كل نظر إلى الماضي بسخط ودونية هو نظر منقوص. إنه جلد للذات ينتج الصراخ أكثر من الخطوات والوعي. وهذا ما بتنا نراه فعلا.

لماذا لا ينفتح أساتذة الجامعات التونسية على التجارب الأدبية الجديدة ويفتحوا أعين طلبتهم عليها -وهذا ما فعله بعضهم فعلا-؟ لماذا لا يوقفون الحركة الإقصائية والعدائية بالكتابة عن بعضهم البعض، واختزال العالم فيما بينهم؟

نجحت أغلب الفضاءات الثقافية الخاصة في خلق ثقافة بديلة، ثقافة فيها الكثير من الاستهلاكية من جانب، والسطحية من جانب آخر، فتجاوزت تكلس "الثقافيين القدامى" إلى تسطيح "الثقافيين الجدد".

غيرة أصحاب السلطة من الأدباء والمبدعين نابعة من رفض للحرية بالأساس، حرية المبدع التي لم تنجح السجون والمشانق والرصاص في قمعها على مر التاريخ.

كثيرة هي حقوق الشاعر الإنسان التي تهملها الدولة، وتهمل من خلفها الشعر، فمتى يُتَدارَك هذا الوضع الذي ينبئ بكارثة حقيقية يتعرض لها شيخ الفنون.

لا نلقي باللوم على النقاد فحسب، فجل العاملين الثقافيين منخرطون في لعبة "خذ وهات"، أغلبهم إن لم نقل جميعهم أسماك كبيرة وصغيرة تتخبط داخل شبكة المصلحة التائهة في ماء تائه.

يكفي أن ترى الرسوم المقترحة في الشوارع، أن تلاحظ الانكماش وغياب التجديد، مجرد أفكار مكررة تكبّلها أيديولوجيا سياسية سطحية، بينما العالم لا يتوقف والفن لا حدود له، هذا علاوة على رداءة الرسوم المقدمة.