مزارع الماريجوانا غير المشروعة تغزو صحارى كاليفورنيا

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - قبل التخلص من جثته بدفنه في قبر سطحي، يبعد مسافة 50 ميلا عن شمالي لوس أنجلس، كان ماوريسيو إسماعيل حونزاليس راميريز سجينا في واحدة من المئات من مزارع الماريجوانا غير المشروعة، والتي تضخم عددها عبر ما يعرف باسم الصحراء العليا بولاية كاليفورنيا على مدار عدة سنوات، وفقا لما يقوله المسؤولون.
وذكرت صحيفة لوس أنجلس تايمز أن راميريز كان يعمل في منطقة صحراء ماجوفي، التي أصبحت مأوى جديدا بكاليفورنيا لزراعة الماريجوانا بشكل غير قانوني، وهي تبعد بمسافة كبيرة عن بساتين الغابات الخصبة، التي تعرف باسم “مثلث الزمرد” والكائنة في المنطقة الشمالية من كاليفورنيا، وما تتميز به منطقة صحراء ماجوفي من مناخ حار وجاف جعلها جاذبة لأكثر من ألف مزرعة للماريجوانا، التي ملأت المساحات القاحلة الكائنة بين وادي أنتلوب ونهر كلورادو.
وهذه المزارع، التي غزت المنطقة وحاصرتها بشكل غير مسبوق، قلبت حياة التجمعات السكانية التي تعيش في هذه المنطقة الصحراوية رأسا على عقب، وأثرت سلبا بشدة على الإنشاءات المقامة على مساحات واسعة من الأراضي التي تشرف على أشجار الجوشوا والشجيرات.
وتقول السلطات إن رواج هذه المزارع أدى إلى انتشار العمالة بالسخرة وأعمال العنف وسرقة المياه وتدمير البيئة الصحراوية الهشة وما فيها من حياة برية.
ويقول السكان المقيمون في المنطقة منذ فترة طويلة إن مستوى الأمان تراجع، وإن مزارعي الماريجوانا في السوق السوداء يعملون دون أن يحاسبهم أحد، ويحملون الأسلحة ويتبادلون إطلاق الرصاص مع منافسيهم، ويهددون أي شخص يتجول على مسافة قريبة من مزارعهم.
رواج مزارع الماريجوانا أدى إلى انتشار العمالة بالسخرة وأعمال العنف وسرقة المياه وتدمير البيئة الصحراوية الهشة
وتقول آمي تيسيير (38 عاما) “عندما انتقلت أسرتي إلى منطقة تونتيناين بالمز منذ تسع سنوات، كان يسود فيها الهدوء والسلام، ولكن كل ذلك تغير بسبب غزو مزارع الماريجوانا، ولم نعد نقوم بجولات مسائية نستمتع خلالها بمنظر النجوم، فالوضع الآن لم يعد يشعرنا بالأمان”.
وتدير منظمات إجرامية الكثير من هذه المزارع غير القانونية، وفقا لما يقوله زبائن المكتب الاتحادي لمكافحة المخدرات، وتعتمد المنظمات على عمل المهاجرين غير الشرعيين مثل جونزاليس راميريز.
وتم تشغيل المكسيكي راميريز الذي يبلغ من العمر 26 عاما ليعتني بزراعات الماريجوانا لمدة تصل إلى 90 يوما، داخل صوبة مؤقتة مقامة على مشارف بحيرة لوس أنجلس، حيث تم احتجازه رغما عنه باستخدام وسائل “العنف والتهديد والاحتيال والخداع”، وفقا لما قاله المحققون.
وتم إطلاق الرصاص على رأسه في الماضي بمسدس نصف آلي، ثم جرى دفنه في منطقة مهجورة من الصحراء.
وبعد أن تلقت السلطات بلاغا قامت باستخراج جثمان راميريز بعد شهر من دفنه، وألقت القبض على ثلاثة أشخاص ليس بحوزتهم وثائق يديرون المزرعة، للاشتباه في علاقتهم بعملية القتل، وتشير وثائق المحكمة إلى أنه يتردد أن المشتبه بهم ينتمون لعصابة جاليسكو الإجرامية.
وبدأ ازدهار مزارع الماريجوانا في صحراء موجافي، بعد وقت قصير من موافقة الناخبين في اقتراع بولاية كاليفورنيا على تقنين الماريجوانا عام 2016، ومنذ ذلك الحين سارع مزارعو الماريجوانا غير الشرعيين إلى صحراء الولاية، التي تتيح بيئة شبه مثالية للمزارع مترامية الأطراف، حيث تتمتع بأشعة شمس مستمرة طوال العام، ومساحات شاسعة من الأراضي منخفضة السعر، وعدم وجود أثر للشرطة.
وعلى الرغم من أن زراعة الماريجوانا في الصحراء تتطلب كميات كبيرة من المياه، اكتشف المزارعون أن بإمكانهم شراء أو سرقة احتياجاتهم المائية.
وأثارت الزيادة السريعة في زراعة محصول شره للمياه وسط بيئة صحراوية المخاوف من حدوث ندرة مائية يعاني منها سكان المنطقة.
وبدأ مزارعو القنب في الانتقال من غابات كاليفورنيا ذات الأشجار الحمراء العالية إلى الصحراء شديدة الحرارة عام 2018، بعد مرور عامين على موافقة الناخبين بكاليفورنيا على تمرير قانون بتقنين تعاطي الماريجوانا، وخفف القانون عقوبة زراعة وبيع الماريجوانا من جناية إلى جنحة.
ويوضح بودنر الذي يعمل في الإدارة الأمنية منذ ثلاثين عاما أن منظمات إجرامية من المكسيك والصين وروسيا وأرمينيا ولاوس تدير كثيرا من هذه المزارع غير المشروعة.
وعلى الرغم من أن وكالات الأمن تداهم هذه المزارع في حملات أمنية منتظمة، تزيل خلالها نباتات الماريجوانا باستخدام آلات ثقيلة، فإن المزارعين سرعان ما يعيدون زراعة نباتاتهم ويستأنفون نشاطهم مرة أخرى، ويقر المسؤولون بهذا.
ويقول أحد العاملين بمزرعة مخالفة “إنني أحصل على 100 ألف دولار سنويا من زراعة 100 نبات، أو ألف دولار لكل رطل”، ويضيف “سأحصل على هذه الأموال في حالة عدم تدمير الشرطة للمحصول مرة أخرى”.
ويحذر الخبراء من الآثار المدمرة لهذه الزراعات غير القانونية على البيئة، فيقول كودي هانفورد نائب المدير التنفيذي لصندوق أراضي صحراء موجافي وهو منظمة غير ربحية، إن زراعة الماريجوانا على نطاق واسع يمكن أن تلحق دمارا بالغا بأراضي الصحراء والموارد.
وأضاف قائلا إن “عمليات الإعداد للزراعة تتم خلالها إزالة النباتات التي كانت موجودة بالتربة من قبل، مما يؤدي إلى موتها ومعها كائنات الحياة البرية، بما في ذلك سلحفاة الصحراء، ويتم عمل حفر عميقة في التربة، مع حفر آبار لسحب المياه من خزانات المياه الجوفية”.