مصرف ليبيا المركزي يعلق كافة أعماله بعد اختطاف أحد مسؤوليه

طرابلس – قال مصرف ليبيا المركزي الذي يتخذ من مدينة طرابلس مقرا له إنه قرر إيقاف جميع أعماله وعدم استئنافها حتى يتم إطلاق سراح مسؤول كبير بالمصرف تعرض للخطف اليوم الأحد.
ويعد المصرف الجهة الوحيدة المعترف بها دوليا فيما يتعلق بإيداع إيرادات النفط، وهي دخل اقتصادي حيوي للبلد المنقسم منذ سنوات بين حكومتين متنافستين في طرابلس وبنغازي.
وقال المصرف إن "جهة مجهولة" تقف وراء خطف مصعب مسلم مدير إدارة تقنية المعلومات بالبنك اليوم.
وأضاف في بيان "يؤكد مصرف ليبيا المركزي رفضه لهذه الأساليب الغوغائية التي تمارسها بعض الأطراف خارج إطار القانون".
وأضاف المصرف أنه جرى "تهديد بعض المسؤولين الآخرين (في المصرف) بالخطف"، وبالتالي فإنه قرر "إيقاف كافة أعمال المصرف وإداراته ومنظوماته".
وأكد أنه "لن يتم استئناف أعمال المصرف إلى أن يتم الإفراج عن مصعب مسلم وعودته للعمل وإيقاف مثل هذه الممارسات، وتدخل الأجهزة ذات العلاقة".
وبينما لم يشر مصرف ليبيا إلى خلفية الاختطاف، إلا أنه يأتي في أعقاب بيان لمجلس النواب في البلاد، أكد فيه رفضه "محاولات عدد من الأشخاص السيطرة على مصرف ليبيا المركزي خلال اليومين الماضيين".
وأضاف البيان أن تلك المحاولات بدأت بالتحريض على اقتحام مقر المصرف، "ثم محاولة إيجاد مبرر لعزل محافظه الصديق الكبير بالقوة والتهديد".
وفي المقابل، أكد قسم تقصي الحقائق والرصد والتوثيق بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيـا اليوم الاحد أن مسؤول إدارة تقنية المعلومات بالمصرف المركزي "ليس مختطفا" وإنما "موقوف على ذمة التحقيق بشأن تهم منسوبة إليه".
وقال القسم في إيجاز صحافي بعد تواصله مع رئاسة جهاز الأمن الداخلي، إن موظف المركزي تمكن من الاتصال بأسرته، وأوضح أنه بحالة صحية جيدة ولم يتعرض لأي أذى، لافتا إلى تحرير محضر بالواقعة المتهم فيها، وإحالته إلى النيابة العامة المختصة.
وقبل أيام، قال محافظ المصرف المركزي الصديق الصديق الكبير خلال لقاء مع المبعوث الأميركي لليبيا ريتشار نورلاند، إن "المصرف يتعرض لتهديدات متزايدة تطال أمنه وسلامة موظفيه وأنظمته".
وحذر نورلاند من محاولة لاستبدال محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير بالقوة، وذلك بعد رشحت معلومات عن نية مجموعات مسلحة موالية لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة محاصرة المصرف في العاصمة طرابلس واستبدال محافظه بالقوة.
ويرى مراقبون أن حكومة الدبيبة بدأت تفقد الدعم الإقليمي والدولي خصوصا الدعم الأميركي، بعد الرسالة الحازمة التي وجهتها له الإدارة الأميركية عبر سفيرها نورلاند تضمّنت رفضها لأيّ تحرّك قد يستهدف محافظ مصرف ليبيا المركزي، وهدّدت بأنها ستجعل ليبيا معزولة مالياً.
وتكشف هذه التطورات، عن المخاطر الناجمة عن الجمود السياسي في ليبيا، التي وصلت تداعياته إلى المصرف المركزي، خاصة بعد توتر علاقات سلطات طرابلس مع محافظ المصرف حيث ترغب في إقالته بسبب إدارته للميزانية، مقابل تقاربه مع البرلمان الموجود في الشرق، الذي أعلن دعمه لبقائه في المنصب.
وبرزت بوادر الخلاف بين المصرف المركزي والحكومة في طرابلس منذ نهاية العام الماضي، حيث اتهم الصديق الكبير، حكومة الدبيبة بالتوسّع في الإنفاق العام، إلى جانب صرف المنح والإعانات، مشيراً إلى أن الدبيبة قدّم للشعب صورة وردية للاقتصاد الليبي، بما يعدّ تضليلاً للرأي العام.
وتثير هذه الصراعات، مخاوف من تصاعد التوتر وانهيار اتفاق جينيف الذي ينص على وقف إطلاق النار، وبالتالي عودة الاضطرابات، حيث لا توجد أي مؤشرات على وجود توافق أو رغبة محلية ودولية لإنهاء مرحلة الجمود السياسي والذهاب بالبلاد نحو الانتخابات.
ولم تشهد ليبيا إلا القليل من فترات الهدوء والسلام منذ أن أطاحت انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي بمعمر القذافي. والبلاد منقسمة منذ 2014 بين فصائل متناحرة في الشرق والغرب.
وفي التاسع من أغسطس، قتل تسعة أشخاص على الأقل وأصيب 16 إثر اشتباكات نشبت بين فصيلين مسلحين في منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس.
وتتنازع حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى برئاسة الدبيبة المتمركزة بالعاصمة وتدير منها كامل غرب البلاد، والثانية حكومة "الاستقرار" المكلفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية، ويرأسها أسامة حمّاد.
وخلق وجود حكومتين بالبلاد أزمة سياسية يأمل الليبيون في حلها عبر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لكن لا يبدو أن هذه الآمال قابلة للتحقق في ظل صراع الأضداد القائم، والذي بات ينذر بالخروج عن السيطرة.