مجموعة القاطرجي قاطرة نفط إيران إلى سوريا والصين

وزارة الخزانة الأميركية تقول إن الشركة السورية مسؤولة عن تحقيق إيرادات بمئات الملايين من الدولارات لصالح فيلق القدس والحوثيين.
السبت 2024/11/16
حسام القاطرجي يخلف براء القاطرجي على رأس المجموعة

دمشق - فرضت الولايات المتحدة عقوبات الخميس على شركات وأفراد وسفن ذات صلة بشركة القاطرجي السورية التي تقول واشنطن إنها تمول فيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني وجماعة الحوثي اليمنية.

وذكرت وزارة الخزانة الأميركية في بيان أن الشركة السورية مسؤولة عن تحقيق إيرادات بمئات الملايين من الدولارات لصالح فيلق القدس والحوثيين عن طريق بيع نفط إيران إلى سوريا والصين.

وهذه ليست المرة الأولى التي تفرض فيها الوزارة الأميركية عقوبات على المجموعة السورية التي سطع نجمها بشكل “مفاجئ” في أوج الحرب الأهلية في سوريا، حيث سبق للولايات المتحدة أن فرضت حزمة عقوبات على المجموعة وأفراد منها في علاقة بتسهيل بيع الوقود بين النظام السوري وتنظيم داعش.

وللمجموعة شبكة ارتباطات متشعبة في الداخل والخارج، وقد نجحت في السنوات الأخيرة في نسج علاقات وثيقة مع إيران.

ليست هذه المرة الأولى التي تفرض فيها الوزارة الأميركية عقوبات على المجموعة السورية التي سطع نجمها بشكل "مفاجئ" في أوج الحرب الأهلية في سوريا

وكان مدراء شركة القاطرجي التقوا بشكل مباشر مع كبار المسؤولين في فيلق القدس الإيراني، وكذلك مع داعميهم الماليين الآخرين، بما في ذلك المسؤول المالي الحوثي المدعوم من الحرس الثوري والمدرج على قائمة العقوبات سعيد الجمل.

واعتبارا من عام 2024، أصبحت شركة القاطرجي واحدة من القنوات المالية الرئيسية لفيلق القدس الإيراني، مما مكن الجناح الخارجي للحرس الثوري من توليد مئات الملايين من الدولارات من الإيرادات والوصول إليها هذا العام وحده.

ويتم غسيل الكثير من تلك الأموال من خلال مدن كبرى مثل مدنية إسطنبول التركية والعاصمة اللبنانية بيروت. في نهاية المطاف، يتم إرسال بعض عائدات النفط إلى الحوثيين، الذين يتلقون الملايين من الدولارات شهريا من شركة القاطرجي.

وقال برادلي سميث، المسؤول بوزارة الخزانة الأميركية، “تزيد إيران من اعتمادها على شركاء أعمال رئيسيين مثل شركة القاطرجي لتمويل أنشطتها المزعزعة للاستقرار وشبكة من الوكلاء الإرهابيين في أنحاء المنطقة.”

وذكرت الخزانة أن القاطرجي خاضعة بالفعل لعقوبات بسبب دورها في تسهيل بيع الوقود بين النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية. وأضافت أن العقوبات المفروضة الخميس استهدفت نحو 26 شركة وفردا وسفينة على صلة بالشركة السورية.

محمد براء القاطرجي كان يتولى إدارة الشركة، قبل أن يجري اغتياله على الحدود السورية – اللبنانية

وشملت العقوبات مجموعة من السفن التابعة للشركة نفسها. وقالت الخزانة الأميركية إن حسام بن أحمد رشدي القاطرجي، الذي جرى تصنيفه، صار رئيسا للشركة، منذ وفاة محمد القاطرجي في منتصف العام الحالي.

ويعمل حسام القاطرجي مع محمد آغا أحمد رشدي القاطرجي في محفظة النفط لشركة القاطرجي. كما يعمل عباس القاطرجي، ابن محمد القاطرجي، في شركة القاطرجي، وجمعيهم تم تصنيفهم في اللائحة السوداء.

وكان محمد براء القاطرجي من يتولى إدارة الشركة، قبل أن يجري اغتياله على الحدود السورية – اللبنانية، بضربة جوية نسبت لإسرائيل، في الخامس عشر من أغسطس الماضي.

وقالت وكالة “رويترز” حينها، نقلا عن ثلاثة مصادر أمنية لم تسمها، إن براء القاطرجي قتل في غارة جوية إسرائيلية قرب الحدود السورية – اللبنانية.

