متعة العطلة الأسبوعية على مضمار في صحراء دبي

ينهك الضجيج سكان المدن طيلة أيام العمل من الصباح إلى المساء لذلك يختار البعض الهروب منه في العطلة الأسبوعية، وفي إمارة دبي اختار البعض ركوب دراجاتهم الهوائية والالتحاق بالطبيعة والهدوء على مضمار الصحراء الخالية من السيارات بعيدا عن الطرقات السريعة وناطحات السحاب.
دبي – في نهاية كل أسبوع يستيقظ محبو الدراجات الهوائية في دبي باكرا ليتوجهوا نحو مضمار القدرة، حيث يمارسون هوايتهم المفضلة فوق مسار بطول 80 كيلومترا في وسط الصحراء، تاركين وراءهم الطرق السريعة وناطحات السحاب.
حتى في فصل الصيف حين ترتفع درجات الحرارة بشكل كبير، تبدو منطقة القدرة الواقعة على بعد حوالي 50 كيلومترا من وسط المدينة، مكتظة قبل شرق الشمس بالمئات، إن لم يكن الآلاف، من عشّاق الدراجات.
لكثير من هؤلاء، تشكّل المناظر الطبيعية الخالية من السيارات، فرصة تغيير ضرورية للابتعاد عن أسلوب حياتهم في المدينة لبعض الوقت والتواصل مع الطبيعة، وربما حتى مشاهدة حيوان المها العربي.
ورغم الحرارة التي تصل إلى 40 درجة مئوية في غالبية أيام السنة، والرطوبة العالية جدا في الدولة الخليجية الصحراوية، تزداد شعبية هواية ركوب الدراجات الهوائية بشكل ملحوظ في الإمارات.
الإمارات تعمل على تطوير البنية التحتية أمام راكبي الدراجات الهوائية باستمرار تماشيا مع الطفرة العالمية في هذه الرياضة
وساهم في ذلك فوز درّاج “فريق الإمارات” تاداي بوغاتشار بالنسختين الأخيرتين من طواف فرنسا للدراجات الهوائية، أكثر السباقات شهرة في العالم.
وتبدو البنية التحتية الجديدة لركوب الدراجات واضحة المعالم في العاصمة أبوظبي، وكذلك في دبي حيث تقام الجمعة النسخة السنوية الثانية من تحدي دبي للدراجات الهوائية على الطريق السريع الرئيسي بالمدينة.
وتصف الإماراتية أسماء الجناحي (28 عاما) التي تشارك في سباقات ترياثلون وتهوى ركوب الدراجات الهوائية، منطقة القدرة بأنّها مكانها المفضل في دبي، موضحة أنّ الركوب على المسار أشبه بعملية تأمّل.
وقالت الجناحي وهي منسّقة قسم الرياضة في جامعة نيويورك أبوظبي “أبتعد عن المدينة، وأذهب لزيارة الطبيعة الأم، أي هذه الصحراء الجميلة”، مضيفة أنها تشعر بأنها “على تواصل مع هذا المكان ومع الدراجة”.
وتعمل الإمارات على تطوير البنية التحتية أمام راكبي الدراجات باستمرار للتشجيع على ممارسة الهواية، تماشيا مع الطفرة العالمية في هذه الرياضة.
ففي أبوظبي تتحوّل حلبة رياضة الفورمولا واحد إلى مسار لراكبي الدراجات الهوائية عدة مرات في الأسبوع، إلى جانب مضمار آخر بالقرب من جزيرة ياس حيث تقع الحلبة.
أما في دبي فقد تم إطلاق تحدي الدراجات الهوائية في احتفال كبير العام الماضي، حيث قاد ولي العهد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم موكب راكبي الدراجات على طريق الشيخ زايد، الشريان الحيوي الرئيسي في المدينة.
ويرى الألماني وولفغانغ هوهمان الذي افتتح متجرا للدراجات الهوائية في دبي مع زوجته في عام 2002، أنّ الإمارة الثرية المعروفة بحبّها لمركبات الدفع الرباعي والسيارات الفاخرة قطعت شوطا طويلا في هذا المجال.
وقال “لم تكن دبي متطوّرة كما هي الآن، ولم يكن لدينا مضمار دراجات”، مضيفا أن الأمر يبدو مثل “رحلة زمنية طويلة” منذ افتتاح متجره الأول “وولفيز”.
وتابع “لدينا الآن فريق يفوز بأهم سباق في العالم، وهناك الآلاف من راكبي الدراجات في عطلة نهاية الأسبوع”.
وبحسب يوسف ميرزا الدراج الإماراتي المحترف الوحيد، فإنّ هذه الرياضة “في تطور، فعجلتها تدور بشكل سريع مثل عجلة الدراجة”.
وأوضح “من سنة إلى أخرى نرى تطورا ملحوظا. طبعا الحكومة لم تقصّر في إنشاء مضامير خاصة بهذه الرياضة”.
وتقول البريطانية لويز أدامسون المقيمة في الإمارات منذ فترة طويلة، إن ثقافة ركوب الدراجات في البلاد قد تغيرت “بشكل كبير” على مر السنين.
وأوضحت قائلة “أتذكّر في عام 1989 أنني ربما كنت الراكب الوحيد في أبوظبي في ذلك الوقت، وبالتأكيد الأنثى الوحيدة”، مضيفة “كانت الطرق مزدحمة، ولم يكن السائقون مراعين للغاية، ولم تكن هناك متاجر للدراجات سوى السوق الذي اشتريت منه دراجة مقابل بضع مئات من الدراهم”.
وفي عام 2005 ساعدت أدامسون في إطلاق تحد سنوي لركوب الدراجة الهوائية يبلغ طوله 220 كيلومترا ويمتد من إمارة الشارقة على الساحل الغربي للإمارات إلى الفجيرة عند الساحل الشرقي.
وروت أن 36 شخصا فقط سجلوا أسماءهم للمشاركة في ذلك العام، لكن اليوم أصبحت الأعداد تصل إلى المئات من الأشخاص، حتى بات المنظمون يضطرون في بعض الأحيان إلى رفض المزيد من المشاركين.
أمّا ميشيل ليندكفيست، الشابة السويديّة المقيمة في دبي والتي تبلغ من العمر 27 عاما، فتقول إنّها ترى “احتمالات لا متناهية” وهي تعدّد المسارات التي يجري تشييدها حاليا والمخصصة للدراجات الهوائية.
وكانت ليندكفيست قد هربت من عالم الشركات والأعمال الذي يغمر أسلوب الحياة اليومية في دبي، لتتبع شغفها وتطلق علامتها التجارية الخاصة بمعدات ركوب الدراجات والترياثلون (سباق تحمّل للسباحة والجري والدراجات الهوائية) “وايلد”.
وقالت “يأتي الكثير من لاعبي الترياثلون وراكبي الدراجات المحترفين إلى هنا للتدريب، لأنه مكان آمن وسريع ومسطّح، وجيد للتدرب على القيادة في الطقس الحار”، في إشارة إلى الإمارات.
لكن حتى بعيدا عن مراكز التسوق الضخمة والطرق السريعة، تقول الويلزية ناتيكا لويس إن ثقافة “المظاهر” تبدو واضحة في هذه الرياضة أحيانا.
وتابعت “دبي تهوى الأكبر والأفضل، لذا يريد الناس دراجة أفضل وأدوات أفضل. الناس يتنافسون حقا على ذلك، الإماراتيون والأجانب” على حد السواء.