متاعب صحية تدفع إمبراطور اليابان إلى التفكير في التخلي عن العرش

طوكيو - إذا كان البابا بنديكت السادس عشر فعلها كما فعلتها ملكة هولندا الملكة بياتريس، فإنه من الصعب جدا على إمبراطور اليابان المسن أن يتخلى عن عرشه.
وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية “إن.إتش.كيه”، الشهر الماضي، إن الإمبراطور أكيهيتو (82 عاما) يريد التخلي عن العرش “خلال بضع سنوات”، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ اليابان الحديث.
ويتعاطف اليابانيون العاديون مع رغبته على ما يبدو في التنازل عن العرش لولي عهده الأمير ناروهيتو، ولكن هذه الفكرة تواجه اعتراضا شديدا من القاعدة المحافظة لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي.
وظل الإمبراطور أكيهيتو على عرش اليابان طوال 27 عاما، وكان معجبا بإبعاد النظام الإمبراطوري عن الارتباط بالقومية العدوانية للحرب العالمية الثانية. ويقول متابعون، إن أكيهيتو سيكون أول إمبراطور ياباني يتنازل عن العرش بعد 200 سنة.
وتولى الإمبراطور العرش في العام 1989 خلفا لوالده الإمبراطور هيروهيتو، الذي كان يمثل ظلا للإله في اليابان، حتى جرده الأميركيون من هذه الهالة في الدستور الذي كتبوه لليابان عقب الانتصار عليها في الحرب العالمية الثانية.
واعتلت السلالة الإمبراطورية الحالية عرش اليابان في العام 1867 ويستمر حكمها إلى اليوم، لكن الحكم الفعلي استمر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية حين أجبرت قوات الاحتلال الأميركي اليابانيين على الاستسلام ووضع دستور جديد يهم شخص الإمبراطور هيروهيتو من حاكم مطلق يرقى في الثقافة اليابانية إلى درجة الإله إلى إمبراطور رمزي يشبه ملكة بريطانيا والسويد والنرويج وغيرها. وعرف التاريخ الياباني الإمبراطوري الممتد عبر التاريخ لمدة تصل إلى 2500 عام استقالة 60 إمبراطورا فقط، لكن اليابان لم تشهد استقالة إمبراطور خلال الأعوام الـ200 الأخيرة، حيث سجلت آخر استقالة في العام 1817 وكانت للإمبراطور كوكاكو بعد خلافات مع قيادة البلاد العليا.
|
وخضع أكيهيتو إلى جراحة سرطان البروستاتا في العام 2003 وأجريت له عملية على القلب قبل أربع سنوات. وفي العام 2011 اتخذ خطوة غير عادية وألقى خطابا متلفزا أمام الشعب الياباني في أعقاب الزلزال المدمر والتسونامي الذي ضرب فوكوشيما، وكان هذا الخطاب بمثابة لفتة ثورية في بلد غير معتاد على سماع أو رؤية الأباطرة.
وأثار المحافظون اعتراضات بالفعل على تغيير القانون للسماح لأكيهيتو بالتقاعد، مشيرين إلى مشكلات تتراوح بين لقبه واحتمال نشوب صراع مع إمبراطور جديد والقلق من أن تكون الخطوة التالية هي السماح للنساء بوراثة العرش، وهو شيء يمقته التقليديون.
وربما أكثر من ذلك يخشى المحافظون من أن يؤدي النقاش بشأن مستقبل العائلة الإمبراطورية إلى صرف الطاقة السياسية عن حملة آبي لتعديل الدستور السلمي الذي وُضع بعد الحرب والذي يصفونه بأنه رمز للهزيمة، ولكن المؤيدين يعتبرونه ضامنا لديمقراطية اليابان.
وعلى عكس الأنظمة الملكية في أوروبا لا يوجد في اليابان نص قانوني للتخلي عن العرش على الرغم من أن الكثير من الأباطرة كانوا قد تخلوا عن عروشهم في عصر ما قبل الحداثة. وتقول وسائل الإعلام إنه وربما في خطوة غير مسبوقة، ربما يظهر أكيهيتو في بث تلفزيوني مباشر في الثامن من أغسطس لتوضيح مخاوفه من أن عامل السن ومشكلات صحية أخرى قد يؤديان إلى عدم استطاعته أداء مهامه بشكل كامل وليس هناك ما يشير إلى أن أكيهيتو تأثر بتخلي البابا بنديكت السادس عشر عن مقعد البابوية في العام 2013. ولكن ربما استوحى الفكرة من الملكة بياتريس التي أعلنت في سن الخامسة والسبعين تنازلها عن العرش في التلفزيون في نفس السنة لتصبح ثالث ملكة هولندية تتقاعد منذ الحرب.
ويشعر المحافظون أيضا بالقلق من إمكانية أن يثير هذا النقاش دعوات للسماح باعتلاء النساء للعرش في ضوء نقص الورثة من الذكور. ويذكر أن خططا سابقة لتعديل قانون الخلافة في اليابان وتحديدا بعد ولادة الأميرة هيساهيتو في 2006، كانت قد أهملت بندا يتم بمقتضاه منح الخلافة للشقيق الأصغر لولي العهد.