مسلسل "زينهم".. خلطة درامية شيقة مستوحاة من قصة حقيقية

المصري أحمد داود يظهر في بطولة مطلقة ضمنت تفاعل الجمهور معه.
الثلاثاء 2023/12/05
حكاية تستمد قوتها من رمزية مشرحة زينهم

يثير عالم الجرائم وحكايات الموت الغامض فضول محبي الدراما والسينما، وهي الثيمة التي يلعب عليها مسلسل "زينهم" ومكنته من تحقيق متابعة واسعة وجذب جمهور محب لأعمال التشويق والإثارة.

القاهرة - تصدر مسلسل “زينهم” معدلات المشاهدة على منصة “واتش ات” المصرية، واستطاع أن يجذب شريحة أخرى من الجمهور في ظل عرضه على قناة “أون”، وكأن الجمهور كان ينتظر هذا النوع من الأعمال التي تتوافر لها عناصر تشويق تضمن لها متابعة مستمرة لتطورات أحداث عمل مستوحى من واقع دوّنه أحد الأطباء في مجموعة قصصية تحمل عنوان “أصدقائي الموتى شكرًا”.

يمزج العمل الدرامي بين الإثارة والتشويق من جانب وبين الكوميديا الخفيفة التي تكسر حواجز تصنيف العمل كمسلسل رعب أو أكشن، ما يشير إلى تعمد القائمين عليه العزف على أوتار عدة لجذب شرائح مختلفة من جمهور يرتبط بالإثارة ويميل نحو التفاصيل التراجيدية والخفيفة التي جعلت المسلسل يدور أيضا في إطار اجتماعي.

تقوم السلسلة القصصية المأخوذ منها العمل على حل ألغاز مجموعة من القضايا الغامضة التي واجهها أحد الأطباء أثناء مسيرته المهنية، وحاول من خلالها كشف غموض الجريمة في كل قضية، اعتمادا على أصول وقواعد الطب الشرعي العلمية، ما جعل المسلسل ينتمي إلى نوعية الأعمال ذات الحلقات المنفصلة المتصلة.

f

يشارك في بطولة مسلسل “زينهم” الفنان أحمد داود في أول بطولة مطلقة له، وكل من كريم قاسم وسلمى أبوضيف وعماد رشاد ومحمد أبوداوود وسلوى محمد علي، ومجموعة من الوجوه الجديدة، ومن تأليف محمد سليمان عبدالمالك، وإخراج يحيى إسماعيل، وإنتاج “أروما ستوديوز” بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.

تدور أحداث العمل حول أحمد داود الذي يجسد شخصية “زينهم”، وهو طبيب في مصلحة الطب الشرعي يعمل في أحد المستشفيات بقسم المشرحة، وتكمن مهمته في فحص جثث الموتى لتحديد سبب الوفاة، ويعاني الطبيب من أزمة نفسية حيث يتحدث مع شبح والده المتوفى، في ظروف غامضة، يجسد دوره الفنان محمد أبوداوود.

ولأن العمل يمثل أول بطولة مطلقة لأحمد داود في الدراما التلفزيونية حاول أن يكون متمكنا لاستثمار هذه الفرصة جيدا، ويسعى زينهم من خلال أحداث المسلسل لحل العديد من الألغاز التي تقابله مع تتابع التطورات في بعض الجرائم، بينها مقتل فتاة تعمل بإحدى شركات الأدوية، وتمت الحادثة بفعل فاعل، ويتعرف على صديقة الفتاة المتوفاة التي جسدت شخصيتها الفنانة الشابة سلمى أبوضيف في دور جميلة ليبحث معها عن دلائل الجريمة وكيفية العثور على الحقيقة، وتتوالى أحداث المسلسل إلى أن تصل إلى المشرحة جثة سائق والده الذي كان يبحث عنه ليكشف سر وفاته.

تتعدد القضايا التي تمزج بين الواقع والخيال، مع إضافة الكثير من التفاصيل الدرامية لإثراء الجانب الفني، بينها قصة “جيمي” وهو طبيب شرعي أيضَا يعمل مع “زينهم” ويجسده الفنان الشاب كريم قاسم، واعتاد رؤية الموتى في المشرحة، وفي كل ليلة ومع قدوم جثة جديدة لفحصها وتشريحها تظهر له الجثة كأنها تتحدث معه.

ماجدة موريس: الإثارة والتشويق يجذبان الجمهور لمتابعة المسلسلات
ماجدة موريس: الإثارة والتشويق يجذبان الجمهور لمتابعة المسلسلات

يحمل اسم الطبيب “زينهم” الذي جسده أحمد داود إسقاطا رمزيا يفهمه المصريون، حيث ارتبط الطب الشرعي في ذهنهم بمشرحة في القاهرة تحمل الاسم نفسه (زينهم). وعمد كاتب العمل محمد سليمان عبدالمالك إلى حجب معلومات عن شخصيات وأماكن حدوث الأحداث الحقيقية، وتحمل القصص المتعددة الكثير من الخبرات الحياتية لكل الأشخاص الذين يظهرون، مع اختلاف بيئاتهم وثقافاتهم.