ووفق الجيش الإسرائيلي، فقد أدار براء القاطرجي عمليات استيراد النفط الإيراني على مدار السنوات العشر الأخيرة حتى مقتله.

ويبدو أن علاقات مجموعة القاطرجي بإيران وأذرعها كانت تحت المجهر منذ فترة طويلة.

علاقات مع حزب الله

إيران تزيد من اعتمادها على شركاء أعمال رئيسيين مثل شركة القاطرجي لتمويل أنشطتها المزعزعة للاستقرار

في الثاني والعشرين من أكتوبر الماضي، نشر الجيش الإسرائيلي تسجيلا مصورا يوضح عبر الخرائط آلية حصول حزب الله اللبناني على الأموال، جزء منها تقدمه إيران عبر سوريا، والآخر عبر جباية الأموال من اللبنانيين.

وذكر التسجيل الذي نُشر عبر إكس بعدة لغات، أن إيران تقدم الأموال لحزب الله عبر ثلاث طرق، برا وبحرا وجوا.

وأضاف أن الطريق البري مرتبط بالاقتصاد السوري، إذ ترسل إيران النفط عبر العراق وصولا إلى سوريا. وتباع شحنات النفط هذه لشركة القاطرجي. وتحول إيران الأموال التي تجنيها من تجارة النفط في سوريا إلى حزب الله.

ووفق الجيش الإسرائيلي، يشرف فيلق القدس على نقل النفط إلى سوريا، بهدف تأمين السيولة لحزب الله.

ولفت الجيش إلى أن شركات سورية عديدة تعمل على شراء النفط الإيراني في سوريا منها شركة “بي.آس” المملوكة من قبل عائلة القاطرجي.

ملوك في غابتهم

للمجموعة شبكة ارتباطات متشعبة في الداخل والخارج، وقد نجحت في السنوات الأخيرة في نسج علاقات وثيقة مع إيران

بحسب دراسة لمركز “حرمون” نشرت نهاية مايو 2022، فقد شكلت الحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا أرضية لبروز حيتان جدد لم يكن لهم أي تاريخ في العمل الاقتصادي، ونجح أولئك الحيتان بينهم الأخوة القاطرجي بسرعة في فرض أنفسهم، وكسر احتكار عائلة الأسد لأنشطة اقتصادية مثل النفط والاتصالات.

اغتنى آل القاطرجي من تزويدهم النظام السوري بالنفط وبالقمح، وبقيامهم بدور الوسيط لدى الأكراد الذين يسيطرون على المناطق الغنية بالثروات الطبيعية، ولدى تنظيم الدولة الإسلامية. وقد سهّل كونهم من الرقة دورهم الغامض، كما يقدّر أحد الخبراء.

تمتد تجارة عائلة القاطرجي حتى الأراضي التي تسيطر عليها تركيا، حيث توجد مصاف نفط عدّة. وقد حصلوا أيضا على عقود بحمص في ميدان النشاطات النفطية، أو بطرطوس في ميدان الفنادق الفخمة… “إنهم أكثر من أسرة، إنهم شبكة” كما يعلق رجل أعمال سوري. يشبه آل القاطرجي “الملوك في غابتهم. لديهم النقود ومئات الرجال المسلحين في خدمتهم. وليسوا من الذين يظهرون بالطقم وربطة العنق شأن أقليات النظام الأخرى. إنهم مُوَرِّدون بلا ضمير، ينفذون ما جاء في دفتر الشروط جيدا: تموين مناطق النظام.”

لا تفسر علاقاتهم بالسلطة وحدها نجاحهم. إذ يستفيد الإخوة من غياب المنافسة. يفسر أحد رجال الأعمال “لا وجود إلا لقلة من الأسماء القادرة على الاستثمار في سوريا، نظرا لنقص السيولة ونتيجة الشلل الذي أحدثته العقوبات الدولية. فقد قسمت هذه العقوبات عالم الأعمال إلى قسمين: أولئك الذين يخافون، وأولئك الذين لا يعبؤون، مثل آل القاطرجي.”

ويرجح خبراء أن تضيق الحلقة على آل القاطرجي، لكن السؤال المطروح هل يستطيع النظام السوري فعلا التخلي عن هذه العائلة، كما حصل مع واجهات أخرى؟

ووفق وزارة الخزانة الأميركية، يعمل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية على توسيع نطاق استهدافه لشبكة “القاطرجي” وأسطولها من السفن لمنع فيلق القدس والحرس الثوري من الاستفادة من هذه العلاقة.

7