محمد شياع السوداني يواجه ضغوطا كبيرة لاختيار التشكيلة الحكومية

يتعرض رئيس الحكومة العراقية المكلف محمد شياع السوداني لضغوط من مختلف القوى السياسية خلال اختيار التشكيلة الوزارية وفق نظام المحاصصة، فيما يشعر العراقيون بخيبة أمل كبيرة.
بغداد - يواجه رئيس الحكومة العراقية المكلف محمد شياع السوداني صعوبات وضغوطات كبيرة من جميع مؤيديه من الكتل السياسية لاختيار تشكيلته الوزارية المقبلة، قبيل عرضها على البرلمان.
ورغم تلقي السوداني إشارات إيجابية واضحة ودعما كاملا وحرية لاختيار تشكيلته الوزارية، التي تضم ما بين 23 و24 حقيبة وزارية، بدأت الكتل السياسية جميعا في فرض إرادتها للحصول على حقائب وزارية دون غيرها.
ووفق مجريات مفاوضات تشكيل الحكومة خلال الأيام العشرة الأولى من بدء تكليف السوداني، لا يبدو الطريق معبدا أمامه للإعلان عن تشكيلة وزارية كاملة غير منقوصة، خاصة بعد إصرار الكتل الشيعية والسنية والكردية على التمسك باستحقاقاتها الانتخابية والظفر بالحقائب الوزارية، كل طرف بحسب وزنه وتمثيله في البرلمان العراقي.
وكان رئيس الحكومة المكلف قد أعلن مطلع الأسبوع الحالي أنه “حصل على تفويض من الكتل السياسية لاختيار كابينته الوزارية وفقا للأوزان الانتخابية، على أن تطرح الكتل أسماء مرشحيها ويترك أمر الاختيار لرئيس الحكومة”.
شكوك من أن تذهب حكومة السوداني إلى نفس الأحداث التي رافقت تشكيل حكومات سابقة بكابينة ناقصة
وأخفق البرلمان العراقي خلال الأيام العشرة الأولى من تكليف السوداني في تحديد موعد لعقد جلسة منح ثقة للحكومة الجديدة، كما كان معلنا رغم أن الأجواء كانت تشير إلى حصول توافق تام بشأنها.
وكشفت صحيفة “الصباح” الحكومية الصادرة الثلاثاء عن “صعوبات عدة تحيط بمهمة محمد شياع السوداني، وتميل التوقعات إلى إعلان التشكيلة الوزارية قبيل ساعات وربما دقائق من آخر يوم لعقد جلسة التصويت على الكابينة الوزارية”. وتنتهي المهلة الدستورية لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة السوداني في 11 نوفمبر المقبل.
ولا تبدو الأجواء السياسية الحالية في العراق بشأن آلية تشكيل الحكومة غريبة على العراقيين، فهي امتداد لأول حكومة تشكلت في عام 2005 وما تلاها حيث يواجه تشكيل كل حكومة بعد الانتخابات مخاضا عسيرا يستمر حتى اللحظات الأخيرة من المهلة الدستورية لتشكيلها، ومن ثم يتم فرض أسماء المرشحين على المكلف لشغل الحقائب الوزارية وتتشكل حكومة مقيدة بإرادة الكتل السياسية البارزة
في البرلمان.
وقال المحلل السياسي علي جاسم التميمي، في تصريح صحفي، إن “التوافقية السياسية استحكمت في إدارة الحكم في العراق بعد عام 2003 ولم تستطع أي إدارة أن تخرج أو تتمرد على آلية توزيع الحقائب الوزارية حسب نسبة التمثيل الانتخابي، وينتظر رئيس الحكومة المكلف كما هائلا من الأزمات والتحديات وعملية الإسراع بتمرير الكابينة الوزارية رغم أن هذا الأمر ليس سهلا”.
وأضاف التميمي “هناك صعوبات كبيرة أمام رئيس الحكومة المكلف لأن أغلب الكتل السياسية هي أحزاب ذات باع كبير في المراوغة واستغلال الوقت ويبدو أن السوداني لن يستطيع إكمال الكابينة الوزارية وسيقدمها منقوصة كعادة الحكومات السابقة”.
