مشعل الأحمد يضع مجلس الأمة في مواجهة مباشرة مع الكويتيين

ولي العهد الكويتي يطلق وثيقة عهد جديدة لإنقاذ البلاد من الصراعات.
الأربعاء 2022/10/19
التغيير مرهون بسلوك مجلس الأمة

الكويت- وضع ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح مجلس الأمة الجديد أمام مسؤولياته، ووجه إليه رسائل واضحة حث فيها النواب على القطع مع المهاترات والمشاجرات والتفرغ لدورهم التشريعي الذي ينتظره المواطنون، مطالبا الكويتيين بمتابعة أعمال المجلس ومحاسبة النواب إذا قصّروا، في خطوة وصفتها أوساط سياسية كويتية بأنها ذكية لجعل البرلمان في مواجهة مباشرة مع الكويتيين.

وقالت الأوساط السياسية الكويتية إن الشيخ مشعل سحب من النواب كل المبررات عبر نأي الحكومة -ومن ورائها السلطة- عن عملية الانتخاب، أوّلا خلال الحملات الانتخابية وعدم تزكية ودعم من كان يطلق عليهم اسم نواب الحكومة، ثم لاحقا عبر عدم التدخل في انتخاب رئيس المجلس ومكتبه ولجانه المختلفة، وهو ما يعني أن السلطة تمسكت باستقلالية البرلمان ومنعت الخلافات التي كان يغذيها صراع الأجنحة داخل الأسرة الحاكمة.

وأضافت هذه الأوساط أن ما يحكم خطاب ولي العهد الكويتي هو وضع الجميع أمام مسؤولياتهم من أجل “إنهاء حالة التوتر التي كانت سائدة طوال السنوات الماضية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتحقيق التوافق والانسجام بينهما”، وهو ما من شأنه أن يسحب البساط من تحت أقدام نواب المعارضة الذين كانوا يلجأون إلى عرقلة عمل الحكومة ووقف مصالح الكويتيين بزعم أن من مهامهم الرد على تدخلات الحكومة.

◙ الحكومة لم تشارك في التصويت لاختيار أي من مناصب البرلمان، التزاما بما وعد به ولي العهد من وقوف على الحياد

وطالب ولي العهد في كلمته أعضاء السلطة التشريعية “بالارتقاء بالممارسة الديمقراطية والبعد عن إضاعة جلسات المجلس بمهاترات ومشاجرات ورفع الجلسات قبل موعدها”.

ودعاهم إلى “التركيز بدلا من كل ذلك على تعزيز الدور الرقابي للمجلس وعلى تفعيل دوره التشريعي بإصدار القوانين”. وأكد على ضرورة أن يقوم النواب بترتيب أولوياتهم للمرحلة القادمة “بحيث لا تكون ملفات المتطاولين والمخالفين والخارجين على القانون هي أهم أولوياتكم على حساب خطط التنمية الشاملة للدولة”.

وقال الشيخ مشعل في كلمة ألقاها نيابة عن أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح في افتتاح البرلمان، وغالبته دموعه في نهايتها، “إننا شعبا وقيادة سياسية نأمل منكم أن ينتهي زمن توتر وتصدع العلاقات بينكم”.

وطالب مجلس الأمة والحكومة باحترام الدستور وأن يحل بينهما زمن التوافق والانسجام وصفاء القلوب وصدق النوايا وتوحيد الكلمة.

وقال “كفى ما قد أهدر من جهود مضنية ومن أوقات ثمينة وأموال مهدرة في غير موضعها لم يستفد منها الوطن ولا المواطنون”.

ويراهن الكويتيون على أن يمهد هذا الخطاب للقطيعة بين المرحلة السابقة بكل الفوضى التي اتسمت بها وبين المرحلة الجديدة التي يريدها ولي العهد، ولأجل ذلك سمى خطابه “خطاب وثيقة العهد الجديد”؛ حيث قال “لئن كان خطابنا في 22 يونيو الماضي (خطاب حل البرلمان)، هو خطاب العهد الجديد، فإن خطابنا اليوم أمام مجلسكم هو خطاب وثيقة العهد الجديد، الذي يُعتبر خطاب توجيه وإرشاد ومتابعة، ورسالة موجهة من القيادة السياسية إلى أبناء وطني وإلى السلطات، لما يجب أن يكون عليه العمل في المرحلة القادمة”.

