مخرجان إيرانيان يطلقان صرخة حرية من برلين

المخرجان يؤكدان أن القواعد الصارمة التي تحكم إنتاج الأفلام في إيران تَحول دون إظهار واقع المجتمع.
الأحد 2024/02/18
حضور يتحدى الغياب

حضر مخرجان إيرانيان ممنوعان من السفر حفل افتتاح مهرجان برلين السينمائي من خلال رسالة حملتها بطلة فيلمهما المرشح لجائزة الدب الذهبي، أكدا عبرها أن شغور مقاعدهما في هذا الحدث العالمي لا يحول دون إطلاقهما صرخة حرية، وأنهما يهديان عملهما إلى النساء الشجاعات في إيران.

برلين - حوّل المخرج الإيراني بهتاش صناعي ها ومواطنته مريم مقدّم قرار سلطات طهران حظر سفرهما ومنعهما من حضور مهرجان برلين السينمائي الذي يقام في الفترة من 15 إلى 25 فبراير الجاري، لمواكبة العرض العالمي الأول لفيلمهما "كيك محبوب من" (بالعربية: كعكتي المفضلة) إلى فرصة لتأكيد شجاعة المرأة وتمسكها بحريتها. فمخرجا الفيلم المرشح لجائزة الدب الذهبي توجها الجمعة إلى منظّمي مهرجان برلين السينمائي الدولي من خلال رسالة من طهران.

وجاء في رسالتهما التي قرأتها الممثلة الرئيسية في فيلمهما ليلي فرهادبور التي استطاعت حضور المؤتمر الصحفي إلى جانب زميلها إسماعيل محرابي “ممنوعان من الانضمام إليكم ومشاهدة فيلم على الشاشة الفضية عن الحب والحياة وأيضا عن الحرية، الكنز المفقود في بلدنا.. نهدي، بكل حرية وفخر، العرض الأول لهذا الفيلم إلى النساء الحرّات والشجاعات في بلدنا، اللواتي كنّ دائما في طليعة النضالات الاجتماعية والتغيير، ويحاولن كسر جدار المعتقدات الكاذبة المتحجرة التي عفا عليها الزمن، ويضحين بأنفسهنّ من أجل الحرية”.

وكتب المخرجان في الرسالة "أصبحنا نعتقد أنه ليس من الممكن سرد قصة امرأة إيرانية مع الالتزام بالقوانين الصارمة مثل الحجاب الإلزامي". وإذ رأى المخرجان البالغان 54 و43 عاما أن القواعد الصارمة التي تحكم إنتاج الأفلام في إيران تَحول دون إظهار واقع المجتمع، أوضحا أنهما شاءا “إبراز الصورة الحقيقية للمرأة الإيرانية، الممنوع التعبير عنها في السينما الإيرانية منذ الثورة الإسلامية”، وأضافا “نحن نتقبل العواقب".

◙ السينما الإيرانية تخضع لرقابة مشددة من قبل النظام، وغالبا ما يتعرض أبرز مخرجيها الذين يتحدون الرقابة للقمع

وسرعان ما حلّت هذه العواقب بالفعل على المخرجين اللذين سبق أن عُرض لهما في مهرجان برلين عام 2021 فيلم "قصيدة البقرة البيضاء" المحظور في إيران. وفي مقابلة عبر الفيديو مع وكالة فرانس برس، بالاشتراك مع مريم مقدم، روى بهتاش صناعي ها كيف "داهمت الشرطة منزل منتج الفيلم وصادرت كل الأقراص الصلبة وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمشروع”، مضيفا "ثم، عندما أردنا مغادرة طهران إلى باريس، لإنجاز مرحلة ما بعد التصوير، صادروا منّا جوازَي سفرنا في المطار".

وتخضع السينما الإيرانية التي تحظى بتقدير كبير في المهرجانات الدولية، لرقابة مشددة من قبل النظام، وغالبا ما يتعرض أبرز مخرجيها الذين يتحدون الرقابة للقمع. ودرج "برليناله" منذ مدة طويلة على دعم المخرجين الإيرانيين المعارضين. وسبق للمهرجان أن منح جائزته الكبرى الدب الذهبي لمخرجين إيرانيين بارزين، من بينهم أصغر فرهادي عن "انفصال" وجعفر بناهي عن "تاكسي طهران" ومحمد رسول آف عن "لا وجود للشيطان".

ويروي "كعكتي المفضلة” في 97 دقيقة قصة “ماهين” (تجسد دورها ليلي فرهادبور)، وهي أرملة تبلغ 70 عاما هاجرت ابنتها. وفي هذا الفيلم الدرامي الذي يركّز على الاقتصاد، تمضي ماهين قسما من وقتها في الطهو لمجموعة من أصدقائها، لكنها لم تنس الحرية التي كانت تتمتع بها خلال شبابها قبل قيام الجمهورية الإسلامية. وفي أحد المطاعم، تلتقي متقاعدا آخر، هو سائق سيارة أجرة.

وينشأ إعجاب متبادل بين ماهين والرجل. وفي المنزل، بعيدا عن أنظار الجيران، يستمعان إلى الأسطوانات الموسيقية ويرقصان ويشربان نبيذا مهربا. وتغوي ماهين صديقها وتأخذ زمام المبادرة، أما هو فلا يمانع. واعترفت مريم مقدم بأن الفيلم “يتجاوز الكثير من الخطوط الحمر" في مسائل “محظورة في إيران منذ 45 عاما". ورأت أنها “قصة امرأة تعيش حياتها، وتريد أن تكون حياتها طبيعية، وهو أمر محظور على النساء في إيران".

وما زاد الطين بلّة أن الممثلة ليلي فرهادبور، وهي أيضا صحافية ومؤلفة في إيران، تظهر في الفيلم من دون حجاب. وشرحت الممثلة في مؤتمر صحفي أن النساء الإيرانيات في حياتهن اليومية “لا يضعن الحجاب أثناء النوم أو غسل الملابس”، إلا في الأفلام، مما “يجعل الجمهور الإيراني يضحك”، مضيفة “أردنا أن يكون هذا الفيلم واقعيا”.

18