مسنّون يبحثون عن الحب في مطعم "إيكيا" في شنغهاي

يجتمع مسنّون في شنغهاي أسبوعيا في مطعم تابع لشبكة "إيكيا" السويدية الشهيرة للأثاث، حيث يحاولون إيجاد الحب في خريف العمر في بلد ربع سكانه المتقدمين في السن عازبون.
شنغهاي - يوم الثلاثاء من كل أسبوع، يشغل المئات من المسنّين الطاولات في المطعم الفسيح التابع لشبكة “إيكيا” السويدية الشهيرة للأثاث.. هنا لا تُقدّم كرات اللحم السويدية الشهيرة، بل كميات من الشاي والأطعمة الخفيفة المتنوعة يحضرها المسنّون معهم. ويريد هؤلاء الأرامل أو المطلقون، الذين غادر أبناؤهم منزل العائلة بالفعل، العثور على توأم الروح في هذا المكان الذي يذكر جوّه ومستوى الضوضاء بمقصف المدرسة أكثر من كونه مؤسسة لكبار السن.
وتقول تشينغ تشينغ، وهي مديرة سابقة لدار متخصصة في رعاية المسنين، لوكالة فرانس برس "لا شيء محرجاً في الحديث عن هذا الموضوع. ليس الشباب فقط هم الذين يحتاجون إلى الحب، بل كبار السن أيضا". ويجلس رجل مرتديا معطفا من الفرو وقبعة ونظارات شمسية، بجانب امرأة ترتدي أزياء شبيهة بجلد الفهد. ويجلس آخرون للدردشة أو حتى التجول في الصالة والتقارب مع رفاقهم المحتملين.
يتبادل هؤلاء المتقاعدون المفعمون بالحيوية ثمارا من الحمضيات أو أكواباً من الشاي، أو يفرشون الطاولات بقشور الجوز. وتُظهر الأرقام الرسمية الصينية أن ربع السكان في سن 60 عاما وما فوق، وعددهم الإجمالي 297 مليونا، عازبون. وفيما كانت تعيش أجيال عدة تحت سقف واحد في الصين في الماضي، بات الكثير من كبار السن يعيشون بمفردهم.يقول غو يي جون، وهو سائق حافلة سابق ومطلق يبلغ 73 عاما، لوكالة فرانس برس "أشعر بالوحدة طوال الوقت. الحياة مملة للغاية في عمري (..) أود إيجاد شريكة حياة جديدة".
يبعد متجر إيكيا ساعة ونصف ساعة عن منزله، لكنه يقول إنه متفائل بشأن فرصه في العثور على الشخص المناسب. ويوضح "هذه أيضاً وسيلة للاسترخاء والاستمتاع. إنها دائماً أفضل من البقاء بمفردنا في المنزل والنظر إلى انعكاس صورتنا في المرآة". وهذه الاجتماعات في إيكيا موجودة منذ أكثر من 10 سنوات. لكنّ أحداً لا يعرف بالضبط كيف بدأ كل شيء. لا وجود هنا لأي جهة منظمة.. فمعظم الأشخاص الذين تمت مقابلتهم يقولون إنهم سمعوا عن هذه اللقاءات من خلال الأصدقاء.
◙ متجر إيكيا يدرك وحدة كبار السن الذين يحتاجون إلى الرعاية، لذا فإنه يود أن يوفر لهم مكانا يمكنهم أن يشعروا فيه وكأنهم في منزلهم ويلتقون بالأصدقاء
وتقول شو ييزين، وهي صديقة لتشينغ تشينغ "من الصعب علينا الذهاب إلى أماكن أكثر رقيا"، لذا فإن بيئة إيكيا البسيطة وغير المكلفة "تناسبنا بشكل أفضل". ولم يكن القائمون على إيكيا في البداية سعداء للغاية بأن يصبح المتجر مكاناً للتقارب العاطفي، وحاولوا منع هذه اللقاءات. وقد استعان المتجر بحراس أمن إضافيين، ومنع الوصول إلى كراسي المطعم وعلّق لافتة تطلب من المجموعة عدم التجمّع في الموقع بعد الآن، على ما ذكرت وسائل إعلام صينية وأجنبية.
لكن التوتر بات من الماضي. ففي تجمع عقد أخيراً، تعامل طاقم العمل برحابة صدر عندما كان رجل يرتدي بزة على شكل دمية دب ويتجول حاملاً سيجارة في يده مقدّماً المشروبات للحاضرين الآخرين. ويقول أحد ممثلي العلامة التجارية السويدية لوكالة فرانس برس إن إيكيا "تدرك وحدة كبار السن في الحي الذين يحتاجون إلى الرعاية والتفاعل". ويضيف "لذا فإن المتجر يود أن يوفر لهم مكاناً يمكنهم أن يشعروا فيه وكأنهم في منزلهم ويلتقون بالأصدقاء".
إيكيا ليس المكان الوحيد للقاء كبار السن في شنغهاي.. إذ يذهب البعض أيضاً إلى حديقة الشعب في وسط شنغهاي. في أحد أيام الأحد أخيراً، وفي درجات حرارة شديدة البرودة، كان كثر منهم يتبادلون الأحاديث في المكان مرتدين سترات سميكة. وقد وقف الأشخاص الأكثر خجلاً بعيداً عن المجموعة، وانتظروا أن يتم الاقتراب منهم. ولكن ما هي فرص العثور على الحب الحقيقي في هذه الأماكن؟ وتقول تشينغ تشينغ "لا يزال من غير المرجح العثور على (شريك مناسب في إيكيا)، لأنه هناك رجال جيدون وآخرون سيئون جدا".
وبحسب غو يي جون، السائق السابق، من الصعب على الأشخاص "الأقل ثراء" إيجاد الحب في مثل هذه الأماكن. ويعرب لي شي تشي، وهو رسام مطّلع على المكان، عن أسفه لأن البعض لديهم معايير "انتقائية إلى حد ما". يقول "بحسب البعض، نسبة النجاح هنا أقل من 3 في المئة".
ومع ذلك، يقول الرجل البالغ 74 عاما إنه التقى بامرأة الشهر الماضي، وهي مسافرة حاليا. ويشرح قائلا "لقد حصل إعجاب متبادل. أحبُّ مظهرها وعمرها، فهي صغيرة نسبيا"، مضيفا "أنا في انتظار عودتها، وإذا كنا مستعدين لبدء علاقة رومانسية في تلك المرحلة، فسنجتمع معا".