مزارعو الفستق في سوريا يعانون من مخلّفات الحرب وتغير المناخ

استيراد الوقود والأسمدة والمستلزمات الزراعية الأخرى تعطل في سوريا بسبب العقوبات الغربية المفروضة منذ ما يقرب من عقد.
السبت 2022/08/13
الشجرة الذهبية

معان (سوريا) - مع عودتهم إلى بساتينهم بعد حرب دارت رحاها لسنوات، تبددت آمال مزارعي الفستق السوريين الذين كان يحدوهم الأمل في إحياء محصولهم الثمين وذلك بسبب احتراق الأشجار والأضرار الناجمة عن تغير المناخ.

شجرة الفستق، التي تزينها عناقيد من الحبوب كستنائية اللون التي يتم حصادها مع بداية شهر أغسطس من كل عام، تُعرف بأنها “شجرة ذهبية في تربة فقيرة”، مما يعكس قيمة هذا المحصول الذي يُصدر منذ أمد طويل إلى بلدان الشرق الأوسط وأوروبا.

ويقول المزارع نايف إبراهيم إن المزارعين بالقرب من قرية معان شمال غرب سوريا يحصدون ربع المحصول الذي كانوا يجمعونه قبل اندلاع الحرب.

وترك إبراهيم وأفراد عائلته مزارعهم عندما امتد القتال إلى المنطقة خلال الصراع الذي نشب في عام 2011. وعادوا بعد أن طردت القوات الحكومية مقاتلي المعارضة في 2019.

بعض المزارعين حاولوا إيجاد حلول بديلة للوقود والكهرباء عن طريق تركيب ألواح شمسية لتشغيل آلات الري

وأشار إبراهيم إلى أنهم وجدوا أشجار الفستق مقطوعة أو محترقة بسبب الصراع، وتحتاج الأشجار الجديدة التي غرسوها إلى نحو 12 عاما لتؤتي ثمارها.

وقال إن جني حصاد وفير من مزرعته سيستغرق وقتا أطول على الأرجح في ظل تباطؤ الانتعاش بسبب “قلة الأمطار مع التغير المناخي بشكل كامل ومع نقص المواد الأساسية التي يحتاجها المزارع من أسمدة وأدوية ومبيدات، هذا الحديث كله أثر على المزارعين بأكثر من 80 في المئة تماما، اليوم من المئة أنا أحصل على 20 أو 30 في المئة من إنتاجي”.

وشهدت سوريا أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من 70 عاما في 2021، إذ تضررت المحاصيل في جميع أنحاء البلاد بشدة، وفقا للجنة الإنقاذ الدولية.

وقدّر إبراهيم أن حقوله شهدت نصف كمية الأمطار التي كانت تسقط في السنوات السابقة، لكن ليس لديه أي خيار آخر في ظل ارتفاع تكاليف الوقود المطلوب لضخ المياه.

وقال إن التربة الغنية بالمغذيات التي يمكن أن تساعده في زيادة الإنتاج إما غير متوفرة أو تحتاج إلى تكاليف كبيرة. وأضاف “أحتاج إلى سماد (…) لا يوجد أي شيء. أحتاج إلى الماء (…) لا يوجد أيضا”.

وتعطل استيراد الوقود والأسمدة والمستلزمات الزراعية الأخرى في سوريا بسبب العقوبات الغربية المفروضة منذ ما يقرب من عقد، وانهيار العملة المحلية، والآن الصراع في أوكرانيا الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية.

وقال إبراهيم “اليوم ليس لدي مبيدات (…) من الصعب تأمينها بسبب الحصار الاقتصادي، وليس هناك محروقات كما أنني مضطر أن أسقي لكنني لا أستطيع”.

وقال عبدالمنعم إبراهيم مزارع من بلدة مورك في حماة والتي تعد من أبرز المناطق المنتجة للفستق الحلبي على مستوى سوريا إن أشجار الفستق الحلبي في البلدة تعرضت لأضرار كبيرة خلال السنوات الماضية جراء اعتداءات الإرهابيين والآفات الحشرية والمرضية التي اجتاحت الأشجار، غير أنها بدأت في السنوات الأخيرة تستعيد عافيتها تدريجياً في ظل عودة الأمان والاهتمام والرعاية من قبل المزارعين.

وحاول بعض المزارعين إيجاد حلول بديلة عن طريق تركيب ألواح شمسية في أحد بساتين الفستق لتشغيل آلات الري.

ويتم حصاد الفستق عند الفجر وغروب الشمس وهو الوقت الذي تنفصل فيه قشرته بشكل طبيعي، لتصدر صوت قرقعة يرشد المزارعين إلى الأشجار التي حان وقت قطاف ثمارها.

ويوضع الفستق في آلات لتقشره وتصنفه حسب الحجم قبل تعبئته في أجولة بوزن 50 كيلوغراما مكتوب عليها “الفستق الحلبي”، وهو الاسم الذي يشتهر به في معظم أنحاء الشرق الأوسط.

الأمل في إحياء محصول ثمين
◙ الأمل في إحياء محصول ثمين

ويقول المزارع يوسف إبراهيم وهو يمسك بحفنة من الفستق الطازج في يده، إنه يشعر بخيبة أمل من حجم الثمار “هذا العنقود كانت الحبة أكبر مما هي عليه بل ضعف ما هي عليه الآن (…) الجفاف وقلة المياه وقلة المحروقات نتيجة الحصار، نحن عاجزون عن سقيه”.

ويعاني المزارعون في جميع أنحاء سوريا من مشاكل مماثلة، وسط مؤشرات على ضعف محصول القمح مما يزيد من المخاوف بشأن الإمدادات الغذائية في بلد تقول الأمم المتحدة إن عدد من يحتاجون إلى مساعدات فيه أصبح أكبر من أي وقت مضى منذ عام 2011.

ويقول حسن القاسم مزارع فستق من حماة إن “السوق الرئيسية للفستق هي الدول الخليجية بالخصوص ولو لم يكن هناك طلب داخلي من قبل أصحاب ورشات ومعامل تصنيع الحلويات والبوظة لكسدت بضاعتنا رغم قلة المحصول”، مشيرا إلى أن أشهر أصناف الفستق الحلبي في المنطقة “العاشوري” و”أبوريحة” و”ناب الجمل”.

وقال المهندس جهاد محمد مدير مكتب الفستق الحلبي في وزارة الزراعة إن زراعة الفستق عانت بسبب الحرب، مشيرا إلى انتشار قطع الأشجار في المناطق التي يُزرع فيها.

وأضاف أنه رغم ذلك استمرت صادرات الفستق السوري إلى أسواق عربية. ويردف “سوقنا الأساسية للتصدير هي بعض الدول العربية منها المملكة العربية السعودية ومصر والأردن ولبنان وبعض الدول الأجنبية”.

18