متجر الذكريات.. عراقي يعيد الروح إلى أشرطة الكاسيت

أشرطة الكاسيت تلقى رواجا مؤخرا لدى محبي المنتجات القديمة بعد أن ظن الكثيرون أن وسيلة الاستماع الصوتي هذه قد ذهبت بلا رجعة.
السبت 2024/08/31
شريط النغم الصافي

ليس من السهل أن ينسى الذين عايشوا العصر الذهبي لشريط الكاسات الذي كان يؤنسهم في وحدتهم وجمعهم على الأنغام والأغاني الخالدة، بل ما يزال صباح السوداني صاحب متجر كاسات في بغداد يؤكد أن زمنها سيتجدد.

بغداد ـ لا تزال أشرطة الكاسيت الكلاسيكية التي كانت يوماً ما الوسيلة المفضلة للملايين للاستماع إلى الموسيقى حيةً في متجر صباح السوداني في العاصمة بغداد، الذي يضم مجموعة ضخمة تصل إلى 250 ألف شريط كاسيت. ومنذ 45 عامًا، يعمل السوداني في مجال بيع أشرطة الكاسيت في متجره الصغير، المليء بهذا النوع من الأشرطة الصوتية، بالإضافة إلى ملصقات لمطربين مخضرمين عراقيين وعرب.

ويعود الفضل في اختراع شريط الكاسيت والمساهمة في ابتكار الأقراص المدمجة في ما بعد إلى المهندس الهولندي لو أوتنز الذي توفي في مارس 2021 عن عمر ناهز الـ94 عاماً وأحدثت أشرطة الكاسيت التي ابتكرها نقلة نوعية في عالم الموسيقى، إذ أتاحت لأول مرة حمل التسجيلات بسهولة وسمحت لجيل من عشاق الموسيقى بإنجاز شرائط يمزجون فيها أغنياتهم المفضلة. وقلب شريط الكاسيت صناعة الصوتيات رأساً على عقب وكان سبباً في كلمة النهاية لجهاز الفونغراف الذي كان يعمل بتقنية الشرائط الممغنطة.

ورغم أن التطور التكنولوجي قلل من شعبية أشرطة الكاسيت، وأدى إلى تلاشيها مع التحول نحو الموسيقى الرقمية، إلا أن السوداني لم يتوان عن بذل جهودٍ حثيثة للحفاظ على ثقافة أشرطة الكاسيت وحمايتها من الاندثار. وقال السوداني "منذ السبعينات وأنا أشتري وأبيع أشرطة الكاسيت. لم أترك هذه المهنة أبداً، بل حرصت على جمع أشرطة الكاسيت وصنعت منها مجموعة كبيرة. لديّ الآن حوالي 250 ألف شريط كاسيت".

وأضاف أنه يوفر أشرطة الكاسيت لمتجره من بغداد ومن خارجها، ومن دول عربية وأجنبية. وأردف "رغم أن العديد من الناس يفضلون الوسائل الحديثة للاستماع للموسيقى، إلا أن البعض لا يزال يفضل أشرطة الكاسيت لأنها تحمل ذكريات وعواطف وعبق الماضي، ولا يمكن للتكنولوجيا أن تحل مكانها”.

وأوضح السوداني أنه كثيرًا ما يستمع في متجره لأغانٍ قديمة للمطرب التركي الشهير إبراهيم تاتليسس. وتابع القول "الاستماع للموسيقى من أشرطة الكاسيت لها نكهة مختلفة وطابع خاص. بعض الأشخاص عندما يستمعون للأغاني من أشرطة الكاسيت، يتذكرون أجدادهم وأقاربهم وأصدقاءهم القدامى".

وأضاف "أشتري أشرطة الكاسيت المستعملة أيضًا حيثما وجدتها، وأعلن أنني مستعد لشراء أيّ أشرطة كاسيت موجودة لدى أيّ من سكان بغداد. لديّ ثلاث غرف مليئة بالأشرطة والأقراص المدمجة وأسطوانات الغرامافون الكلاسيكية".

◙ رغم أن التطور التكنولوجي قلل من شعبية أشرطة الكاسيت، إلا أن السوداني لم يتوان في الحفاظ على ثقافة أشرطة الكاسيت وحمايتها من الاندثار

ولفت إلى أنه لا يعرض النسخ النادرة من أشرطة الكاسيت على أحد ولا يبيعها. ومضى قائلا "لدي أيضا أشرطة كاسيت نادرة لأغانٍ تركية وأجنبية، وأخرى للفنان التركي الشهير إبراهيم تاتليسس". واعتبر السوداني أن "أشرطة الكاسيت لا تحمل موسيقى فقط بل تحمل روحًا وذكريات أيضا". وتابع "الأغاني التي تُسمع من الهاتف لا تمنح المستمع نفس العبق والروح الموجودان في أشرطة الكاسيت".

وزاد "في السبعينات، كنا نحمل أجهزة تشغيل الكاسيت التي عرفت في ذلك الوقت باسم ‘وكمان’، كنا نحمل هذه الأجهزة ونتجول في الشوارع مستمعين إلى الموسيقى”. وذكر السوداني أن لديه أشرطة أصلية لتلاوات القرآن الكريم، قد يصل سعر بعضها إلى 200 ألف دينار عراقي (حوالي 120 دولارًا)".

كما أوضح السوداني أن وضع سوق أشرطة الكاسيت في بغداد قد تغيّر مؤخرًا، فبعدما كان الناس يبيعونه أشرطة الكاسيت القديمة، أصبحوا الآن يأتون إليه لشرائها، بعد نشاطه المكثف على مواقع التواصل الاجتماعي.

من جهته، قال صلاح سعد، طالب جامعي عراقي جاء لشراء أشرطة كاسيت، "لدي اهتمام بأشرطة الكاسيت، ولدينا في المنزل مجموعة من الأشرطة وأسطوانات الغرامافون الكلاسيكية". وأردف "أتيت للبحث عن أشرطة لبعض المغنين القدامى باللغة الإنجليزية. أحب الماضي وأشعر بالحنين إليه".

وما يزال السوداني يحلم بعودة أشرطة الكاسات إلى مكانتها التي كانت تحظى بها خاصة بعد أن أطلعنا على تقارير تفيد أن أشرطة الكاسيت شهدت زيادة في المبيعات خلال الأعوام الأخيرة في العديد من دول العالم، فمثلا ارتفعت مبيعات الكاسيت عام 2018 بنسبة 125 في المئة مقارنة بالعام السابق، وأن عدد أشرطة الكاسيت التي بيعت في ذلك العام بلغت أكثر من 50 ألف شريط كاسيت، وهي أعلى زيادة في مبيعات هذا النوع من الأشرطة منذ 15 عاما.

ولقيت أشرطة الكاسيت رواجا متجددا في السنوات الأخيرة لدى محبي المنتجات القديمة بعد أن ظن الكثيرون أن وسيلة الاستماع الصوتي هذه قد ذهبت إلى غير رجعة.

18