مشروع مصري لمحاربة التسرب من التعليم.. حوافز للأسر الفقيرة

القاهرة - تعاني أسر كثيرة في مصر من أزمة كبيرة، في ما يتعلق بالطلاب المتسربين من التعليم، منهم من أصبح الشارع الملاذ الوحيد له، بعدما فشل في التأقلم مع المدرسة، ومنهم من اضطر إلى العمل وهو صغير السن، لمساعدة أسرته على مواجهة الأعباء الاقتصادية المتفاقمة نتيجة لارتفاع الأسعار.
ولم تنجح الحوافز التي جرى اتخاذها في الماضي، في إعادة هؤلاء الطلاب إلى محراب العلم، وكان من بينها تقديم هدايا ووجبات ساخنة، حيث وجدت وزارة التعليم المصرية أن أغلبهم تركوا المدرسة إلى الأبد لمساعدة أسرهم، فما كان من الوزارة إلا أن سلكت اتجاهاً جديدا، ولجأت إلى تقديم إغراءات مالية وعينية لأسر الطلاب المتسربين من المدارس، نظير إعادتهم إلى مقاعد الدراسة، كأحد الحلول بعدما فشلت كل السبل في إعادة هؤلاء إلى الدراسة. وقالت رانده حلاوة، وكيلة وزارة التربية والتعليم لمكافحة التسرب من التعليم، إنه بعد اكتشاف هروب أكبر نسبة من التلاميذ للعمل في سن صغيرة، تم الاستقرار على تعويض أسرهم ماديا، نظير استكمال تعليمهم.
وأضافت أن المبلغ المقترح حتى الآن هو 600 جنيه (نحو 40 دولارا) يتم صرفها شهريا للأسرة الواحدة، وهذا المبلغ قابل للزيادة، مع تقديم المزيد من المزايا لمن يوظب الدراسة.
ويمثل هذا المبلغ للأسر الفقيرة في مصر، قيمة كبيرة لمواجهة أعباء المعيشة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، واختفاء البعض منها، مثل الأرز والسكر، وبالتالي فإن وزارة التعليم سوف تكون ملزمة بتوفير هذه السلع، لأسر المتسربين من المدارس.
في هذا المشروع تعتمد الوزارة بشكل أساسي على الأسرة نفسها، لأنها هي التي دفعت ابنها إلى ترك الدراسة، وبالتالي فإن التوجه الأكبر، أن يتم منحها مزايا لإعادته إلى التعليم، وغلق الثغرات داخل الأسرة، في حال أعادت الطفل إلى المدرسة.
لن يتحصل رب الأسرة على المبلغ بشكل نقدي، بل سيكون في صورة سلع أساسية، تضاف على البطاقة التموينية، على أن يحدد هو بنفسه نوعية هذه السلع، شريطة ألا تكون من بينها منتجات مضرة بالصحة، أو ممنوع تناولها من جانب الأطفال. وتكون السلع الممنوعة في الغالب السجائر والكحوليات والمقرمشات والمياه الغازية، أما السلع الأهم على البطاقة التموينية فستكون عبارة عن أرز ومعكرونة وزيت وسكر وسمن ومنظفات وحلوى، وخلافه، وكل هذه السلع يتم تقديمها في صورة “مكافأة للأسرة”.
وقــالت مصادر لــ”العرب" إن وزارة التعليم سوف تشكل لجانا من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، وأساتذة علم اجتماع لزيارة الأسر التي يتسرب أبناؤها، والتحدث معها، لإقناعها بالفكرة.
وتوصلت إلى أن مستلزمات المدارس ومصروفاتها، ربما تقف حائًلا دون موافقة أسرة الطفل على إعادته إلى المدرسة، فقررت أن تتحمل، بالتعاون مع جمعيات أهلية ووزارة التضامن الاجتماعي، تكاليف مستلزمات المدارس، من أدوات مكتبية وملابس ومصروفات، ما يعني أن الأسرة لن تتكفل بأي مصروفات، بل ستتحصل على مكاسب.
وزارة التعليم المصرية تشكل لجانا من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، لزيارة الأسر التي يتسرب أبناؤها، والتحدث معها، لإقناعهم بالعودة إلى الدراسة
وأكدت حلاوة أنه بالإضافة إلى تقديم السلع الأساسية للأسرة، سوف يتم تخصيص 10 آلاف جنيه (حوالي 700 دولار) لكل أسرة، كقرض يسدد على عامين، دون فوائد بنكية، لمساعدتها على إقامة مشروع صغير، تنفق من خلاله، ويكون بديلًا عن الدخل الذي يتحصل عليه الطفل الذي كان يعمل، ومن ثم يترك الطفل هذا العمل ليعود إلى المدرسة مرة أخرى.
وبحسب الخطة الجديدة، فإن كل المتسربين سوف يعودون إلى المدارس، حتى لو كانوا قد تجاوزوا السن القانونية، على أن يتم وضعهم في فصول خاصة بهم، كل حسب سِنّه ومستوى فهمه، على أن تبدأ المدارس معهم التعليم “من الصفر”، إن اقتضى الأمر. أما الذين تسربوا من التعليم في سن متقدمة (بعد المرحلة الإعدادية)، ولجأوا إلى العمل، ومعهم خبرة في أي وظيفة، فسوف يتم التعامل معهم بشكل مختلف، بحيث تكون دراستهم في مدارس مهنية، على أن توفر لهم الوزارة فرصة عمل في المصانع التابعة للحكومة، براتب شهري يصل إلى 100 جنيه.
وقالت مشيرة حسن، وهي أخصائية اجتماعية بالمشروع، إن الهدف الأساسي هو القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع، وإعادتهم إلى “أحضان المجتمع" من جديد، واحتواؤهم، وتوفير متطلباتهم، وتحويلهم إلى أشخاص إيجابيين، لا سيما وأن بعضهم يجري استخدامهم في أعمال غير مشروعة".
وأشارت لـ”العرب”، إلى أن نجاح المشروع القومي لمحاربة التسرب من التعليم، يتوقف على مدى مساعدة الأسرة. وأكدت أنه سيتم الجلوس مع كل أسرة من خلال لجان متعددة، في كل محافظات الجمهورية، خاصة أن هناك دعمًا حكوميا للمشروع، مهما كانت التكلفة.
وعلمت “العرب”، أن هناك اقتراحا جديدا، قد يدخل ضمن إطار الإغراءات للأسرة، وهو اللجوء إلى التهديد، بأن يتم ربط الدعم المقدم من الدولة للأسرة الأكثر احتياجا، سواء بشكل نقدي أو عيني، حسب ما تنوي الحكومة، بمدى التزام الأسرة بتعليم أبنائها، كإحدى وسائل الضغط المؤجلة، في حال أصرت أي أسرة على عدم الاستجابة لتلك المزايا المعروضة.