ويخشى العراقيون من أن تذهب حكومة السوداني إلى نفس الأحداث التي رافقت تشكيل الحكومات السابقة بكابينة ناقصة غير مكتملة، يتم استكمالها فيما بعد على خلفية الصراع على المناصب الوزارية بين الكتل المهيمنة على مقاعد البرلمان.
وذكرت صحيفة “الزمان” الصادرة الثلاثاء أن “آلية تقاسم الوزارات بين القوى السياسية على أساس المحاصصة أو ما يعرف بالاستحقاق الانتخابي تعكس خيبة أمل العراقيين بعد أن استبشروا خيرا بوعود رئيس الحكومة المكلف محمد شياع السوداني”.
وعلى الرغم من أن جميع الكتل السياسية تدعم السوداني لتشكيل حكومته ضمن المهلة الدستورية البالغة 30 يوما، فإنها لا تريد أن تفرط في مكتسباتها الانتخابية في الحصول على الحقائب الوزارية التي تدعم جماهيريتها وطموحاتها المستقبلية.
وكشف القيادي في ائتلاف دولة القانون فاضل موات في تصريح لموقع “شفق نيوز” العراقي الكردي أن الائتلاف سيحصل على حقيبتين وزاريتين في التشكيلة الحكومية المرتقبة. وأضاف أن ائتلاف دولة القانون “سيكون له وزارة التعليم العالي، وربما معها وزارة النقل أو العمل والشؤون الاجتماعية، وهذا خاضع للحوارات التي تجري حالياً بين الكتل والأحزاب ورئيس الوزراء المكلف”.
وكان قيادي في الإطار التنسيقي الداعم الأكبر للسوداني قد كشف الأسبوع الماضي أن المنافسة على منصب وزير الداخلية محتدمة بين 3 مرشحين من الإطار. وأوضح المصدر أن المرشحين هم قاسم الأعرجي، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ومستشار وزارة الداخلية اللواء مهدي الفكيكي فيما تحدثت مصادر أن الأعرجي قد انسحب من السباق على المنصب.
وبحسب مصادر سياسية عراقية، تضم التشكيلة الوزارية المرتقبة 23 إلى 24 حقيبة وزارية موزعة بواقع 12 حقيبة لقوى الإطار التنسيقي الشيعي وأبرزها، وزارات الداخلية والمالية والنفط والكهرباء والزراعة والرياضة والشباب والعمل والشؤون الاجتماعية والصحة والموارد المائية والتربية، وست وزارات لتحالف رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، وهي الدفاع والتخطيط والثقافة والصناعة والتجارة والتعليم العالي، فيما يحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني على أربع حقائب هي الخارجية والعدل والإسكان والبيئة، ويتم توزيع حقائب أخرى على الأقليات.
وتخشى القوى السياسية التي ساندت الإطار التنسيقي الشيعي في الثلث المعطل بالبرلمان في صراعه مع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وأبرزها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومجموعة من النواب السنة في تحالف عزم، من عدم الحصول على مناصب وزارية مهمة في الحكومة المقبلة إثر هيمنة القوى الكبرى الثلاث في البرلمان على الحقائب وفقا للأوزان الانتخابية.
وكان التيار الصدري قد وصف حكومة السوداني المرتقبة بأنها حكومة محاصصة وحكومة “ميليشيات” رافضا المشاركة فيها رغم الحديث عن محاولات من قبل رئيس الحكومة المكلف للقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
ويأتي الصراع على المناصب الحكومية في الوقت الذي تشهد فيه بغداد وعدد من المحافظات العراقية مظاهرات شعبية لإحياء ذكرى يوم 25 أكتوبر 2019 تاريخ المظاهرات الاحتجاجية، التي شهدتها تسع مدن شيعية والتي أطاحت برئيس الحكومة السابق عادل عبدالمهدي بعد سقوط 600 قتيل وإصابة أكثر من 25 ألف شخص في أعنف موجة عنف يتعرض لها متظاهرون سلميون في العراق.
ورغم عدم وضوح الرؤية بشأن الإعلان عن إكمال تشكيل الحكومة وتقديمها إلى البرلمان سواء نهاية الأسبوع الحالي أو المقبل، فإن الإرادة السياسية لدى القوى الكبرى في البرلمان متفقة على أنها ستعلن في موعدها الدستوري حتى وإن كانت منقوصة ليتم استكمالها فيما بعد.