مجلس الأمن للدبيبة: لا تأجيل للانتخابات والعقوبات للمعرقلين

رئيس حكومة الوحدة الوطنية يواصل الاستحواذ على صلاحيات وزيرة خارجيته.
السبت 2021/07/17
عبدالحميد الدبيبة يصطدم بقرار رفض مجلس الأمن الدولي تأجيل الانتخابات

واجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة رفضا من مجلس الأمن الدولي لتأجيل الانتخابات العامة المقرر تنظيمها في 24 ديسمبر القادم وتلويحا بفرض عقوبات على المعرقلين لإجرائها، وهو ما يحشر الدبيبة الذي كان يطمح إلى التمديد له في الزاوية خلال الجلسة التي حضرها بنفسه عوض وزيرة الخارجية ما سلط الضوء على حجم الخلافات داخل السلطة التنفيذية.

تونس - عكس حضور رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن المنعقد الخميس حجم الخلافات والتجاذبات التي تضرب السلطة التنفيذية، خاصة أن الدبيبة استحوذ على صلاحيات وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش للمرة الثانية على التوالي بعد مؤتمر برلين 2 الذي انعقد في 23 يونيو الماضي.

وعلمت “العرب” أن العديد من المحاولات فشلت في إقناع المنقوش بحضور الاجتماع ضمن الوفد الرسمي، رغم أنها موجودة على الأراضي الأميركية حيث مقر إقامتها الرسمي مع بنتيها منذ العام 2012، وحيث تقضي حاليا ما وُصف في طرابلس بإجازة احتجاجية، بسبب الضغوط التي تتعرض لها، سواء على خلفية مواقفها من مجمل القضايا الراهنة أو نتيجة تجميد عدد من قراراتها بشأن تعيينات أو إعفاءات في مكتب الوزارة والسلك الدبلوماسي.

وقبيل مغادرة الدبيبة إلى نيويورك اضطرت وزارة الخارجية الليبية الثلاثاء إلى نفي الأنباء المتداولة عن استقالة المنقوش من منصبها، وأكدت في بيان “عدم صحة الأخبار التي تهدف إلى التشويش على عمل الوزارة”، داعية كل وسائل الإعلام إلى تحري الصدق والموضوعية في نقل مثل هذه الأخبار قبل تداولها أو نشرها.

ورغم أن جميع المؤشرات تؤكد أن المنقوش ستعود إلى ممارسة عملها بعد عيد الأضحى، إلا أن الصراع يبدو محتدما؛ حيث قرر المجلس الرئاسي إلغاء جميع قراراتها السابقة، ومنها إعفاء مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية صالح الشماخي المعروف بقربه من المحور القطري – التركي، من مهامه بعد بلوغه سن التقاعد وانتهاء مدة تكليفه.

محمود المصراتي: موقف مجلس الأمن حاسم: المجلس الرئاسي والحكومة مؤقتان

ويرى مراقبون أن ليبيا خسرت لحظة مهمة كان يمكن أن تساهم في تقديم صورة إيجابية عن البلاد بعد عشر سنوات من الصراع الدامي، بظهور أول امرأة في تاريخها تتحدث باسمها كوزيرة للخارجية من على منبر مجلس الأمن، لاسيما أن المنقوش استطاعت خلال الأشهر الماضية أن تكسب علاقات صداقة مع أغلب نظرائها في الدول الغربية، لكن الدبيبة كان له رأي آخر عندما قرر أن يتجه بنفسه إلى نيويورك ليلقي كلمة بلاده، وهو ما جعل الخلافات في كواليس وزارة الخارجية تطفو على السطح.

ويضيف المراقبون أن الدبيبة لم يحقق شيئا من حضوره جلسة الخميس غير حشره في زاوية 24 ديسمبر كموعد للانتخابات تم إقراره من قبل المجتمع الدولي ولا يمكن التراجع عنه، وهو ما يعني قطع الطريق أمام محاولات التمديد للسلطات الحالية بتأجيل الاستحقاق، والتي برزت خلال الاجتماع الأخير لملتقى الحوار السياسي في جنيف عبر توجيه المزاج العام إلى إفشال جهود العمل على إيجاد القاعدة الدستورية، وأشار إليه المبعوث الأممي يان كوبيش في كلمته قائلا “إن قوى الوضع الراهن القديمة والجديدة تستخدم أساليب متنوعة وحججاً مشروعة في الغالب تفضي إلى نتيجة واحدة فقط وهي عرقلة إجراء الانتخابات”، مستشهدا برأي سابقته ستيفاني وليامز التي وصفت هذه القوى بالمعرقلة.