واختار المجلس رئيسا له بالتزكية، وهو البرلماني المخضرم أحمد عبدالعزيز السعدون، الذي شغل هذا المنصب بين عامي 1985 و1999، وسط تصفيق حار من النواب، كما انتخب محمد براك المطير نائبا للرئيس.

ولم تشارك الحكومة في عملية التصويت لاختيار أي من مناصب البرلمان، التزاما بما وعد به ولي العهد من وقوف على الحياد في انتخاب أعضاء المجلس وانتخاباته الداخلية أيضا لكي “يكون المجلس سيد قراره”.

وعقب اعتلاء المنصة أعرب السعدون عن أمله في أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة إنجاز.

وبعد صراع طويل بين البرلمان السابق والحكومة السابقة أعلن ولي العهد في يونيو حل البرلمان، وأعقب ذلك قبول استقالة الحكومة وتعيين الشيخ أحمد نواف الصباح رئيسا جديدا للوزراء وإجراء انتخابات جديدة أسفرت عن فوز ساحق للنواب الذين عارضوا الحكومة السابقة.

وتعتمد الكويت بشكل شبه كامل على إيرادات النفط لتمويل الميزانية العامة، وفشلت الحكومات السابقة في إقرار إصلاحات مالية واقتصادية مهمة بسبب الصراع مع البرلمان.

ويشكو المواطنون الكويتيون من بطء عجلة التنمية وتواضع ما يقدم لهم من خدمات مقارنة بدول خليجية أخرى، كانت الكويت قد سبقتها في مجال التنمية.

وعين ولي العهد، الذي تولى معظم مهام الأمير، الشيخ أحمد نواف الصباح لأول مرة رئيسا للوزراء في يوليو بعد أن نظم بعض نواب المعارضة اعتصاما مفتوحا للضغط من أجل تعيين رئيس وزراء جديد.

وحاول ولي العهد، منذ أن اضطلع بمعظم واجبات الأمير في أواخر العام الماضي، تحقيق التوافق المفقود بين الحكومة المكلفة والبرلمان المنتخب والدفع بعجلة الإصلاحات.

وانتقد أغلب النواب علنا الحكومة التي وافق عليها الشيخ مشعل في الخامس من أكتوبر بوصفها لا تعكس نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي أجريت في سبتمبر، والتي حققت فيها المعارضة مكاسب كبيرة.

ودفع ذلك ولي العهد إلى تأجيل الجلسة الافتتاحية للبرلمان التي كان من المقرر أن تُعقد في الأسبوع الماضي. وبعد ذلك أجرى رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الصباح محادثات مع النواب. وأعلنت الكويت الأحد عدة تعديلات، من بينها ما يختص بمنصبيْ وزير النفط ووزير الخارجية.

وقال ولي العهد إن أعضاء الحكومة “تقع عليهم مسؤولية النزول إلى القاعدة بهدف تلمس احتياجات المواطنين والسعي إلى تحقيق مطالبهم”.

وطالب الحكومة بوضع خطة إستراتيجية توضح فيها برنامج عملها بهدف الوصول إلى ما يسمى “الحوكمة الرشيدة”.

ووجه الحكومة بإعلان وتبني مبادرتين، الأولى “المراجع الخفي” والثانية “المبلّغ السري” لأجل مراقبة الموظف وكيفية تعامله مع المراجعين، مع “وضع الضوابط القانونية لكل من المبادرتين منعا للتجني على الموظف والافتراء عليه”.

ودعا أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى “البعد عن الانشغال بصغائر الأمور والتركيز على ما ينفع البلاد والعباد”.

وفي كلمته أمام البرلمان تحدث رئيس الحكومة عن استقبال “عهد جديد بأجواء من التفاؤل والأمل، والمضي نحو مرحلة جديدة من التعاون المنشود بعيدا عن أجواء الصراعات”.

ووعد بتقديم برنامج عمل الحكومة الذي يتسم “بالواقعية وقابلية التنفيذ وفق برنامج زمني محدد”.

وقال إن البرنامج سيتضمن مبادرات لاستدامة المالية العامة وتنويع الإيرادات المالية للدولة وإعادة هيكلة القطاع العام ومكافحة الفساد وتعزيز النزاهة وتجفيف مصادر غسيل الأموال والاتجار بالمخدرات.

1