما قبل الطروحات، بجانب وزارتي الهجرة والمالية، لكن لم تؤتِ تلك الجولات ثمارها المرجوة حتى الآن، مع عدم القدرة على بيع حصص بالشركات التابعة للقوات المسلحة.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي أن بلاده جمعت 5.6 مليار دولار من التخارج بشركات الدولة في إطار برنامج طروحات عام 2022.
ويلعب القطاع الخاص دورا محوريا في الترويج الخارجي وجذب مستثمرين أجانب لشراء حصص في شركات الدولة، لكن تم تأسيس شركة أن.آي كابيتال تتبع لوزارة التخطيط لهذا الغرض وأيضا بنك الاستثمار القومي.
وتدار هذه الأدوات بفكر القطاع الخاص وعبر قيادات تولت مناصب تنفيذية بكبرى بنوك الاستثمار العاملة في البلاد.
ويعد التعاقد مع كيانات خاصة خطوة غامضة تُهمش دور أن.آي كابيتال وتثير شكوكا حول انتفاء الغرض من تأسيسها، لكن رئيسها التنفيذي محمد متولي أكد في تصريحات صحافية سابقة أن الشركة لا تزال موجودة وتعمل في ظروف طبيعية.
وحسب موقع الشركة الإلكتروني فإن اختصاصاتها متعددة ولو نفذتها لن تكون ثمة حاجة لكيانات جديدة تتولى برنامج الطروحات.
ومن ضمن اختصاصاتها صفقات الدمج والاستحواذ وإعادة الهيكلة وعقد الصفقات الإستراتيجية وصفقات التخارج، بخلاف الطروحات الأولية وتنشيط سوق المال.
ومع أن نشاط كومباس كابيتال التي تأسست عام 2010 محلي، لكنها حديثة العهد في الترويج، كما ليست لها سابقة في صفقات الاستحواذ العربية أو الأوروبية، وربما تراهن على خبرة مؤسسها شامل أبوالفضل الذي تولى منصبا تنفيذيا في 2003 بمجموعة سيتي بنك الأميركية فرع سويسرا.
40
مليار دولار مستهدف الحكومة من جذب الاستثمارات الخاصة بحلول العام 2026
وتزامنت الخطوة الحالية مع ما كشفته تقارير بأن شركة بترول أبوظبي (أدنوك) تراجعت عن استكمال المنافسة على صفقة شراء محطات شركة وطنية بعدما كانت وصلت إلى المراحل النهائية، ولم تتقدم بعرض نهائي، ما يصعب عملية الترويج نسبيا.
وقال عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للأوراق المالية ياسر عمارة إن “القطاع الخاص أحد الأدوات التي يمكن أن تستعين بها السلطات للترويج لبرنامج الطروحات”.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أنه يجب أن توضع سابقة الأعمال للشركات التي يسند الترويج إليها في الحسبان، وتكون في مقدمة شروط الاختيار.
وأشار إلى وجود ارتباك في برنامج الطروحات، حيث يتم التعامل بعشوائية مع بيع الشركات الكبيرة، والحكومة تتعامل مع البرنامج من منطلق الرغبة في بيع الشركات عبر أي طرف ينهي الصفقة.
كما لفت إلى أن بنوك استثمار أو كيانات خاصة أخرى على صلة ببعض صناديق الاستثمار الأجنبية قد تقدم عروضا مغرية للحكومة تساعدها على بيع الشركات ومن هنا تقبل السلطات.
ويرى محللون أن تحرك الحكومة ناجم عن رغبتها في ترشيد النفقات، خاصة أن قيام أن.آي كابيتال بالترويج يتطلب تمويلا بالدولار من بنك الاستثمار القومي، وهي خطوة ربما تثير أزمات لأن الدولة تواجه صعوبات بالغة في توفير العملات الصعبة للسلع الأساسية والأدوية.
وتحوم شكوك حول مدى نجاح خطة الترويج وسط موجات متلاطمة تضرب الاقتصاد المصري بسبب أزمة سعر الصرف وتداعيات الحرب على قطاع غزة.
وقال عضو جمعية شباب الأعمال عمرو شيحة لـ”العرب” إن “الصفقات الاستثمارية الكبرى لا تعبأ بمشكلة سعر الصرف على الأجل القصير وتعتبره أزمة عابرة”.
وأضاف “لذلك نجحت الحكومة في بيع حصص بالشرقية للدخان ومجموعة الفنادق التاريخية، ثم الاتفاق على استثمارات مشروع رأس الحكمة في شمال غرب مصر لمستثمرين أجانب.
وأكد شيحة أن الاستثمار المباشر عند شراء حصص بشركات كبيرة يستوجب أن يوضع تقييم لسعر الصرف لمدة خمسة أعوام مقبلة على الأقل، لكن يجب أن تضمن الحكومة تحويل الأرباح بالدولار للشركات التي تدخل السوق المحلية.
ويعد توفير مناخ مشجع على الاستثمار، أداة مهمة تتسلح بها الحكومة عند التفاوض مع الأجانب حاليا لشراء حصص من ملكية شركاتها.
واستنادا على ذلك تبذل السلطات جهودا وتتيح سهولة تملك الأجانب للأراضي وآخرها الأراضي الصحراوية، وإتاحة الرخصة الذهبية للمشروعات الكبرى، وغيرهما من حوافز إنقاذ المستثمرين من البيروقراطية العقيمة.
وتدخل الحكومة في تحد كبير، إذ تستهدف تحصيل نحو 5 مليارات دولار عبر طرح حصص بشركات وأصول مملوكة للدولة بنهاية شهر يونيو المقبل.
ولفت شيحة إلى عدم تأثر الخصخصة أو برنامج الطروحات الحكومية أو إرجائه بسبب التوترات الإقليمية، ومع ثبات الموقف من رفض التهجير القسري لأهالي غزة.
وتعتبر الطروحات جزءا من وثيقة سياسة ملكية الدولة التي حددت كيفية قيام الحكومة بتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد لأكثر من الضعف إلى 65 في المئة وجذب 40 مليار دولار من الاستثمارات الخاصة بحلول عام 2026.
وبموجب اتفاقية القرض الأخير الذي توصلت إليه القاهرة وصندوق النقد الدولي، تتعهد الحكومة بتقليص دورها في الاقتصاد وبيع حصص في شركات الدولة وأخرى للجيش عبر الإدراج مع بيع حصص إلى مستثمرين استراتيجيين وتوسيع شراكات القطاعين العام والخاص.