محاولة تأجيج خلاف عراقي - كويتي بدغدغة مشاعر جمهور كرة القدم

البصرة (العراق) - توعد أسعد العيداني محافظ محافظة البصرة بجنوب العراق بمنع جمهور كرة القدم في الكويت من العبور إلى العراق لمشاهدة مباراة يُنتظر أن تدور بين منتخبي البلدين في إطار التصفيات المؤهّلة لنهائيات كأس العالم القادمة.
وقال إنّ ذلك سيكون ردّا على عدم موافقة السلطات الكويتية على عبور الجمهور العراقي إلى الكويت لمشاهدة مباريات منتخبه التي ستجري هناك.
وجاء كلام العيداني الذي يرأس الحكومة المحلية للمحافظة الحدودية مع الكويت مفاجئا للأوساط السياسية والرياضية في البلدين كون قرار المنع المحتمل لعبور الجمهور والذي تحدّث عنه لم يصدر عن الجانب الكويتي وتمّ نفي إشاعات سابقة راجت بشأنه، حيث تناقلت منصات التواصل الاجتماعي “تصريحات” لمحلل رياضي كويتي قال مروّجوها إنّه أدلى بها لصحيفة محلية كويتية وجاء فيها أنّ الكويت ستسمح لجماهير البلدان التي تشارك منتخباتها في دورة خليجي 26 لكرة القدم بدخول البلاد دون تأشيرات باستثناء الجمهور العراقي.
لكن تبيّن لاحقا أن المقابلة الصحفية لم تجر أصلا ولا أثر لها على موقع الصحيفة الإلكتروني ولا على نسختها الورقية، كما أنّ المحلّل المذكور وهو لاعب كرة قدم كويتي سابق لم يسبق له أنّ تعرّض لموضوع حضور الجماهير للتظاهرة الكروية المنتظرة أواخر العام الجاري بأي شكل من الأشكال.
وقال العيداني، الأربعاء، في تصريحات صحفية إنّ العراق سيتعامل بالمثل في حال عدم موافقة السلطات الكويتية للجمهور العراقي بالعبور إلى الكويت لحضور المباراة المرتقبة للمنتخب الوطني العراقي لكرة القدم أمام نظيره الكويتي في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم.
وذكر للصحافيين أنّه “ستتم مناقشة موضوع عبور الجمهور العراقي إلى الكويت لدعم المنتخب الوطني في مباراته مع نظيره الكويتي الشهر المقبل، مع الاتحاد العراقي لكرة القدم”.
وأضاف قوله “أنا شخصيا مع حضور جمهورنا في مباراته المقبلة فلا توجد مشكلة من حضور جمهور الكويت إلى البصرة وسنتعامل بالمثل ولا يوجد سبب وجيه يمنع الجمهور العراقي من العبور إلى الكويت”.
ومن المنتظر أن يلتقي المنتخب العراقي في العاشر من الشهر المقبل مع نظيره الكويتي في إطار التصفيات النهائية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم القادمة.
وسمحت السلطات العراقية للجمهور الكويتي بالدخول إلى العراق دون تأشيرة لحضور دورة خليجي 25 الأخيرة التي احتضنت منافساتها محافظة البصرة.
وحذّرت أوساط سياسية وإعلامية كويتية وعراقية من عدم الاستهانة بما سمّته “دغدغة مشاعر جماهير كرة القدم لتأجيج الخلافات بين البلدين”.
وشكّكت بعض تلك الأوساط في دوافع العيداني لإثارة الموضوع دون مناسبة واضحة ومبررات منطقية، وقالت إنّ وراء ذلك دوافع سياسية تتصل بصراعات العيداني نفسه ضدّ خصومه ومنافسيه داخل العائلة السياسية الشيعية التي ينتمي إليها.
وواجه العيداني اعتراضات شديدة من قبل أحزاب سياسية وفصائل مسلّحة نافسته على منصب محافظ البصرة الذي ظل يشغله منذ 2017 وتمكّن من الحفاظ عليه إثر انتخابات مجالس المحافظات التي أجريت في العراق في شهر ديسمبر الماضي.
ومثّلت البصرة طيلة العقدين الماضيين بموقعها المطلّ على مياه الخليج العربي وباحتوائها على ميناء أم قصر، وخصوصا بوجود أبرز منابع النفط العراقي ضمن أراضيها، مدار صراع شرس بين الأحزاب والفصائل الشيعية المسلّحة المتنافسة على ثرواتها ومقدّراتها.
ورفض هؤلاء المنافسون التجديد للعيداني على رأس الحكومة المحلية للبصرة وشنوّا ضدّه حملة شرسة اتهموه فيها بالفساد والفشل في إدارة شؤون المحافظة وعدم توفير الخدمات الضرورية لسكانها.
لكنّ أكثر التهم التي وجّهت للعيداني من قبل خصومه ومنافسيه لفتا للأنظار، هي اتهامه بأنّه “رجل الكويت في البصرة وجسرها لاختراق الداخل العراقي”.
وعبّر عن ذلك السياسي العراقي صباح العكيلي الذي نقلت عنه في وقت سابق وسائل إعلام تابعة لقوى شيعية قوله إنّ العيداني “يتلقى دعما كبيرا من قبل الجانب الكويتي كونه إحدى أدوات الكويت داخل العراق”.
وأوضح العكيلي في تصريحاته التي أدلى بها خلال فترة التنافس الحزبي الشرس على تشكيل مجالس المحافظات إثر الانتخابات المحلية الأخيرة أنّ “منظور الإطار التنسيقي (المكوّن من أبرز الأحزاب والفصائل الشيعية والمشكّل لحكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني) بإزاحة العيداني وعدم التجديد له في منصب محافظ البصرة يعود لعدة أسباب في مقدمتها تلقيه دعما خارجيا كويتيا كونه إحدى الأدوات المهمة للكويت لاختراق الداخل العراقي خاصة وأن قضايا الحدود البرية والبحرية مع الكويت لم تحل”.
وأحيا الخلافات حول الحدود بين العراق والكويت قرارٌ صدر العام الماضي عن المحكمة الاتحادية العراقية ببطلان الاتفاقية المبرمة بين البلدين بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خورعبدالله، الأمر الذي أثار حفيظة الكويت التي سلّمت عن طريق خارجيتها مذكرة احتجاج على قرار المحكمة إلى حكومة السوداني، وحذرتها من تداعياته المحتملة على علاقات البلدين.
ولا تزال رغم ذلك العلاقات بين الكويت والعراق توصف بالجيّدة، رغم أنّ ذلك لا ينسحب على العلاقة الكويتية مع غالبية القوى الشيعية القائدة بشكل رئيسي للدولة العراقية.
وكثيرا ما تهاجم أحزاب وميليشيات شيعية عراقية معروفة بولائها لإيران، الكويت سياسيا وإعلاميا وتتهمها بـ”التآمر” على أمن العراق وبالتعدي على حقوقه في المنفذ على مياه الخليج.
ويبدو أنّ العيداني أراد بإثارة موضوع جماهير كرة القدم التوجّه إلى تلك الأحزاب والميليشيات خصوصا أنّ من بينها من تتهمه بـ”العمالة” للكويت.