عقيدة أوباما التي شهدنا فصولها الخارجية في منطقتنا، أنتجت ورما دفع نفس المجتمع ليذهب هذه المرة حاملا جراح "11 سبتمبر" نفسها لينتخب رئيسا "شديد البياض"، عله يستعيد عظمة أميركا التي وعد ترامب بها.

حزب الله سيعيد التعايش مع منطق الدولة بعد انتخاب الرئيس بما قد يسبب احتكاكا مع منطق اللادولة في سلوكه وأدائه. صحيح أن عون حليف وفيّ لم يخلف وعدا مع حزب الله، لكن "النيران الصديقة" واردة بين ثقافة الرابية وثقافة الضاحية.

هل يمكن للبلد الصغير أن يفرض أمرا واقعا على الكبار، أم أن الجراحة الجارية في كل المنطقة قد تحيل التفصيل اللبناني هامشيا لا تلحظه التحولات الكبرى القادمة؟

حري أن نتساءل عما جعل النخب السياسية الغربية ووسائل إعلامها أكثر رعاية للجهد الإيراني في المنطقة وأكثر تفهما لدوافعه، وعما جعل من الجهد العربي "وربما التركي الخجول" المضاد عسيرا على التسويق وعلى نيل التأييد والاحتضان.

لا يبدو وصول ترامب إلى البيت الأبيض مستحيلا، بل إن خروجه عن القواعد قد يجد لدى الناخب إغراء للتمرد على ما أصبح رتيبا والتخلّص من عقلانية مفرطة أرساها أوباما في عهديه.

تاه عن بال المنتقدين أن الحريري يريد رئيسا للبنان، فيما حزب الله يريد لبنان برمته، وأن ذهاب اللبنانيين لانتخاب مرشح الحزب رئيسا لا يتسق مع أهداف الحزب في جعل المؤسسات اللبنانية داخل أجندته وتعمل تحت رعايته.

لا يبدو أن أمر حلب يمثّل حالة خلاف بين شرق وغرب، بين واشنطن وموسكو، بين سيرجي وجون. فآلة الموت وأبواق الاستنكار تتوازى وتتواكب داخل ورشة مشتركة تعمل على إسقاط المدينة.

يعرف "الشيخ" الحريري أن خياره ما بين "البيك" فرنجية و"الجنرال" عون يمر أيضا بحسابات "الأستاذ" بري و"السيد" نصرالله و"البيك" جنبلاط. وفي رحلة الألغام هذه، يتلقى أخبار المعركة في حلب كمرآة لتداخل أجندات وتقاطع أخرى.

الكرملين أول من يخشى هذه الأيام من مغبة إيقاظ المارد العسكري الأميركي، وأكثر من يعي أن المناورات الروسية المتقدمة منذ عام في الميدان السوري تعود فقط إلى فراغ عسكري غيبت به واشنطن عسكرها عن الميدان السوري.

أمام الأردن استحقاقات إقليمية مقبلة، والمطلوب من تلك الانتخابات ضبط الصراع الداخلي وفق شروط المؤسسات، بحيث يبقى الجدل داخل ضوابط تحصّن شرعية الدولة ونظامها السياسي برمته.