مسافات: منبر للتبادل الفني العربي البريطاني

يستأنف مهرجان “مسافات” نسخته الثانية في العاصمة المصرية القاهرة بعروض موسيقية متنوعة بعد أن استضافت العاصمة البريطانية لندن نسخته الأولى مطلع الشهر الحالي، بمشاركة فنانين من الشرق الأوسط والمملكة المتحدة.
السبت 2016/09/24
تبادل عربي غربي لتجارب اجتماعية برؤية فنية

لندن – كان تعزيز التبادل الحرفي والفني بين العالم العربي وبريطانيا هو أحد أهداف “مسافات”، وهو حدث ثقافي متعدد الفنون ومكون من جزأين ينظم أحدهما في كل من مدينتي لندن والقاهرة.

وقدمت شركات “ثرتي ثري ثرتي ثري” بالإشتراك مع “أي سي إيه” و”فينت” النسخة الأولى من المهرجان في لندن مع اعتزام انعقاد نسخته الثانية في القاهرة.

وأقيم “مسافات” في لندن في بداية شهر سبتمبر، وتقرر أن يقام في القاهرة بين العشرين والرابع والعشرين من الشهر نفسه. وصحيفة “العرب ويكلي” التي تصدر بالإنكليزية في لندن هي من بين رعاة التظاهرة.

وتضمّن المهرجان البريطاني عروضا موسيقية وأفلاما وحوارات استغل فيها المخرجون من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا امتياز العيش في بلاد الغرب لتسليط الأضواء على تجارب الناس في أوطانهم.

وجمع فيلم “مقلاع الهيب هوب” قصص شبان فلسطينيين يعيشون في غزة والضفة الغربية وداخل إسرائيل وهم يكتشفون فن الهيب هوب ويستخدمونه لتجاوز الانقسامات التي يفرضها الاحتلال والفقر.

ومن نقاط التفتيش الداخلية والجدران العازلة إلى المعايير الخاصة بين الجنسين والفوارق بين الأجيال، يمثل الفيلم الوثائقي قصة شبان يعبرون الحدود التي تفصلهم.

وتقول مخرجة الفيلم، جاكي ريم سلوم، “بما أنني عشت بوصفي عربية في الولايات المتحدة، كل ما رأيته كان صورا سلبية عن العرب. ذات مرة سمعت عن الهيب هوب الفلسطيني في برنامج إذاعي، فقررت المزيد من البحث عن الهيب هوب العربي. اكتشفت وجود قرابة عشرة مغنّي هيب هوب في فلسطين”.

وأضافت “فكرت كم كنت محظوظة لأني أعيش في أميركا وأردت إطلاع الغرب على فن الهيب هوب في فلسطين. قررت السفر إلى فلسطين مع ابن عمي وتوثيقه، وما اكتشفته كان مذهلا، إذ كان الشيوخ والأطفال معا في الحفلات، وهو أمر لا تراه فعلا في البلدان الغربية. كانوا مسرورين جدا لقيامي بنشر رسالتهم”.

وأشارت سلوم إلى أن الهيب هوب جاء بطريقة جديدة للفلسطينيين لمعرفة تاريخهم الذي عادة ما يخفى عنهم في المدارس. وتقول إن مغني الراب الأميركيين مثل توباك شاكر ألهموا الفلسطينيين للتعبير باستخدام فن الراب عن نضالهم اليومي ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وتقول سلوم “يعمد مغنو الراب إلى إقامة ورشات في المدارس لتعليم الطلبة فن الهيب هوب. الفلسطينيون لا يتعلمون عادة تاريخهم في المدارس، لذا أعاد الهيب هوب ذلك من خلال تقديم حقائق عن طريق كلمات الأغاني. إنهم يدرسون عن هويتهم وقضاياهم الاجتماعية”.

ويواجه مغنو الراب الفلسطينيون، وخاصة من قطاع غزة، تحدي الحظر والعوائق المالية، لكنهم يتلقون الدعم من مغني الراب العرب الأميركيين. وتقول سلوم “من الصعب صنع إيقاعات في غزة، فاستعمال الأستوديوهات باهظ جدا، لذلك يبعث لهم مغنو الراب العرب الأميركيون إيقاعات ليستخدموها”.

ويقول المخرج الفرنسي الإيراني، أراش نصيري، إنه هو الآخر أراد أن يكشف تجارب الناس من بلده الأصلي. أجرى نصيري مقابلات مع مواطنين إيرانيين في الولايات المتحدة وأوروبا الذين يتذكرون إيران قبل ثورة 1979 وقدم تجاربهم بطريقتين مختلفتين في فيلمين قصيرين.

ويمثل فيلمه “طهران-جلس” رؤية خيالية لطهران تستخدم لوس أنجلس إطارا مكانيا لها، وأثناء رحلة أثيرية تخلق الذكريات الشخصية للمهاجرين صدى لقصة جماعية للعاصمة الإيرانية.

ويقول مخرج الفيلم إن “طهران-جلس” و”الأيام الجديدة” فيلمان حول الذاكرة والفضاء الحضري، “لم أستلهم المواضيع من كتاب أو قصة أو نظرية، إنه مجرد الرغبة التي تملأني في الفضاء. لقد وثقت تجاربي ومن خلال ذلك التوثيق خرجت فكرة إلى السطح”.

وتشجع تقنية الرحلة الأثيرية التي اعتمدها نصيري المشاهدين على رؤية لوس أنجلس من منظور جماعي للإيرانيين الذين يعيشون في الغرب ويشعرون بالوحدة والحنين. ووثّق نصيري المهاجرين الذين تركوا إيران في السبعينات ويتذكرون طهران ما قبل الثورة ذات الطابع الأكثر تغريبا، والآن اضمحلت تلك الصورة عن طريق عملية تحول شامل منذ ذلك الوقت.

ويقول نصيري “كانت طهران في السبعينات متأثرة بأسلوب الحياة الأميركي، وقد أردت أن أعرض السبعينات بالتوازي مع الحاضر. في السبعينات كان هناك الكثير من الأميركيين المعهود إليهم بناء متاجر كبرى أو بنى تحتية مثل الطرقات السريعة”

ويتابع “لم يكن هناك الإحساس نفسه في الثمانينات بعد الحروب التي واجهتها إيران، وبالطبع بعد تغير أسلوب الحياة بالكامل بعد الثورة حدث تحول وركود اقتصادي. لقد اضمحلت تلك المدينة المعروفة في السبعينات”.

ويظهر العمل السينمائي “الأيام الجديدة”، الذي صُوّر أثناء الاحتفالات الفارسية بالربيع ولم يكتمل بعد، سكان لوس أنجلس حاملين لذكريات طهران، ويتكلمون الفارسية عوضا عن الإنكليزية.

ويقول نصيري “أردت أن أروي قصة تشهد تحولا زمنيا، من عام إلى آخر. استعملت ذكريات الإيرانيين لأوظفها في المدينة بالاستعانة بممثلين هواة يكتبون في شكل إملاء كلاما بالفارسية يتلقونه من خلال سماعات”.

24