مخاوف من دوامة عنف في صفاقس غداة مقتل تونسي على يد أفريقي

النيابة العامة تفتح تحقيقا مع ثلاثة أفارقة من مهاجري جنوب الصحراء في جريمة القتل تزامنا مع حملة إيقافات شملت 22 شخصا وتعزيزات أمنية وتطويق المدينة.
الثلاثاء 2023/07/04
دعوات الترحيل تلاحق العابرين

تونس – تثير الصدامات بين مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء وسكان تونسيين محتجين على وجودهم بينهم في محافظة صفاقس (شرق) لليوم الثالث على التوالي، المخاوف من دخول المدينة في دوامة عنف، خصوصا بعد مقتل أحد أبناءها على يد مهاجر، رغم حملة الايقافات التي شملت البعض منهم، والتعزيزات الأمنية.

وتوفي التونسي على الفور بعد أن تلقى طعنة قاتلة إثر مناوشة مع المهاجر قبل أن يلوذ الأخير مع آخرين بالفرار، بحسب ما نقله شهود.

وقال النائب في البرلمان طارق المهدي، في مقطع فيديو من موقع الحادثة على الطريق المؤدي لمدينة المهدية المجاورة، إنه كان شاهد عيان على حادثة القتل وشاهد مجموعة من مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء أثناء فرارهم.

وأكّد المتحدث الرسمي باسم محكمة صفاقس فوزي المصمودي أنّ المناوشات تجددت للّيلة الثالثة على التوالي في عدد من المناطق بالمدينة، بين مواطنين تونسيين ومهاجرين غير نظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء.

وكشف، في تصريح لإذاعة موزاييك (محلية)، أن هناك نسقا تصاعديًا للعنف ما أدى إلى إزهاق روح بشرية لمواطن تونسي من مواليد 1981 بعد تعرضه لعملية طعن بآلة حادة.

وأظهرت لقطات فيديو الضحية مضرجا في دمائه على قارعة الطريق وسط حالة من الغضب بين سكان المنطقة.

وأشار المصمودي إلى أن الجريمة حصلت ما بين الحادية عشر والحادية عشر ونصف (بين 10:00 و10:30 ت غ) ليل الاثنين بمنطقة ساقية الدائر من محافظة صفاقس، لافتا إلى أنه لمّا وصلت الحماية المدنية على عين المكان، كان المعتدى عليه لا يزال على قيد الحياة، لكنه توفّي في طريقه إلى المستشفى.

وقال المصمودي "بحسب شهود عيان هناك شبهات لتورّط مهاجرين أفارقة من جنوب الصحراء في عملية الاعتداء"، مضيفًا أنه تم فتح بحث تحقيقي من أجل "القتل العمد مع سابقية القصد" وأن قاضي التحقيق تعهد بالأبحاث وأعطى نيابة عدلية لفرقة الشرطة العدلية بصفاقس الشمالية للبحث وتم الاشتباه في 3 أشخاص من أفريقيا جنوب الصحراء وتم بالتالي الاحتفاظ بهم على ذمة جريمة القتل في انتظار استكمال الأبحاث.

كما أشار إلى أنّ الوحدات الأمنية قامت ليلة الاثنين بإيقاف 22 شخصا من أفريقيا جنوب الصحراء في إطار حملات أمنية لمراقبة الوثائق والإقامة، مذكرا بأنها أوقفت في الليلة التي تسبقها 34 شخصا أيضا، على خلفية أحداث عنف بين هؤلاء المهاجرين ومتساكني صفاقس، وهي الأحداث المتواصلة منذ فترة وفي تصاعد.

وأفادت وسائل إعلام محلية اليوم الثلاثاء بوجود تعزيزات أمنية كبيرة في صفاقس خصوصا وسط المدينة ومنطقة باب الجبلي التي تشهد ظاهرة الانتصاب العشوائي لمجموعة من المهاجرين الأفارقة، حيث جرى تطويقها بالكامل إلى جانب تطويق مداخل المدينة من على بعد 30 كيلومترا والتثبت في هويات الاجانب القادمين إليها.

وشهدت مدينة صفاقس، ليل الأحد/الاثنين، حالة من الاحتقان، وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، صورا وفيديوهات تُظهر بعض المناوشات والاشتباكات بين السكان ومهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، ما استدعى تدخّل قوات الأمن التونسي.

وتعيش صفاقس وهي تحتضن أكبر عدد من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، على وقع مناوشات متعددة بين سكانها وهؤلاء المهاجرين مؤخرًا.

وتتواتر أعمال العنف في الشوارع بين مجموعات من المهاجرين أنفسهم من جهة، وبين مهاجرين وسكان محليين من جهة ثانية.

وقبل أسبوع شهدت المدينة احتجاجات من المجتمع المدني لمطالبة السلطات بالتصدي للتدفق الكبير للمهاجرين المخالفين للوائح الإقامة.

وتقول منظمات حقوقية إن القيود الأوروبية على حرية تنقل المهاجرين الذين لا يتمتعون بالحق في العمل ولا بأفق واضح في تونس، سيدفع بالمزيد من التوتر الاجتماعي في صفاقس.

ويصل عشرات المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء إلى تونس، لطلب اللجوء فيها هربا من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة في بلدانهم الأصلية، بينما يتخذها آخرون محطة للهجرة غير النظامية إلى أوروبا عبر البحر إلى الأراضي الإيطالية القريبة.

وطالبت البرلمانية التونسية عن محافظة صفاقس، فاطمة المسدي بوضع حدّ لهذه الظاهرة وذلك بتعيين وال للجهة وترحيل فوري للأفارقة جنوب الصحراء غير الشرعيّين خاصّة وأنّ الأحياء الشعبية بصفاقس أصبحت مُحتلّة من قبلهم.

وقالت المسدي في تصريح لإذاعة "جوهرة" الخاصة إنّ "ما يحدث اليوم في محافظة صفاقس هو سابقة خطيرة، ووجود الأفارقة من جنوب الصحراء بأعداد كبيرة في تونس يطرح تساؤلات كثيرة".

وكشفت البرلمانية التونسية أن 700 ألف دينار (نحو 200 ألف دولار) وصلت المهاجرين قبل عيد الأضحى عبر البريد التونسي، ويجب البحث عمن يمولهم، مضيفة أن "هناك بعض الأطراف سعت إلى زرع الفتنة بعد 25 يوليو لخلق حرب أهلية بين التونسيين وعندما فشلت أصبحت تُخطط لاستعمال أفارقة جنوب الصحراء لتحقيق هدفها".

وفي شهر فبراير الماضي انتقد الرئيس التونسي قيس سعيد، تنامي أعداد المهاجرين غير الشرعيين واعتبر أنّ ذلك يشكلّ تهديدا ديموغرافيا لبلاده، مطالبا باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تدفقهم، لكنه تعرض لإدانات واسعة من منظمات غير حكومية محلية ودولية، اعتبرت أن تصريحاته فيها تحريض على الكراهية والتمييز وممارسة العنصرية ضد المهاجرين.