مجلس الأمن يفشل في إيجاد تسوية للتوتر بين المغرب وبان كي مون

الرباط - فشل مجلس الأمن، الخميس، خلال اجتماع طارئ له في التوصل إلى إيجاد تسوية للتوتر القائم بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وعبر مجلس الأمن عن قلقه إزاء هذه الوضعية ومن عدم التوصل إلى موقف مشترك بخصوص التوتر القائم بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة، ولم يطلب من الرباط التراجع عن قرارها القاضي بتقليص أفراد بعثة المينورسو.
وقال إسماعيل أبروا جاسبار، رئيس مجلس الأمن الدولي للدورة الحالية ومندوب أنغولا الدائم لدى الأمم المتحدة في تصريحات للصحافيين، عقب جلسة مشاورات مغلقة عقدها مجلس الأمن واستمرت لأكثر من 3 ساعات، الخميس، إن “أعضاء المجلس يشعرون بالقلق العميق إزاء ملف المينورسو، وأنهم اتفقوا على أن ينخرطوا (15 دولة) وبشكل ثنائي مع المغرب، لإعطاء دفعة إيجابية للملف نحو الأمام”.
ولم يستبعد وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي صلاح الدين مزوار، اتخاذ المغرب عما قريب إجراءات أخرى ردا على الانزلاق الخطير لبان كي مون، وذلك بعد قراره تقليص مساهمته في بعثة المينورسو. وقال مزوار، قبيل الاجتماع الذي عقد بمجلس الأمن حول هذا الموضوع، إن “المغرب اتخذ قرارات لا رجعة فيها وهو يبحث الآن عن اتخاذ إجراءات أخرى”.
وبالتزامن مع الاحتقان القائم بين الجانبين، اتهم مسؤول في وزارة الخارجية المغربية الجمعة الأمين العام للأمم المتحدة بـ”التطاول” على الملك محمد السادس عندما حاول فرض أجندته الخاصة لزيارة الرباط، بحسب ما نقل عنه الإعلام المحلي.
وقال الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون ناصر بوريطة في ندوة صحافية عقدها مع الصحافة المحلية في الرباط، إن بان كي مون “تطاول على جلالة الملك، حين أكد على تاريخ (للقيام بزيارة إلى المغرب) يخالف أجندة جلالة الملك”.
وأضاف، بحسب ما نقلت عنه مواقع الكترونية محلية، أن بان كيمون قال لوزير الخارجية “أريد هذا الموعد لزيارة المغرب وليس لي موعد آخر، وإن لم يكن الملك موجودا فيمكنني أن ألتقي” مسؤولا آخر، “وهذا فيه تطاول”.
|
ويقول مسؤولون مغربيون إن الرباط اقترحت على بان موعدين لزيارة المغرب في 2015، إلا أنه رفض بسبب عدم ملاءمة الموعدين مع جدول أعماله.
ومن جانبه قال إدريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض لـ”العرب”، إن “الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن والدول المؤثرة لا يمكنها أن تسمح بانحراف ملف الصحراء عن المسار الذي رسمته له القرارات الأممية على مدى السنوات الماضية، لأن المنطقة ليست بحاجة إلى المزيد من النزاعات وفتح جبهات مكلفة بالنسبة إلى المنطقة المغاربية والمتوسطية على حد سواء، بالنظر إلى تنامي ظاهرة الإرهاب في المنطقة وما تتسبب فيه من تهديدات متصاعدة”.
وبحسب توقعات لكريني، فإن مجلس الأمن لا يمكنه أن ينحرف عن مساره في ملف الصحراء لمجرد تصريحات صادرة عن موظف لدى الأمم المتحدة. حيث أكد أستاذ العلاقات الدولية أن المجتمع الدولي سيلتقط رسائل عدة سواء من مسيرة الرباط أو من خلال الإجراءات التي اتخذها المغرب، بأن ملف الصحراء ووحدة المغرب الترابية لهما امتدادات وازنة وعميقة داخل المجتمع المغربي، وقضية الصحراء هي بمثابة حياة أو موت لدى كافة المغاربة.
ومن جهته اعتبر محمد بودن، المحلل السياسي ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات العامة في تصريح لـ”العرب”، “في اعتقادي مجلس الأمن يعتبر أن الخلاف بين المغرب وبان كي مون هو خلاف منخفض، لكن الدبلوماسية المغربية تعتبر أن خلافها مع الأمين العام للأمم المتحدة ثابت، الذي أساء لحق شعب، وليس مع مؤسسات المنظمة الدولية”.
وقال بودن إن “طبيعة العلاقات الحالية تبقى مفتوحة على خمسة سيناريوهات ممكنة أولها استمرار المغرب في تنفيذ الإجراءات التي تضمنها بلاغ وزارة الخارجية المغربية، وثانيها يرتبط بارتفاع مستوى التصعيد بين دولة المغرب وشخص بان كي مون إلى غاية انتهاء عهدته في أواخر سنة 2016، وانفراج العلاقات بين الطرفين في أفق الاجتماع الأممي رفيع المستوى، والذي من المحتمل أن يحضره العاهل المغربي الملك محمد السادس بعد تلقي توضيحات كافية بشأن ‘خرجة’ بان كي مون المنزلقة”. وأضاف المحلل السياسي أن “هناك سيناريوهات أخرى قد تفضي إلى تدخل قوى دولية من بينها الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن لحلحلة الصراع، وتقديم فرص نجاح التوصل إلى بداية جديدة وتجاوز معضلة فقدان الملف لبوصلة الوساطة”.
وكان المغرب قد اتخذ مجموعة من الإجراءات ردا على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته إلى المنطقة وتصرفاته التي اعتبرها المغرب غير مقبولة والتي استعمل فيها عبارات من قبيل “الاحتلال وتقرير المصير” في وصف حضور المغرب في صحرائه.
وأمام هذا الانزلاق غير مسبوق، قرر المغرب أن يقلص بشكل ملموس من جزء كبير من المكون المدني وبخاصة منه الشق السياسي لبعثة المينورسو وإلغاء المساهمة الإرادية التي تقدمها المملكة لسير البعثة، وبحث صيغ سحب التجريدات المغربية المنخرطة في عمليات حفظ السلم.
وعبر مساعد الأمين العام للشؤون السياسية جيفري فيلتمان عن أمله في عودة العلاقات بين المغرب والأمم المتحدة إلى طبيعتها، مؤكدا في الوقت ذاته أن للجانبين مواقف “مختلفة تماما” حول تسوية هذا النزاع، وقال إن موقف الأمم المتحدة يرى أنه لا بد من إجراء مفاوضات جدية حول الوضع النهائي لهذه الأراضي، في حين أن المغرب يرى أنها تشكل جزءا لا يتجزأ من ترابه.