مسلسل "المغني" سيرة ذاتية أساءت لمحمد منير

بعد أن أقدمت الدراما العربية قبل سنوات على تقديم سيرة ذاتية لفنانة على قيد الحياة من خلال مسلسل “الشحرورة” الذي رصد مشوار الفنانة الراحلة صباح قبل وفاتها بفترة، عادت الدراما هذا العام لتقدم تجربة أكثر تطورا بمشاركة الفنان محمد منير في بطولة مسلسل “المغني” الذي يرصد مشواره الفني وسيرته الذاتية.
الثلاثاء 2016/06/28
"الملك" لم يعد ملكا

لم يقدم مسلسل “المغني” الذي يرصد المشوار الفني والسيرة الذاتية للمطرب المصري محمد منير بعد مرور حلقاته الأولى نتائج مشجعة، بل على العكس حظي بكم هائل من الانتقادات، خاصة أن المسلسل لم يقدم معلومات جديدة عن المطرب الملقب في مصر بـ”الملك”، وإنما بدت باهتة دون تحديد خط واضح للهدف من تقديم العمل.

مشكلة العمل يتحملها جميع صناعه بداية من المؤلفين أحمد محيي، ومحمد محمدي اللذين لم ينتبها لأهمية التقاط زاوية معينة بحدّ ذاتها للتعامل مع سيرة حياة الفنان، وليس بالاعتماد على مجرد سرد سطحي لمشوار يعرفه الجميع عن المطرب المصري.

الأسوأ في العمل هو محاولة المؤلفين تحويل الفنان إلى أسطورة “بالعافية”، بداية من الصحافي الذي يتلعثم في الحديث لمجرد أنه يقف أمامه في المؤتمر الصحافي، أو الشاب الذي ينتحل شخصية “الملك” ليصطاد المعجبات به عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

يبدو أن صناع العمل توهموا أن وجود اسم محمد منير فقط يكفي لجذب الانتباه للمسلسل، ولم يخطر ببالهم مدى التطور الذي تشهده الدراما في سنواتها الأخيرة، وأن حب الجمهور لنجمه غير كاف في حد ذاته لدفعه إلى مشاهدة عمل ضعيف فنيا ودراميا يتناول سيرته الذاتية.

الأداء الباهت لمنير نفسه، والذي قدمه في المسلسل محاولا التواضع مثلما يفعل في حياته العادية، أوقعه في شرك برود الإحساس وفتور الأداء، وهو ما تسبب في مأزق درامي كبير للعمل ككل، وظهر منير بأداء ضعيف يجعل الأعين تنصرف عن مشاهدته. بطلة العمل المغربية ميساء مغربي التي اختارها المخرج لتجسيد دور حبيبة منير لا تملك بدورها أيّ كاريزما تجعلها مناسبة لهذا الدور، ما دفعها إلى اللجوء للمبالغة والافتعال فأخفقت في كسب تعاطف المشاهدين، ولا سيما في مواقفها مع زوجها الغيور من مشاعرها تجاه “الملك”.

بشكل عام ظهرت جميع الشخصيات في العمل بشكل باهت، وغير موظفة جيدا مع طبيعة القصة وأحداثها، حتى الشباب الذين كان الرهان عليهم كبيرا مثل الفنان محمد عادل، قدم دوره بصورة مفتعلة، عكس التلقائية التي ظهر بها في أعماله الفنية الأخرى. والمشاهد التي حاول العمل الفني من خلالها رصد أحداث الماضي أثارت غضب أهالي النوبة في جنوب مصر، بعد ظهورهم في مشهد تهجيرهم من مكان سكنهم إلى مكان آخر، الأمر الذي دفع بالكثيرين منهم إلى إعلان الثورة على العمل ومقاطعته، رافضين الصورة المهينة التي ظهروا عليها.

ورغم أن العمل تدور نسبة كبيرة من أحداثه داخل منطقة النوبة، إلاّ أن المخرج بدا بخيلا في تصوير جمال الطبيعة هناك، وجاء التصوير تقليديا بعكس ما بدت عليه صورة الأعمال الدرامية الأخرى بما تحمله من تطور في الصورة والإضاءة.

والخلاصة أن مسلسل “المغني” رغم أنه لن يؤثر بالتأكيد على شعبية ومحبة محمد منير في الداخل والخارج، لكنه بالطبع يعد سقطة في مشواره الفني لكونه قام بتجسيد شخصيته ووافق على جميع ما ورد في العمل من تفاصيل.

وفي المقابل، خسر “الملك” مغامرته، بعد أن قبل الظهور كواعظ يوزع النصائح على الآخرين ويبالغ في الكلام عن مصر وحبه لها، أو توضيح ضريبة الشهرة والحب لدى الفنان أو مدى حب الجماهير العريضة له.

الملاحظ أن أغلب مسلسلات السير الذاتية في السنوات الأخيرة قوبلت بهجوم نقدي وعزوف جماهيري واضحين، باستثناء مسلسلي “أم كلثوم” و”أسمهان” لما تضمناه من محتوى مختلف، حيث تمّ سرد حياتهما بدراما حماسية افتقدها أيضا مسلسل “المغني”.

16