مذاق الحلوى التقليدية يسيل لعاب المغاربة في رمضان

أصناف من الحلوى التقليدية المحلية تخطف عيون المتسوقين بسبب طعمها المميز وارتباطها بالشهر الكريم.
الجمعة 2025/02/28
لتحلية السهرة

ازدادت الأسواق الشعبية المغربية مع حلول شهر الصيام زينة بالشباكية والبريوات والسلو وغيرها من أصناف الحلويات التقليدية التي تحضر على المائدة الرمضانية لتحلّي السهرة خاصة بعد صلاة التراويح مع بعض القهوة أو الشاي.

الرباط - قبل حلول شهر رمضان تبدو الأسواق الشعبية في المغرب في أبهى صورها متزينة بمختلف البضائع والسلع الغذائية لكن أصنافا بعينها من الحلوى التقليدية المحلية تخطف عيون المتسوقين بسبب طعمها المميز وارتباطها بالشهر الكريم. وفي إحدى أشهر الأسواق الشعبية الشهيرة وسط الرباط يقف عند الزاوية بائع بشوش وأمامه حلوى (الشباكية) و(البريوات) بانتظار زبائنه الذين ينتظرهم في كل عام ويعرف طلب كل منهم.

وقال البائع الذي عرف نفسه باسم محمد “طوال العام نبيع هذه الحلويات الرمضانية منذ عشرات السنين، بحيث قلما نجد محلا آخر يبيعها خارج أوقات رمضان”. وأضاف، “لذلك لنا زبائن دائمون ممن يعشقون هذه الحلويات حتى خارج رمضان، يأتون إلينا من كل مكان في الرباط وحتى خارجه”.

و(الشباكية) هي حلوى مغربية تصنع من الدقيق وبعض السمسم والينسون وعدد من المنكهات التقليدية منها المستكة وماء زهر البرتقال ويتم إعدادها بشكل هندسي متشابك ثم تقلى في الزيت وتغطس في العسل وهي ساخنة قبل أن تزين من أعلى بحبات السمسم. أما (البريوات) فتأخذ شكل المثلث أو ما يسمى في المشرق العربي (السمبوسة) وتكون محشوة باللوز وتقلى أيضا في الزيت وتتشبع بالعسل.

وبالإضافة إلى الشباكية والبريوات هناك (السلو) أو (السفوف) إذ تختلف التسمية حسب المناطق في المغرب، وهو أيضا صنف مفضل على المائدة الرمضانية، بل يكاد يكون لا غنى عنه بالنسبة للعديد من الأسر، خاصة بعد صلاة التراويح مع بعض القهوة أو الشاي. ويبدأ عدد من الأسر في تحضير السلو منذ دخول شهر شعبان، لما يتطلبه من مراحل كثيرة في التحضير نظرا لتعدد مكوناته.

وقد يكون السلو أكثر كلفة لأن أجوده ما يحضر في البيت، على عكس الشباكية التي أصبحت الأسر تفضل شراءها جاهزة كسبا للوقت لما تتطلبه من مراحل تحضير طويلة نسبيا، خاصة بالنسبة للنساء العاملات، كما أن أصحاب المحال ينافسون ربات البيوت في إتقانها.

ورغم الإقبال الموسمي على الحلوى التقليدية فإن البائع محمد وزميل له يدعى عبدالكريم سجلا هذه السنة نقصا في المبيعات “الحركة التجارية عموما خافتة قليلا بالمقارنة مع السنوات السابقة بسبب غلاء الأسعار، وبسبب عزوف عدد من الناس أيضا عن استهلاك السكريات بكثرة لأسباب صحية”.

