مسيرات وذئاب منفردة: كيف سينتقم الإسلاميون لاغتيال العاروري؟

زعيم حزب الله حسن نصرالله يتوعد للمرة الثانية بالانتقام.
الاثنين 2024/01/08
داعش يعود إلى الواجهة على وقع الاضطرابات في المنطقة

واشنطن - يرجح محللون أن يكون ردّ الجماعات الإسلامية على اغتيال نائب رئيس حركة حماس في بيروت صالح العاروري خارج منطقة الشرق الأوسط عبر ضرب السفارات والمنشآت الدبلوماسية والممثلين الإسرائيليين في الخارج.

ويقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي إن السؤال لا يتمحور حول ما إذا سيمتد العنف المرتبط بغزة إلى شوارع المدن الأوروبية والأميركية، بل متى؟

وعزز اغتيال العاروري في بيروت التهديد الذي تشكله الحركة وميليشيا حزب الله الشيعية اللبنانية والجهاديون.

وبالإضافة إلى التهديد المتزايد من امتداد العنف المرتبط بغزة إلى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط أو خارجه، توعّد زعيم حزب الله حسن نصرالله للمرة الثانية خلال أسبوع بالانتقام.

وقال في رده الثاني على الاغتيال خلال أسبوع إن “هذا لن يكون بلا رد ولن يكون بلاعقاب”، مضيفا أن القرار “الآن هو في الميدان”.

وتوعّد حزب الله بالانتقام لمقتل أي ممثل لمحور المقاومة المدعومة من إيران في لبنان. ويشمل المحور حماس والحوثيين اليمنيين والميليشيات العراقية.

ويمكن أن يتحلى حزب الله بضبط النفس لعدم الرغبة في جر لبنان المفلس إلى حرب شاملة، ويختار الانتقام بعيدا عن الحدود الإسرائيلية – اللبنانية.

السؤال الآن لا يتمحور حول ما إذا سيمتد العنف المرتبط بغزة إلى شوارع المدن الأوروبية والأميركية، بل متى؟

وأعلن الحزب أنه أطلق 62 صاروخا على موقع مراقبة إسرائيلي في وقت مبكر السبت، في “رد أولي” على اغتيال العاروري. وبدا الهجوم محسوبا لاحتواء الأعمال العدائية مع الإسرائيليين.

وفي مؤشر محتمل على عمليات أخرى قادمة، عاد محمد الكوثراني، ممثل حزب الله في العراق، إلى بغداد لتنسيق الهجمات على أهداف أميركية في العراق مع ميليشيات البلاد التي تدعمها إيران.

وصنفت وزارة الخزانة الأميركية الكوثراني إرهابيا عالميا، وحددت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل معلومات عنه.

وتزامنت عودة الكوثراني مع قتل الولايات المتحدة لزعيم ميليشيا عراقية مدعومة من إيران ردا على الهجمات الأخيرة على الأفراد الأميركيين والخطوات العراقية لإزالة التحالف العسكري الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية من البلاد.

ولزيادة المخاطر، دعا تنظيم الدولة الإسلامية الأسبوع الماضي إلى شن هجمات منفردة على المساكن المدنية في أوروبا والولايات المتحدة، بما في ذلك الكنائس والمعابد اليهودية.

وفي إشارة إلى عمليات تنظيم الدولة الإسلامية السابقة وهجمات الذئاب المنفردة في عدة مدن أوروبية، دعا المتحدث باسم الجماعة أبوحذيفة الأنصاري المسلمين في الغرب في رسالة صوتية مدتها 67 دقيقة إلى تجديد النشاط “وإحياء عملياتكم المباركة في عقر ديار اليهود والنصارى… طاردوا فرائسكم من اليهود والنصارى وحلفائهم، في الشوارع والطرقات في الولايات المتحدة وأوروبا والعالم، اقتحموا عليهم بيوتهم، واقتلوهم ونكِّلوا بهم بكل وسيلة تقدرون عليها”.

