مشروع قرار تونسي بمجلس الأمن لحلّ أزمة سدّ النهضة في غضون ستة أشهر

الأمم المتحدة (الولايات المتحدة) – استبقت تونس اجتماعا لمجلس الأمن الدولي مقرّرا الخميس، بتقديم مشروع قرار حول أزمة سدّ النهضة، يدعو أديس أبابا إلى التوقّف عن ملء خزّان السدّ دون اتفاق مع القاهرة والخرطوم.
وأبلغت إثيوبيا مصر والسودان مطلع الأسبوع الحالي، رسميا، ببدء المرحلة الثانية من ملء بحيرة سدّ النهضة، في خطوة أثارت جدالات سياسية وشعبية في البلدين.
وينصّ مشروع القرار الذي قدمته تونس لشركائها الـ14 في مجلس الأمن على أنّ المجلس يطلب من كلّ من "مصر وإثيوبيا والسودان استئناف المفاوضات بناء على طلب كلّ من رئيس الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتّحدة، لكي يتم التوصّل، في غضون ستّة أشهر، إلى نصّ اتفاقية ملزمة لملء السدّ وإدارته".
ووفقا لمشروع القرار فإنّ هذه الاتفاقية الملزمة يجب أن "تضمن قدرة إثيوبيا على إنتاج الطاقة الكهرمائية من سدّ النهضة، وفي الوقت نفسه تحول دون إلحاق أضرار كبيرة بالأمن المائي لدولتي المصبّ".
ويدعو مجلس الأمن في مشروع القرار "الدول الثلاث إلى الامتناع عن أي إعلان أو إجراء من المحتمل أن يعرّض عملية التفاوض للخطر"، ويحضّ في الوقت نفسه "إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار من جانب واحد في ملء خزان سدّ النهضة".
وتهدّد الخطوة الإثيوبية بتأجيج التوتر بين الدول الثلاث، في حين طلبت تونس، العضو غير الدائم في مجلس الأمن، عقد اجتماع علني طارئ للمجلس الخميس لبحث هذه المسألة.
ووفقا لمصادر دبلوماسية فمن المتوقّع أن تتمثّل مصر والسودان في الاجتماع على المستوى الوزاري. وستشارك إثيوبيا في الجلسة على الرغم من معارضتها انعقادها.
وحتّى الساعة لم يحدّد مجلس الأمن موعدا للتصويت على مشروع القرار التونسي، علما بأنّ دبلوماسيين استبعدوا طرحه على التصويت خلال جلسة الخميس.
لكنّ موقفا صادرا عن المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيار، أربك رهانات القاهرة والخرطوم في الحصول على دعم خارجي محايد لحلّ الأزمة المتفاقمة.
وعبّر دو ريفيار عن اعتقاده بأن مجلس الأمن غير قادر بنفسه على إيجاد حل لقضية السد، داعيا إلى فتح الباب ودعوة البلدان الثلاثة للتعبير عن مخاوفها وتشجيعها على العودة إلى المفاوضات لإيجاد حل.
وحذّر المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس خلال مؤتمر صحافي، من أنّ قرار إثيوبيا بدء المرحلة الثانية من عملية ملء بحيرة سدّ النهضة "قد يؤجّج التوتّرات" مع دولتي المصبّ مصر والسودان.
ودعا برايس الأطراف إلى عدم اتخاذ إجراءات أحادية الجانب.
ومنذ العام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل سدّ النهضة، الذي تبنيه أديس أبابا ليصبح أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرمائية في أفريقيا، بقدرة متوقعة تصل إلى 6500 ميغاواط.
وفي مارس 2015، وقّع رئيسا مصر والسودان ورئيس وزراء إثيوبيا في الخرطوم، اتفاق إعلان مبادئ، الهدف منه تجاوز الخلافات.
ورغم حضّ مصر والسودان إثيوبيا على تأجيل خططها لملء خزان السدّ حتى التوصّل إلى اتّفاق شامل، أعلنت أديس أبابا في 21 يوليو 2020 أنها أنجزت المرحلة الأولى من ملء الخزان البالغة سعته 4.9 مليار متر مكعب، مشيرة إلى أنّ هذه المرحلة تسمح باختبار أول مضخّتين في السدّ، إلا أن إثيوبيا كانت تؤكّد باستمرار عزمها على تنفيذ المرحلة الثانية من ملء بحيرة السد في يوليو.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حذّر في نهاية مارس من المساس بمياه مصر، قائلا بلهجة حازمة "نحن لا نهدّد أحدا، ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر (..) وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيّلها أحد".
وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العرب" في عددها الصادر الأربعاء أن القاهرة لا تنتظر قيام المجلس بالضغط على أديس أبابا بسبب مصالح قوى كبرى مع إثيوبيا، وكل ما تتوقعه صدور بيان للاستناد عليه في الاستمرار أو التوقف عن البحث عن حل تفاوضي.
وأضافت المصادر أن القوى الكبرى تنتبه إلى هذه المفارقة جيدا وستحرص على الخروج بصيغة تفتح باب الأمل للتفاوض، وتغلقه أمام الحل العسكري الذي لوحت به مصر أكثر من مرة، لأنها تعلم أن الأول يمثل خيارا رئيسيا وحقيقيا للقاهرة وسط التكلفة العالية التي يحملها الخيار الثاني.