متحف نجيب محفوظ في القاهرة حلم يتأجل كل سنة

سنوات طويلة تمر على رحيل الأديب العربي الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ دون أن يفتتح متحفه الذي طالب به المثقفون  وأعلن عنه سنة 2006 بقرار وزاري.
الخميس 2018/09/20
نموذج على ورق

القاهرة- مر شهر أغسطس 2018، الذي يواكب مرور اثنتي عشرة سنة على رحيل الأديب نجيب محفوظ دون أن يفتتح متحف نجيب محفوظ، الذي أعلن عنه وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني وأصدر بخصوصه قرارا وزاريا سنة 2006، باختيار تكية أبوالدهب (أثر رقم 68) لتكون متحفا للأديب الراحل، لكن السنوات مرت وتعاقب عشرة وزراء على حقيبة وزارة الثقافة بداية بفاروق حسني وحتى الوزيرة الحالية إيناس عبدالدايم والمشروع لم ير النور، رغم تأكيدات الجميع على أن العمل يمضي على قدم وساق وأن المتحف سيفتتح في موعده.

مع كل تأجيل لموعد الافتتاح تتناثر الاتهامات وتتوزع على شركة المقاولين العرب المكلفة بالأعمال الإنشائية أو وزارة الآثار أو وزارة الثقافة، ومن جانبه نفى رئيس صندوق التنمية الثقافية فتحي عبدالوهاب وجود أي تقصير وراء التأجيلات المستمرة لافتتاح المتحف قائلا “نحن نتعامل مع أثر، لا مع مبنى خاص، فللأثر طبيعته التي تحتاج إلى طريقة معينة وحساسية كبيرة في التعامل. فمثلا وبينما يسير العمل بشكل جيد لتركيب مصعد، وجدنا صهريجا أمامنا، طبعا هذا أعاق العمل وجعلنا نعيد حسابات كل شيء، طوال الوقت تواجهنا أمور كهذه، لا حيلة لنا فيها، فقط نفكر في التعامل معها، ولأننا نتعامل مع أثر، فإن حدوث أمور كهذه متوقعة، وهذا هو التحدي”.

وأضاف “نحن فعلا أنجزنا كل شيء تقريبا وكل ما تبقى مجرد أشياء بسيطة، هذا بخلاف أن إقامة متحف لنجيب محفوظ في منطقة شغلته كثيرا وأثرت عليه تجعل للأمر خصوصية محببة”.

 وأكد عبدالوهاب استحالة تحديد موعد نهائي لافتتاح المتحف، قائلا ”فقط عندما نتسلم المبنى من شركة المقاولين العرب، يمكننا عندئذ أن نحدد متى ننتهي من وضع المحتويات وترتيب مقتنيات محفوظ، ووضع اللمسات الأخيرة، حينئذ فقط نحدد موعد الافتتاح”.  وعقب رحيل الأديب في 29 أغسطس 2006، تعالت أصوات المثقفين المصريين للمطالبة بإقامة متحف للأديب العربي الوحيد الفائز بجائزة نوبل.

الوزير جابر عصفور طالب بإنشاء المتحف بالجهود الذاتية وسيكون أول المتبرعين

وأعلن فاروق حسني وزير الثقافة آنذاك استجابته لمطالب المثقفين، وصرح المسؤولون يومها بأن اختيار تكية محمد أبوالدهب القريبة من منطقة الحسين مقصود نظرا لقربها من المنزل الذي ولد فيه الأديب الكبير بحي الجمالية في القاهرة، وأيضا لأن موقع التكية يتوسط منطقة القاهرة التاريخية التي استوحى منها نجيب محفوظ شخصيات وأماكن الكثير من رواياته.

ووعد المسؤولون بافتتاحه بالتزامن مع مرور خمس سنوات على رحيله في  أغسطس من عام 2011، فلما قامت ثورة يناير، وغادر فاروق حسني موقعه، خلفه أربعة وزراء أنستهم الأحداث المتسارعة مشروع المتحف، وكان خامسهم محمد صابر عرب، الذي صرح بأنه يعمل جاهدا لكي يتم افتتاح هذا المتحف، بالتزامن مع ذكرى ميلاد محفوظ في 11 ديسمبر 2012، وفي الموعد المحدد لم يحدث شيء، ولم يعد الوزير للحديث عنه حتى غادر منصبه.

وعاد جابر عصفور لمنصب وزير الثقافة للمرة الثانية، وصرح بأنه اعتمد ميزانية قطاع صندوق التنمية الثقافية لعام 2014 /2015، وضمنها ميزانية إنشاء متحف نجيب محفوظ، لكن بعد أسابيع، تحدث عن ضرورة مساهمة المجتمع المدني في المشروعات الثقافية وطالب بإنشاء المتحف بالجهود الذاتية.

وأكد أنه سيكون أول المتبرعين، حينئذ تبين أن المتحف لن يرى النور قريبا، وغادر جابر عصفور موقعه ليخلفه عبدالواحد النبوي، الذي بادر بالإعلان عن افتتاح المتحف في 11 ديسمبر 2015، وهو الأمر الذي لم يتم، وقيل يومها إن تأخير وتأجيل موعد افتتاح المتحف يرجعان لاعتراض وزارة الآثار على بعض الأعمال التي تخص التجهيز المتحفي، على أساس أنها لا تجوز في مبنى أثري. وزير الثقافة السابق حلمي النمنم سعى لحل هذه الأمور، مؤكدا على اهتمامه شخصيا بإنجاز المشروع، وقال إنه توصل لحل مع وزارة الآثار في ما يخص كل نقاط الخلاف.

وبالفعل تسلمت وزارة الثقافة تكية أبوالدهب إداريا في أبريل 2016 لإعداد دراسة تشمل الترميم والتجهيز وتقديمها لوزارة الآثار لحين الموافقة عليها على أن تبدأ وزارة الثقافة في تنفيذ ذلك المتحف، حينئذ فقط وبعد مرور عشر سنوات على صدور قرار فاروق حسني بدأت أولى الخطوات الجادة لتنفيذ المشروع.

وبعد ذلك قام حلمي النمنم، يرافقه وزير الآثار يومها، بزيارة تكية أبوالدهب، حيث قاما بجولة تفقدية للأدوار الثلاثة المختارة للمتحف، وأعلنا تذليل كافة المعوقات التي أدت في السابق لتأجيل المشروع.

ونقلت وكالات الأنباء عن وزير الثقافة تأكيده على افتتاح المتحف في 30 أغسطس 2017 تزامنا مع ذكرى رحيل نجيب محفوظ، وبعد أسابيع عادت وسائل الإعلام نفسها لتنقل عن نفس الوزير خبر تأجيل الافتتاح.

وكما حدث في السنوات السابقة غادر الوزير، وتولته خلفا له إيناس عبدالدايم التي أكدت على افتتاح المتحف في موعده، إلا أن المشهد نفسه تكرر، وتم تأجيل الافتتاح لمطلع يناير 2018 ثم يؤجل مرة أخرى، وهكذا تعاقب عشرة وزراء وتمر اثنتا عشرة سنة ولا يزال المتحف حلما مؤجلا.

20