وأضاف “ادخلوا عليهم من كل باب، واقتُلوهم شرّ قتلة وأحيلوا تجمعاتهم واحتفالاتهم مجازر دامية، لا تُفرقوا بين كافر مدني أو عسكري، فكلهم كفار وهم في الحكم سواء، فجيوش اليهود والصليبيين تدك بطائراتها بلاد المسلمين لا تفرّقُ بين مدني أو عسكري، يقصفون بلا رحمة، ويقتلون بلا هوادة… فتقصّدوا بالعمل الأهداف السهلة قبل الصعبة، والمدنية قبل العسكرية، والأهداف الدينية كالكنائس قبل غيرها”.

هل توعّد حزب الله سيفزع إسرائيل؟
هل توعّد حزب الله سيفزع إسرائيل؟

وأصدر الأنصاري رسالته بعد يوم على إعلان الجماعة مسؤوليتها عن انفجارين في مدينة كرمان الإيرانية أسفرا عن مقتل 89 شخصا على الأقل.

وبدا أن الأنصاري يبرر التفجيرات بإدانة تحالف حماس مع إيران باعتباره “خطيئة” وشجب ثورة 1979 الإيرانية باعتبارها “ثورة مرتدة”.

وشن تنظيم الدولة الإسلامية السني هجمات على الشيعة، الذين يعتبرهم مشركين. كما تعارض المجموعة الاقتراحات الإيرانية القائلة بأن الجمهورية الإسلامية ستقبل حل الدولتين إذا كان هذا خيار الفلسطينيين.

واتهم الأنصاري حماس وخصمها اللدود، السلطة الفلسطينية وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، بأنهم وكلاء للولايات المتحدة أو إيران.

وذكر أن “المعركة مع اليهود معركة دينية، ليست وطنية ولا قومية”!

ومن المرجح أن تشبه موجة موسعة من عمليات القتل المستهدف للفلسطينيين والإسرائيليين في بلدان أحداثا جرت في الستينات والسبعينات والثمانينات، مع اختلاف واحد هو أن ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية الذين استهدفتهم إسرائيل والفلسطينيون المتشددون، مثل أبونضال، وهو مسؤول منشق في منظمة التحرير الفلسطينية، هم من مؤيدي التسوية مع إسرائيل، لكن من المرجح أن تختار إسرائيل هذه المرة مسؤولي حماس بغض النظر عن موقفهم داخل طيفها السياسي.

اغتيال العاروري في بيروت يعزز التهديد الذي تشكله الحركة وميليشيا حزب الله الشيعية اللبنانية والجهاديون

وفي عمليات انتقامية متبادلة محتملة، يمكن لإسرائيل أن تعطي الأولوية لممثلي حماس في دول مثل تركيا “الموطن المالي” للحركة، ولبنان الذي يستضيف مسؤولين كبارا آخرين في حماس بخلاف العاروري، وماليزيا التي تسمح لحماس بالعمل في البلاد وجمع الأموال، على الرغم من أنها اتخذت مؤخرا إجراءات صارمة ضد إحدى قنوات التمويل المعتمدة.

وبالمثل، من المرجح أن تمتنع إسرائيل عن توجيه ضربة في قطر إلى كبار المسؤولين مثل إسماعيل هنية وخالد مشعل، المقيمين في الدوحة، طالما أن حماس تحتجز رهائن في غزة اختطفوا خلال هجوم الحركة في السابع من كتوبر.

وبغض النظر عما ستكون عليه مواقف سكان غزة تجاه حماس بمجرد أن تسكت المدافع، أدرك العاروري نقطة الضعف التي تركز إسرائيل، بدلا من استغلالها على الأمن والسيطرة المهينة وإخضاع الفلسطينيين، في إصرارها على إحباط إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانبها على حساب التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

ويشير الاقتراح الأخير الذي قدمه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لحكم غزة في مرحلة ما بعد الحرب إلى أن إسرائيل ستواصل الامتناع عن لعب ما يمكن أن يكون ورقتها الرابحة.

ويعتبر إعادة إعمار غزة وتنميتها، وترك سلطة فلسطينية مطيعة تفتقر إلى المصداقية تديرها، فكرة لاحقة تقع على عاتق المجتمع الدولي وليس مسؤولية إسرائيل.

7