مركز شرطة سيء السمعة في سيدني يتحول إلى متحف للمثليين

غاري نان
سيدني - كان مركز شرطة في سيدني مكانا يتذكره بعض الأستراليين الأكبر سنا من المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، حيث احتجزوا فيه. ويقولون إنهم تعرضوا للضرب المبرح لمجرد كونهم مختلفين.
وسيستضيف الآن مركز شرطة دارلينج هيرست القديم في قرية المثليين في سيدني أول متحف مخصص لمجتمع الميم في المدينة، يُدعى كيوتوبيا سيدني.
ويقول المؤيدون لهذه الخطوة إن المتحف يستعيد مساحة للمثليين، بينما يقول المنتقدون إن السجن السابق ملوث بتاريخ من العنف ويجب إيقاف المشروع للمزيد من المشاورات المجتمعية.
وقال غريج فيشر، الرئيس التنفيذي لمشروع كيوتوبيا، “إنه مبنى مرعب بالنسبة للبعض. نحن نطالب بهذا لأننا تعرضنا لسوء المعاملة هناك. والآن يجب أن تكون المساحة لنا. يجب أن نكون قادرين على رسم مستقبل أفضل هنا”.
ولم يتقرر إلغاء تجريم الجنس المثلي في نيو ساوث ويلز حتى 1984، وكانت المنطقة متخلفة عن القرارات التي اتخذتها بقية الدول التي جعلت الجنس المثلي بالتراضي أمرا قانونيا في ستينات وسبعينات القرن الماضي. ولم يمر مشروع القانون على الصعيد الوطني حتى سنة 1994.
وفي يونيو 1978، اجتمعت مجموعة من الناس لتنظيم أول كرنفال “ماردي غراس” في المدينة كمسيرة سلمية للمطالبة بحقوق المثليين وإلغاء تجريم العلاقات الجنسية المثلية.
ومزّقت وحشية الشرطة الاحتجاج، وألقي القبض على 53 شخصا. واعتذرت شرطة نيو ساوث ويلز في 2016 عن أعمال العنف والاعتقالات التي وقعت خلال المسيرة.
وقالت جمعية 78 الأصلية التي تمثل بعض متظاهري 1978، إن بعض أفراد مجتمع الميم لا يمكنهم العودة إلى المنطقة أبدا بسبب الصدمة التي تعرضوا لها هناك، جراء العنف الذي سُلط عليهم في ذلك التاريخ.
ووصفت المكان في بيان لوسائل الإعلام المحلية بأنه كان “موقع اعتداءات روتينية يومية للشرطة على مدى عقود”.
وقال ستيف وارين، وهو من أعضاء المجموعة، إن “للمكان تاريخا قمعيا، ليس فقط بالنسبة للمشاركين في مسيرة 1978 ولكن لأفراد الشعوب الأصلية، وعمال الشوارع، والمشردين والشباب”.
3.7
مليون دولار قيمة التمويل التي حصل عليها المتحف بما في ذلك 3.85 مليون دولار من الحكومة ومليون من مؤسسة لاكلان وسارة مردوخ
وليس الأمر ببساطة “استعادة للمساحة بهدف تنظيم الأحداث في منزل رعب”. وقال متحدث باسم شرطة نيو ساوث ويلز إن رجال الأمن “لا يزالون ملتزمين ببناء العلاقات” مع مجتمع الميم وتعزيزها.
وقال متحدث باسم كيوتوبيا إن المنظمين تواصلوا مع عدد من المجموعات الناشطة ضمن مجتمع الميم و78 شخصا، ويستمرون في التواصل مع المجتمع ككل، بما في ذلك بحثا عن المشورة لمناقشة تجارب الأشخاص في المبنى والتأثير المحتمل لإعادة زيارته.
وتقرر تحويل العديد من المساحات المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان في العالم إلى متاحف، من أسواق العبيد السابقة إلى السجون مثل جزيرة روبن في جنوب أفريقيا ومقر لجنة أمن الدولة التابع للاتحاد السوفيتي الـ”كي.جي.بي”. وعمل أنصار كيوتوبيا، بما في ذلك عمدة سيدني كلوفر مور، منذ فترة طويلة على تنظيم متحف لمجتمع الميم في المدينة.
وقالت مور في تعليقات عبر البريد الإلكتروني “سوف تكون كيوتوبيا مكانا للاحتفال والاستعراضات والحفلات، ولكن أيضا للتفكير في المكاسب التي تحققت بفضل الجهود والتوحد في الكفاح المستمر من أجل المساواة. في حين ساهم هذا المبنى في الظلم الذي عانى منه العديد من أفراد مجتمع الميم، سيدعم تحويله إلى مورد مجتمعي مهم لعلاج مظالم الماضي، ومعالجة أخطائه، والاحتفاء بمرونة المجتمع”.
وحصل المتحف على تمويل بقيمة 5.5 مليون دولار أسترالي (3.7 مليون دولار)، بما في ذلك 3.85 مليون دولار من الحكومة ومليون من مؤسسة لاكلان وسارة مردوخ.
ومن المقرر افتتاحه تزامنا مع حدث ماردي غراس السنوي القادم في سيدني في فبراير 2024، وسيشمل معارض تستكشف تاريخ مجتمع الميم والثقافة والفن والقضايا المعاصرة.
وقال فيشر “سأطلب من القيمين على المعرض أن يعطوا كل ما لديهم. أريد أن ينبهر الناس”. وأكّد أن المشروع لن يتجاهل الجوانب الأكثر إيلاما وتحديا في تاريخ مجتمع الميم.
ونظّم المتحف معرضا متفرّعا عن مهرجان وورلدبرايد لهذا العام، الذي استضافته سيدني، والذي تضمن إعادة تجسيد للعنبر 17، أول وحدة أسترالية مخصصة لفايروس نقص المناعة البشرية بين عامي 1984 و2000.
وسيشمل كيوتوبيا أيضا مواد حول مرحاض عمومي سابق قريب “يتجول” حوله الرجال المثليون لممارسة الجنس. وقال فيشر “لا توجد وسيلة لتجاهل ذلك، إنه جزء من تاريخنا، وجزء من هويتنا”.
وذكر أن المنظمين سيطلبون من أفراد من مجتمع الميم أن يسجّلوا قصصهم عبر الفيديو قبل افتتاح المتحف، حتى لو كان ذلك ليقولوا لماذا لن تطأ أقدامهم المكان مرة أخرى، وذلك لتسليط الضوء على التقدم الهائل في تأمين حقوق هؤلاء. لكن بعض أعضاء مجتمع الميم يرون في المشروع فرصة ضائعة.
وقال بيتر مورفي، وهو أحد المشاركين في مسيرة 1978، “أريد حقا متحفا هائلا لمجتمع الميم في سيدني، لكنني أعتقد أن مركز الشرطة هو الموقع الخطأ، حيث يسوده تاريخ من التعذيب الذي تعرّض له مختلف الأشخاص، بمن فيهم أنا. وأشعر أنني لا أستطيع الذهاب إلى متحف هناك. توجد حاجة إلى المزيد من التشاور”.