متطوعون أتراك يخوضون معركة لإنقاذ الأغنام بعد الحرائق

رعاية الحيوانات المصابة وغير المنتجة في حريق شرق تركيا تشكل عبئا ثقيلا على بعض المربين الذين استدانوا من البنوك لشرائها.
الخميس 2024/07/11
الذبح أفضل من الألم

مازيداغي (تركيا)- منذ الحريق الذي قضى على المئات من رؤوس الماعز في جنوب شرق تركيا الشهر الفائت، يجوب حسن كيزيل التلال المتفحمة في المنطقة بشاحنته الصغيرة لمعالجة الحيوانات وإقناع أصحاب ما تبقى منها على قيد الحياة بعدم بيعها للذبح في المسالخ.

اندلع الحريق في مدينتي ديار بكر وماردين بجنوب شرق البلاد في الثاني والعشرين من يونيو، وأودى بحياة 15 شخصا، وعزا خبراء الكارثة إلى عيوب في توصيل شبكات الطاقة.

وقال سكان إن نحو نصف قطيعهم المؤلف من نحو ألف رأس من الأغنام والماعز نفق في الحريق.

◄ خمسة حرائق مختلفة اندلعت الأربعاء من بينها اثنان تمت السيطرة عليهما بحلول وقت متأخر في فترة ما بعد الظهيرة

ونفق أكثر من ألف رأس من الأغنام والماعز في الحريق، بحسب وزارة الزراعة، بينها تلك الموجودة في مازيداغي، على بعد 36 كيلومترا من ماردين.

ويقول حسن كيزيل البالغ 29 عاما، والذي تعلّم رعاية الحيوانات بفضل جهوده الذاتية، حين كان يعالج الحروق حول حوافر بعض المواشي “كانت عيون معظمها مغلقة تماما، ومنتفخة للغاية بما يمنعها من الرؤية”.

ويوضح “لو استمر الأمر بضعة أيام أخرى، لكان الحليب الفاسد ليتسبب في تسمم بالدم” جراء البكتيريا، مضيفا “كدنا نفقدها”.

كل يوم، يزور كيزيل مزارع المنطقة طوعا لمراقبة الحيوانات وإقناع المزارعين بالحفاظ على قطعانهم المتضررة. وتشكل رعاية الحيوانات المصابة وغير المنتجة عبئا ثقيلا على المربي الشاب، الذي يدين للبنك بمبلغ 27 ألف ليرة تركية (825 دولارا) بينما يدفع أيضا ثمن الدواء والقش.

وكان بائع الكباب السابق محمد سيليبي أوغلو، وهو في الثلاثينات من عمره، قد استدان لشراء 160 خروفا وبعض الماعز. لكن لم يتبق منها حاليا سوى 40 فقط، وهي إناث غنم غير قادرة على إنتاج الحليب ورؤوس ماعز صغيرة تيتّمت بسبب الحريق.

◄ نحو نصف القطيع المؤلف من نحو ألف رأس من الأغنام والماعز نفق في الحريق
نحو نصف القطيع المؤلف من نحو ألف رأس من الأغنام والماعز نفق في الحريق

ويقول إن الحيوانات “كانت مستلقية في الحقول عندما اندلع الحريق. احترق 120 رأسا من الأغنام على الفور. ذابت عيونها… هذا كل ما تبقى”.

وتوضح شقيقته غلستان البالغة 18 عاما “لقد خاطر إخوتي بحياتهم لإنقاذها”، مستذكرة كيف أدى الحريق إلى قطع إمدادات الكهرباء والمياه مع هبوب الرياح الساخنة فوق التلال.

لكنّ بيع المخزون المتبقي ليس خيارا متاحا أمام سيليبي أوغلو، المتحدر من مدينة أضنة الكبيرة في الجنوب.

ويقول “هل أبيعها؟ سيدفعون لي ما بين 2000 و3000 ليرة” (بين 60 و90 دولارا)، مضيفا “لقد أمضيت عامين في تعليم نفسي هذه الوظيفة، والأهم من ذلك كله أنني أحب حيواناتي”.

وقد شجّع ارتباط المزارعين بأغنامهم كيزيل على دعمهم والوصول إلى ضحايا الكوارث، كما فعل بعد علاج الحيوانات المصابة في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب شرق تركيا في فبراير 2023، وأدى إلى مقتل 55 ألف شخص.

وأصبح كيزيل نجما محليا على إنستغرام، وهو معروف بصناعة الأقواس والأطراف الاصطناعية للحيوانات المعوقة. ويتابع أكثر من 240 ألف متابع عمله في إعادة تأهيل الثعالب والقطط والطيور المصابة.

ويقول وهو يتذكر ليلة الحريق “كان المكان هنا أشبه بساحة معركة”، مضيفا “كان القصابون يحاولون الإمساك بالحيوانات الجريحة وذبحها، بينما كنا نحاول إبقاءها على قيد الحياة”.

ودفعت صور الحيوانات بأطباء بيطريين من مدن عدة إلى الاندفاع إلى مكان الحادث طواعية.

واستقبلت بلدية مدينة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية حيوانات مصابة في ملجأها، بينما أُرسلت حيوانات أخرى إلى عيادات في إزمير (غرب تركيا) وأضنة وإسطنبول.

◄ نفق أكثر من ألف رأس من الأغنام والماعز في الحريق، بينها تلك الموجودة في مازيداغي، على بعد 36 كيلومترا من ماردين

ويقول كيزيل في منطقة تشكّل فيها الزراعة وتربية الماشية الدعامة الأساسية للاقتصاد “ما زلنا نكافح”.

ويضيف وهو يضع مرهما على الجروح السوداء في أنثى غنم “إذا استطعنا إعادة الضرع إلى طبيعته، فسوف تنجو”.

تعاني تركيا واليونان من درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير اعتيادي في هذه الفترة من العام، في الوقت الذي تسجل فيه تركيا أول حرائق كبيرة للغابات في هذا الفصل.

واندلعت خمسة حرائق مختلفة  الأربعاء، من بينها اثنان تمت السيطرة عليهما بحلول وقت متأخر في فترة ما بعد الظهيرة، وفقا لما أفاد به وزير الغابات التركي إبراهيم يومقلي عبر منصة التواصل الاجتماعي إكس.

وتمت السيطرة على حرائق الغابات في محافظتي إسطنبول وإزمير، فيما لا تزال الحرائق الأخرى في غرب البلاد وعلى البحر الأسود مشتعلة.

ويجري نشر العديد من طائرات الإطفاء والمروحيات.

وتواصل الكتل الهوائية الدافئة القادمة من شمال أفريقيا في الإبقاء على درجات حرارة  عند 45 درجة مئوية في أماكن في اليونان وتركيا حتى يوم الجمعة على الأقل. ومن غير المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع.

بوكس

بوكس

بوكس

 

16