مبررون ومنتقدون لضعف أداء الرئيس الموريتاني بعد عامين في الحكم

يستفز تثمين سياسيين لإنجازات الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني وتبرير عجزه عن التغيير بالانشغال في محاربة كورونا، المعارضة التي ترى أن سنتين من حكمه مرتا دون تحقيق شيء يذكر.
نواكشوط - كشفت تقارير ومقالات لسياسيين وأحزاب ومحللين انقسام الموريتانيين حول تقييم أداء الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني خلال عامين من حكمه للبلاد.
وانتخب الغزواني، وهو جنرال سابق، رئيسا لموريتانيا في يوليو 2019، وتسلم مهامه رسميا في الثالث من أغسطس من العام نفسه لعهدة رئاسية مدتها خمس سنوات. وبينما يرى موريتانيون أن الرئيس أنجز الكثير خلال عامين من حكمه، يرى آخرون أنه أخفق في تحقيق ما تعهد به خلال الحملة الانتخابية في ظلّ أزمة صحية متفاقمة.
تقييمات متضاربة
انشغل عدد من الوزراء في الحكومة كما هو الحال بالنسبة إلى الشعب والطبقة السياسية بتقييم أداء الغزواني، حيث تحدث وزير الدفاع حننا ولد سيدي في مقال نشر بعدد من الصحف المحلية عن السياسة الأمنية التي يتبعها الغزواني، معتبرا أن المقاربة الموريتانية لمكافحة الإرهاب أخذت عدة أبعاد عسكرية وأمنية وتنموية، ومثمنا تزويد الجيش بقواعد متقدمة، وآليات جوية قادرة على دعم القوات البرية خلال العمليات ضد المجموعات الإرهابية.

كما نشر وزير الداخلية محمد سالم ولد مرزوك مقالا تحدث فيه عن توفير الأمن للمواطن الموريتاني، مشيرا إلى أن الوزارة الخاضعة لإشرافه قامت بوضع خطة تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف من بينها ضمان التنسيق المنسجم والتوجه نحو تجميع فعال للموارد، وتصميم نظام لجمع البيانات ومعالجتها وتحليلها كأداة لصنع القرار والتقييم باستمرار، والتركيز على المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز عدد قوات الأمن من خلال الاكتتاب.
وأشار إلى أن جميع الجرائم المسجلة في جميع أنحاء التراب الوطني انخفضت من 11 ألفا و149 حالة في عام 2017 إلى 3 آلاف و748 حالة في عام 2020، أي بانخفاض قدره 66.4 في المئة.
من جهته قال وزير الاقتصاد وترقية الصناعات الإنتاجية ممادو عثمان كا في مقال نشرته صحف محلية إن “تنصيب الغزواني رئيسا قبل عامين كان صفحة جديدة للاقتصاد الوطني، فتم تحديد مسار الاقتصاد المنتج والمتنوع وتطوير البنية التحتية لدعم النمو وتعزيز المدن المنتجة”. ولفت عثمان كا إلى أنه ورغم ظروف جائحة كورونا فإن معدل نمو الاقتصاد الوطني لعام 2020 كان – 1.76 في المئة.
وتحدث الوزير عن تنشيط القطاعات التي تتمتع بإمكانيات قوية للتشغيل والنمو، مع دمج أفضل للسلاسل القيمية في الزراعة والأنشطة الرعوية وصيد الأسماك. وأشار إلى مواصلة عصرنة البنية التحتية العمومية وتعزيز دور القطاع الخاص من خلال تحسين مناخ الأعمال وتطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتحسين نفاذ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وفي المجال السياسي والإعلامي تحدث الناطق باسم الحكومة المختار ولد داهي في مقال له عن انتهاج الغزواني لسياسة التشاور مع الأحزاب والتهدئة مع مختلف ألوان الطيف السياسي.
وأضاف أن كل التعهدات الواردة بالبرنامج الرئاسي في ميدان الإعلام يمكنُ أن توصف بأنها سلكت “طريقا سريعا وآمنا” للوفاء بها. لكنّ حزب الصواب المعارض شدّد على أن ما حصل خلال عامين من الانتظارات لم يصل إلى “الحد الأدنى من مطالب الإصلاح السياسي”.
وأضاف الحزب في بيان “مهما عددنا من أرقام الإنجازات الفعلية أو الافتراضية، دون أن تحكمنا النزاهة في توصيف الواقع، سيزداد مع كل موسم قادم الخطر بأن تنزلق منا فرص متاحة اليوم وقد لا تكون متاحة غدا”. وأردف “نواصل تشجيع أنفسنا على أن نظل عباقرة في صناعة الوهم والاستسلام له”.