وقالت الناقدة الفنية ماجدة موريس إن الإثارة والتشويق من أهم الألوان الدرامية التي يعتمد عليها المنتجون في الوقت الحالي، لما تحققه من أهداف خاصة بالشركات المنتجة، في مقدمتها ضمان جذب الجمهور، والتماشي مع المنصات الرقمية التي تبحث عن قصص غير تقليدية لعرضها، وضمان استمرار العمل طوال العام بعيدا عن الموسم الرمضاني، وتحاول أن تجتهد في الأفكار لتقديم أعمال ذات جودة فنية مرتفعة تتواءم مع حركة سوق الدراما الذي يأخذ في التطور.

وأضافت في تصريح لـ“العرب” أن الاهتمام الجماهيري بالأعمال المعروضة على المنصات يجعل من دراما التشويق والإثارة هدفا مهما للفنانين لأنهم يضمنون انتشارا واسعا للعمل بشكل مستمر، انتظارا لما يحدث من تطورات جديدة في أحداثه، كما أن نمط الحياة الذي تتزايد فيه المشكلات غير المنطقية يسهم في ذيوع هذا اللون الدرامي.

واعتبرت موريس أن الانتقادات التي تتعرض لها بعض مسلسلات التشويق في غير محلها، لأن الحكم في هذه الحالة هو مدى ارتباط الجمهور بها، ولعل تصدر “زينهم” قائمة الأعمال المعروضة على منصة “واتش ات” يؤكد ذلك، وتحظى بعض الأعمال التي يتم إعادتها بنسب متابعة مرتفعة مع أن تفاصيلها معروفة، ما يعني نجاحها.

ويرفض العديد من النقاد الربط بين اتجاه المنصات الرقمية لعرض هذا النوع من الأعمال في “الأوف سيزون”، أي تلك التي تعرض خارج المواسم التقليدية، سعياً لجذب الجمهور، ويعتقد هؤلاء أن الجمهور مستعد لمتابعة المسلسلات على مدار العام دون ارتباط بتوقيت معين، كما أن انتشار الدراما على المنصات الرقمية وتوافر حلقاتها على مواقع التواصل الاجتماعي يدفعان الجمهور للبحث عنها في أي وقت.

وقدمت شركات الإنتاج المصرية والعربية عددا مهما من مسلسلات الإثارة والتشويق مؤخراً، أبرزها “سفاح الجيزة” على منصة “شاهد” السعودية، وكان تجسيداً لقصة واقعية في مصر جرت منذ سنوات قليلة، من دون أن تكون مأخوذة عن عمل أدبي، بجانب مسلسلات “في كل أسبوع يوم جمعة”، “شقة 6”، “إستيفا” و”لعبة النسيان”.

Thumbnail

وأكد الناقد الفني محمد رفعت أن التلفزيون المصري منذ بداياته قدم عددا من الأعمال الدرامية التشويقية التي حظيت بانتشار ومتابعة واسعين، بينها “القط الأسود” و”الرحايا”، والثلاثيات الشهيرة التي قدمها المخرج الراحل نور الدمرداش، وعرضت مؤخراً مسلسلات مثل “من الجاني”، ما يجعل الأعمال الحالية تحظى بمشاهدة ملحوظة لمعرفة الجمهور بالخبرات الطويلة والمهمة في صناعة هذا اللون الدرامي.

وشدد رفعت في تصريح لـ”العرب” على أن المسلسلات التي تهتم بالذكاء العقلي وحل الألغاز والتي ينتظرها المشاهدون بشغف للتعرف على الجاني تتسم بقدرتها على جذب الجمهور، كما أن السينما المصرية لها إرث تاريخي مهم في هذا اللون، أبرزها مجموعة الأفلام التي قدمها المخرج كمال الشيخ، بينها “منزل رقم 13” في خمسينات القرن الماضي.

ولفت إلى أن الدراما المصرية الحالية استفادت من التطور التقني في التصوير، ما ساعد على تناول موضوعات الخيال العلمي واستخدام الغرافيكس بتطوراته المختلفة، فضلا عن وجود جيل جديد من الكتاب لديهم قدرة على تقديم حبكة فنية درامية تتناسب مع المنصات الرقمية التي تقدم أعمالها في حلقات قصيرة تتماشى مع هذا اللون الدرامي.

ويرتبط جزء من النجاح الجماهيري الذي حققه مسلسل “زينهم” حتى الآن بكاتبه سليمان عبدالمالك، والذي عمد من خلال تقديمه للشخصيات في الحلقات الأولى أن يشرح للمشاهد طريقة تفكير وأبعاد كل شخصية بطريقة سلسة جذبت المشاهد ووفرت له فرصة للربط بينها بتلقائية، فكل شخصية في العمل لها عاداتها وطريقة تفكيرها التي ظهرت تجلياتها منذ المشاهد الأولى للمسلسل.

14