مستقبل أخضر.. جهود لمكافحة التصحر بزراعة الأشجار في الموصل

الموصل (العراق)- في العام 2017، وفي خضم معارك تحرير مدينة الموصل، انطلقت مؤسسة “مثابرون للخير للبيئة والتنمية” في دعم النازحين، لتشارك في حملة التشجير في العراق.
ويقول عبدالعزيز آل صالح، وهو مدير الموارد البشرية في المؤسسة، لم يكن مشروع المؤسسة فقط عملية تنظيف الموصل من الركام، بل المساهمة بإعادتها الحياة كذلك. فعملوا على زراعة أكثر من 2000 شجرة حول مراكز الموصل، في خطوة تهدف إلى تحسين البيئة المحيطة بها وتعزيز الوعي البيئي بين السكان، كما أسهمت هذه الجهود في توفير مساحات أكثر صحية وجمالاً، مما ساعد على إحياء الأحياء المتضررة وإعادة الأمل إلى قاطنيها.
وبيَّن آل صالح لوكالة الأنباء العراقية (واع) إلى جانب جهود الإغاثة وإعادة الاعمار، نفذت المؤسسة سلسلة من المشاريع البيئية الهادفة، حيث كانت جزءاً من مشروع “الموصل الخضراء”، الذي سعى إلى زراعة 11 ألف شجرة في عدة مناطق بمحافظة نينوى، بهدف تعزيز الغطاء النباتي واستعادة المساحات الخضراء ومكافحة التغيرات المناخية.”
ويوضح بالقول “أطلقنا مشروع ‘الطريق الأخضر’، الذي تمكّنا من خلاله من زراعة أكثر من 2000 شجرة على طول المناطق المحاذية لمدخل مدينة الموصل من الجهة الجنوبية، وفي عام 2022، وبعد تعرض غابات الموصل للحرائق خلال الصيف، أطلقنا مشروعًا لإعادة إحياء تلك الغابات، حيث تمت فيه زراعة ما يقارب 3000 شجرة، في محاولة لإعادة الحياة إلى هذه المنطقة الحيوية”.
بالإضافة إلى ذلك، نفذت “مثابرون” حملة “نتطوع لأجل مستقبل أخضر”، حيث تمت زراعة 1850 شجرة في 63 مدرسة بالتعاون مع ثلاث منظمات مختلفة في مدينة الموصل، إلى جانب حملات تشجير تطوعية أخرى في المدارس بدعم من المجتمع المحلي.
وبيَّن عبدالعزيز، أنه وفي عام 2018، أطلق الفريق المتكون من متطوعين شباب غايتهم لزراعة وتنظيف مدينتهم، مشروع رفع الأنقاض أو ما يسمى “بثورة الدنابر” في خطوة تعكس التزامهم نحو إعادة بناء الموصل، حيث تولى الفريق مهمة رفع الأنقاض من الأحياء السكنية في المدينة القديمة، التي كانت تحول دون عودة السكان إلى منازلهم، وكان هذا المشروع بمثابة خطوة محورية في إعادة إعمار المدينة وإعادة الحياة إلى شوارعها المهجورة. وبعد النجاح الذي تحقق في مشاريع الإغاثة وإعادة الإعمار، نفذ متطوعو وأعضاء المؤسسة مشروعًا آخر يحمل عنوان “العودة للحياة”. واستهدف المشروع تنظيف وتعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية المرافق الحيوية مثل مراكز الرعاية الصحية والمدارس والأماكن العامة في ستة أحياء بغرب مدينة الموصل.
ولم تقتصر جهود المؤسسة كما بيَّن عبد العزيز، على الزراعة فقط، بل نظمت العديد من الجلسات التوعوية حول مخاطر تلوث نهر دجلة بالتعاون مع الحكومة المحلية والجهات ذات الصلة، وذلك بهدف رفع مستوى الوعي المجتمعي حول أهمية الحفاظ على هذا المورد المائي الحيوي. وأضاف “أحدث مبادرات مؤسسة ‘مثابرون للخير’ كانت مبادرة ‘شجر’، التي أطلقت في العام الماضي وحققت نجاحاً ملحوظاً من خلال زراعة أكثر من 15 ألف شجرة، حيث اعتمدنا من خلال هذا المشروع ‘شجر’ على العمل التطوعي ودعم المجتمع المحلي بشكل أساسي، مما جعله أنموذجاً للتعاون المجتمعي في الحفاظ على البيئة وتعزيز المساحات الخضراء ومكافحة التغيرات المناخية”.
وأكد عبدالعزيز أن ما ميز هذا المشروع هو الخطة الطموحة التي تمتد على مدى 14 عاماً، حيث يسعون من خلالها على استدامة زراعة الأشجار وتوسيع نطاق المشروع ليشمل المزيد من المناطق في المستقبل.
وأكمل حديثه قائلا “ضمن مبادرة ‘شجر’، قمنا بتنفيذ عدة حملات في محافظات أخرى، بما في ذلك صلاح الدين، بغداد، وكركوك. استهدفت هذه الحملات توسيع نطاق المشروع خارج حدود نينوى، حيث تمت زراعة عدد كبير من الأشجار في مناطق مختلفة من هذه المحافظات”.
وفي مشاريعهم الحالية وتزامناً مع مبادرة رئيس الوزراء لحملة التشجير، أوضح عبدالعزيز أن أكثر ما تعتمد على زراعته مؤسسة مثابرون، هو أنواع من الأشجار التي تتناسب مع مناخ العراق، ومن أبرزها شجرة اليوكاليبتوس، النبك (السدر)، الألبزيا، اللوسينيا، والأثل، بالإضافة إلى أنواع أخرى.
وهذه الأنواع أثبتت قدرتها على التكيف مع البيئة المحلية والمساهمة في تحسين جودة الهواء وتخفيف آثار التصحر. وأكمل قائلا “في ما يتعلق بالدعم، فالحكومة تقدم لنا التسهيلات لتنفيذ المشاريع، لكن الاعتماد الأكبر في تمويل المبادرات يأتي من المجتمع، ففي السنوات الأخيرة لاحظنا تزايداً في دعم وتشجيع المجتمع لمبادراتنا، خاصة بعد أن أصبح الناس يشعرون بجدية التحديات البيئية مثل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التصحر، فهذا الوعي المجتمعي المتزايد أسهم في تعزيز مشاركة أكبر في حملاتنا”.
وذكر أن “مؤسسة مثابرون قامت حتى الآن، بزراعة أكثر من 50 ألف شجرة في مختلف المناطق، وجميع هذه الأشجار تخضع للمتابعة المستمرة لضمان نموّها بشكل صحي، ولتعزيز استدامتها، تم تزويد الأشجار بمنظومات الري بالتنقيط، مما أسهم في استخدام المياه بكفاءة وعزز من فرص بقاء هذه الأشجار على المدى الطويل، وشارك بشكل مكثف في مبادرة التشجير واستمر بالعطاء”.