◙ السلو قد يكون أكثر كلفة لأن أجوده ما يحضر في البيت على عكس الشباكية التي أصبحت الأسر تفضل شراءها جاهزة كسبا للوقت
◙ السلو قد يكون أكثر كلفة لأن أجوده ما يحضر في البيت على عكس الشباكية التي أصبحت الأسر تفضل شراءها جاهزة كسبا للوقت

ويقول عبدالكريم “جميع المواد الأولية من دقيق وسكر وزيت وغاز ارتفعت أسعارها، ونحن حاولنا قدر الإمكان في المحل عدم الزيادة في أسعار الحلوى، سوى زيادة طفيفة لا تتجاوز نصف درهم في الكيلو، حتى نحافظ على زبائننا.. لكن نسجل تراجعا على الإقبال مقارنة بالسنوات الماضية”.

لكن ربة المنزل خديجة مصمودي (52 عاما) تقول إنه رغم الارتفاع الملحوظ لأسعار الحلوى التقليدية فإن هذا لم يمنعها من شراء القليل. وقالت “اشتري الشباكية من السوق لتزيين الطاولة الرمضانية لأننا اعتدنا على وجودها بجانب ‘الحريرة‘ (حساء مغربي تقليدي) لكن مع التقدم في العمر أحاول قدر الإمكان أن أقلل من السكريات”. وأضافت “أما السلو فلا غنًى لي عنه في رمضان، خاصة أنني أضع فيه العديد من الحبوب المغذية وأخلطه بزيت الزيتون بدل الزبد والعسل الطبيعي بدل السكر”.

واشتكت من أن “مكونات السلو، للأسف، هذا العام ارتفعت ارتفاعا صاروخيا، خاصة السمسم المحلي غير المستورد،” مصيفة، “منذ أكثر من 30 عاما، منذ صار لي بيت مستقل عن عائلتي، لم يصل لهذا السعر”. وأكد محمد بلفقيه، الذي يبيع الفواكه الجافة والحبوب وبعض المواد التي يحتاجها المغاربة على مائدتهم الرمضانية، “هناك ارتفاع في الأسعار، وإقبال من متوسط إلى ضعيف مقارنة بسنوات سابقة”.

وأضاف “الجفاف أثر على جودة وأسعار بعض المواد، كالسمسم واللوز.. ونحن أيضا نشتريها بأسعار غالية نظرا لكثرة الوسطاء، وضعف المحصول”. ويرى المحلل الاجتماعي فؤاد بلمير أنه “منذ ثمانينات القرن الماضي تميزت مائدة إفطار المغاربة على العموم، مع احترام الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية بين فئات المجتمع المغربي، وأصبحت أكثر تنوعا كما عرفت بتعدد الأطباق”.

وقال، إن “السنوات الأخيرة، وخاصة هذه السنة، عرفت ارتفاعا مهولا للأسعار، لذا مؤكد أن مائدة الإفطار لدى فئة عريضة من المجتمع المغربي ستتأثر ويتقلص عدد الأطباق”. وأضاف أن “التأثير واضح للارتفاع المهول للأسعار، وأكيد سيكون أوضح في شهر رمضان، نتمنى أن تكون هناك مراقبة صارمة للأسعار من طرف الحكومة ومعاقبة المضاربين في الأسعار”.

لكن رغم ارتفاع الأسعار وزيادة العبء على الأسر يقول بلمير إن “المجتمع المغربي له القدرة على التكيف مع هذه الأوضاع المعيشية التي، بشهادة الجميع، أصبحت صعبة جدا”. وأضاف أن “المغاربة من طبعهم التأقلم، وأكيد سيحاولون المحافظة على الحد الأدنى من هذه الطقوس الرمضانية على موائدهم”.

وتبدي شيماء التهامي (34 عاما) وهي حديثة الزواج، عازمة على التعايش مع الأوضاع الاقتصادية المتغيرة، وقالت “لن نترك غلاء الأسعار يفسد علينا بهجة رمضان الذي تزيده نكهة تقاليدنا الأصيلة”.

وأضافت “على رأي الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.. نحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا. سأزين طاولتي بالأطباق التقليدية المغربية وأستغني عن المواد مرتفعة السعر وأعوضها بالأقل تكلفة، المهم أن أعيش الأجواء الرمضانية في سلام، هذا الشهر هو شهر العبادة في الأصل، والوصول إلى سلام داخلي بالأساس”.

123

18