واعتبر الكاتب الصحافي محمود المصراتي أن “الدبيبة ذهب إلى نيويورك متمنيًا التمديد إلى ما بعد ديسمبر فما كان من المندوبة الأميركية ومبعوثة الرئيس الأميركي جو بايدن إلا مواجهته بالتأكيد على أن مسار السلام في ليبيا يمر عبر انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر، ثم جاء موقف وزير الخارجية الفرنسي ورئيس الجلسة جان إيف لودريان ليشدد على ضرورة التصدي للمعرقلين فيما ألمح آخرون إلى دور ما قد تكون لعبته الحكومة في العرقلة خلال ملتقى الحوار”.

وأضاف المصراتي في تصريح لـ”العرب” أن “الموقف الحاسم جاء في بيان مجلس الأمن الذي نص على أن المجلس الرئاسي والحكومة  مؤقتان ولا شرعية لهما بعد 24 ديسمبر”.

وتابع أن “الدبيبة حاول توجيه دفة الموقف إلى الحديث عن جهات تسعى لعودة الحل العسكري، وأعتقد أنه يقصد الجيش، بحثا عن فقرة في البيان الرئاسي بهذا الاتجاه، وأخرى عن تعطيل التصديق على الميزانية التي يبلغ حجمها 93 مليار دينار، منها 20 مليار دينار للتنمية، إلا أن رد المجلس كان مخالفا لتوقعاته”، مشيرا إلى أن العقوبات ستفرض على معرقلي الانتخابات والقاعدة الدستورية وأن الميزانية مرتبطة بتوحيد المناصب السيادية، كما تم رفض طلبه برفع التجميد عن الأصول الليبية إلى حين التوافق على سلطات منتخبة.

حضور عبدالحميد الدبيبة الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن يعكس حجم الخلافات والتجاذبات التي تضرب السلطة التنفيذية

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي سليمان البيوضي أن البيان الصادر عن مجلس الأمن يؤكد على تدابير العقوبات المنصوص عليها في القرار 1970، أي التي تنطبق على أي أفراد أو كيانات تعرقل الانتخابات القادمة، ويعطي ما يشبه الفرصة الأخيرة لملتقى الحوار السياسي، بهدف إقرار القاعدة الدستورية، مع وجود بديل حصري هو مجلس النواب الذي سيتولى عملية الإقرار، فضلًا عن قانون الانتخابات التشريعية والرئاسية المباشرة.

وأبرز البيوضي أن هذا البيان مثل ضمانات حقيقية من رئاسة مجلس الأمن الدولي وأعضائه بالسعي لإقرار القاعدة والقانون بشكل متزامن وفقًا لموعد محدد قريب، وفي المقابل ما زال الحوار جاريا مع أطراف يعتقد أنها معرقلة، وإن بدر تعنت منها أو إيحاء بنيتها الاستمرار في مسار تعطيل الحل السياسي فإنها ستواجه بالعقوبات الفردية والجماعية، وقد تطال بعض أعضاء ملتقى الحوار السياسي ورئيس وأعضاء مجلس الدولة الاستشاري، لاسيما في ظل عدم وجود التزام واضح منهم بالقبول بالقاعدة الدستورية وقانون الانتخابات، ما يعني تجميد الحسابات المالية ومنع السفر خارج ليبيا.

وفي انتظار عودة المنقوش لممارسة مهامها خلال الأيام القادمة سيكون على جميع الفرقاء الاستعداد للرابع والعشرين من ديسمبر كموعد لا رجعة فيه، وهو ما أكد عليه رئيس المجلس الرئاسي خلال اجتماعه مع نائبه عبدالله اللافي، ومع قائد الجيش خليفة حفتر خلال اجتماعه برئيس مجلس النواب عقيلة صالح بعد ساعات من انفضاض جلسة مجلس الأمن.

4