"مزرعة العجائب" تتحدى التغير المناخي في تونس

حوّل مزارع تونسي حلمه بزراعة عصرية جديدة تواجه صعوبات التغير المناخي إلى حقيقة؛ وتم ذلك من خلال جمع حيوانات نادرة ونباتات، وشارك الناس شغفه بتخصيص مكان للأسر والأطفال الذين يرغبون في الاستمتاع بالمناظر الجميلة والطقس الجيد وتذوق الفواكه الاستوائية.
تونس - ترحب “مزرعة العجائب” بكل زوارها الذي يودون مشاهدة أنواع جديدة من الحيوانات والنباتات والاستمتاع بأجواء مختلفة.
ففي مدينة الهوارية بمحافظة نابل التونسية أقام المزارع التونسي محمد سويح مزرعة يجمع فيها طيورا نادرة، موطنها الأساسي المناطق المدارية، وهو ما يجعل الزوار يشعرون بأنهم في واحدة من تلك المناطق.
وقال “اسمي محمد سويح، عمري 39 عاما، مزارع تونسي، أحب نوعا آخر من الزراعة”.
وأوضح “الزراعة التي أحلم بها هي الزراعة المتنوعة، زراعة جديدة وعصرية، وهي تمثل نموذجا جديدا بالنسبة إلى تونس”.
ويُربي سويح في هذه المزرعة الفريدة العديد من طيور الزينة والحيوانات النادرة التي لا توجد عادة في تونس، كما أنه يزرع أنواعا من النباتات الاستوائية.
مزرعة العجائب نموذج جديد ليس موجودا في تونس وشمال أفريقيا؛ فهي تجمع الحيوانات والنباتات التي لن تجدها في مكان واحد
وذكر أن “مزرعة العجائب هي نموذج جديد ليس موجودا في تونس وشمال أفريقيا؛ فهي تجمع الحيوانات والنباتات التي لن تجدها في مكان واحد، مثل البط المتوج أو بط الكايوقا الذي يبيض بيضا أسود اللون، ولدينا أيضا النعام الأسترالي، (…) وهناك المثير من أنواع الحمام، ولدينا كذلك 35 نوعا من الدجاج من مختلف أنحاء العالم بما فيها أغلى دجاج في العالم ويسمى ‘أيام سيماني’ الذي يصل سعر الطبق الذي يتضمن لحم هذا النوع من الدجاج إلى 1500 دولار في الولايات المتحدة”. وأضاف أنه يمكن للزائر أن يشاهد في هذا المكان بيض النعام الأسترالي.
وبدأ سويح مشروعه قبل 13 عاما بعدما ترك وظيفته في إحدى الشركات السياحية وانتقل إلى الهوارية حيث اشترى أرضا خالية وشرع في تحقيق حلمه بممارسة الزراعة.
وتابع “حبا في الزراعة والطبيعة جئت إلى هذا المكان واشتريت أرضا بيضاء لا شيء فيها وليست مهيئة، ثم قمت بتهيئتها. ومن شدة حبي للحيوانات بدأت أشتريها هي والنباتات، إلى أن تفطنت أنني أملك العديد من أنواع الحيوانات، ومن هنا انبجست الفكرة وقلت لنفسي: لماذا لا أشارك الناس -الذين يريدون المجيء لرؤية شيء جميل ونادر- هذا الشغف وفي الوقت نفسه أستجيب لشغفي ومحبتي لهذه الأشياء”.
ويشارك سويح دوريا في المعارض الدولية الخاصة بالحيوانات النادرة، إذ يشتري بعض الطيور أو بيضها لتربيتها في مزرعته.
وقال “كل نبتة لديها متطلباتها، وكل حيوان لديه أكله، يجب عليك أن تعتني بصغاره. أنا أقوم بعملية التفقيس الاصطناعي. تأخذه من البيضة لتقوم بتربيته إلى أن يكبر ثم يصبح حيوانا منتجا، فهذا يولد علاقة حميمة مع الحيوانات التي إن غبت عنها وعدت بعد مدة تحس بأنها افتقدتك فتجري نحوك، هذه علاقة لا يعرفها إلا الذي لديه شغف من هذا النوع”.
غير أن هذا النوع من الزراعة لم يعد يدر أموالا بسبب الجفاف وتغير المناخ، وبالتالي خصص المزارع مكانا للأسر والأطفال الذين يرغبون في الاستمتاع بالمناظر الجميلة والطقس الجيد وتذوق الفواكه الاستوائية.

وأضاف “لقد أردت تثمين المجهود الذي يقوم به الشباب، لأن البلاد لديها نقص بالنسبة إلى المشاريع المتكاملة مثل هذا المشروع، والتي تجد فيها الناحية البيئية الترفيهية ومناخها يمنحك الإحساس بالارتياح”.
وإضافة إلى سويح يعود مزارعون تونسيون إلى استخدام “البذور الأصلية” للمزروعات من أجل مقاومة التغير المناخي وحفظ موروثها الجيني.
وكان المزارعون التونسيون يعملون في كل موسم على تخزين جزء من محصول البذور الأصلية التي تسمى كذلك “المحلية”، لكي يستعملوها في عملية البذر خلال المواسم المقبلة. لكن منذ أن بدأت الأسواق تطرح على المزارعين أصنافاً جديدة من البذور المهجنة أو المعدلة جينياً والتي تمنح محاصيل وافرة واستقراراً في الإنتاج وتنتج ثمراً نوعياً يلبّي طلب سوق الاستهلاك، تراجع الإقبال على البذور الأصلية.
إلا أن الكثير من المزارعين قرروا قبل سنوات “إحياء” البذور الأصلية من جديد، لأنها أقل كلفة مالية في شراء الأسمدة والأدوية وأقلّ حاجة إلى الماء وعمليات الري في بلد يعاني من ندرة المياه.
وفي أغسطس 2021 أدت موجة حر في شمال تونس إلى بلوغ الحرارة 49 درجة مئوية، وهي الأعلى منذ 1982، وشهدت المحافظات الشمالية أشد مواسم الصيف حرا على الإطلاق.
وفي الوقت نفسه تراجع معدل هطول الأمطار دون ثلثي المتوسط المعتاد منذ أمد طويل، وهو نقص تشير النماذج المناخية إلى أنه قد يكتسب صفة الدوام، على حد قول خبراء البيئة.
ويمثل ارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطات في العالم، مع زيادة درجات الحرارة، تهديدا إضافيا للزراعة وتربية الحيوانات.