ودعا الحزب العقلاء الذين يشعرون بالمسؤولية والذين يفكرون بالمستقبل إلى ضرورة الوقوف ضد التزييف والمخادعة والفجيعة، بناء على إدراك حاسم بخطر تكرار التجارب السيئة التي يكافح كثيرون كي لا يبارح الموريتانيون قاعها الآسن ومسرحها القاتل.
وعلى عكس السياسيين الذين رأوا أن الغزواني حقق أو هو في طور تحقيق أغلب وعوده الانتخابية على المستوى الأمني والإعلامي والاقتصادي، انقسم العديد من النشطاء والإعلاميين بشأن تقييمهم لأداء الرئيس، إذ اعتبر بعضهم أنه من الصعب تقييم أدائه بسبب الظرفية الخاصة التي نتجت عن جائحة كورونا والتي خلطت الأوراق وأربكت الحسابات.
وتعيش موريتانيا موجة خطيرة ومخيفة من جائحة كوفيد – 19 بسبب الإصابات بمتحور “دلتا” الذي يجتاح جميع المدن الموريتانية منذ أكثر من أسبوعين.
وكتب المدون والناشط الجمعوي إسحاق الفاروق عبر صفحته على فيسبوك “كل ما أنجز دون تطلع الكثير من المواطنين، وقد يكون ذلك بسبب الآمال التي عقدوها عليه وجائحة كورونا”.
في المقابل يقول الباحث إسماعيل ولد الشيخ سيديا إن أهم ما قام به الرئيس الغزواني هو تهدئة الساحة السياسية، والتخفيف من الاحتقان السياسي.
وتابع سيديا في تديونة عبر فيسبوك “ومن أهم إنجازاته كذلك أنه أعاد للحكومة وللإدارة نوعا من الحيوية، فترك للوزراء صلاحياتهم، وترك المؤسسات الرقابية تعمل عملها”.
ورأى المدون والشاعر أحمد بن أبي المعالي أن عامين من حكم الغزواني فيهما ما له وما عليه، وما زال المواطنون يأملون أكثر مما رأوا، وهناك تفاهم وإعطاء فرصة للمعارضة بأن تُسمِع النظام رأيها.
واستدرك في تدوينة له على فيسبوك “هناك من يقول إنه ما زال ينتظر نتائج أفضل، والناحية السلبية أشدها تدوير المفسدين، وهناك بعض الأسماء عليها علامات استفهام، ومحاربة الفساد لا بد أن تكون بطرق مختلفة عن الطرق الموجودة الآن”.
أما الصحافي والشاعر محمدو السالم بن جدو فلفت إلى أن “الحكم على الشيء فرع عن تصوره، لم أر ميزة ذات شأن أذكرها لا سلبا ولا إيجابا”. وتابع “عشنا فترة تحت حصار وباء كورونا عموما، وشغل الرأي العام بأمور منها محاكمة الرئيس المنصرف (محمد ولد عبدالعزيز) وأمور أخرى (…) لم أر شيئا متميزا أتحدث عنه”.
ملفات مفتوحة
اعتبر النائب البرلماني المعارض محمد الأمين سيدي مولود أنّ الإنجازات التي ثمّنها وزراء وسياسيون داعمون للرئيس الغزواني “لم تخرج عن نطاق الإنشائيات الجامدة التي يمكن نشرها كل فترة ومع كل رئيس”. وقال إن الرئيس الموريتاني لم يقدم للمعارضة والمعارضين مقابل الهدنة والانسجام غير اللقاءات البروتوكولية.
وكانت المعارضة لوحت سابقا بتنظيم تظاهرات سلمية لدفع النظام نحو إجراء عدد من الإصلاحات، ففي تصريحات سابقة لوّح السالك ولد سيدي محمود نائب رئيس الحزب الإسلامي “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” في موريتانيا، بأن المعارضة قررت “الضغط على النظام” عبر “أنشطة سلمية علنية” لدفعه إلى إجراء إصلاحات بعد أن منحت الرئيس الغزواني “من الفرص ما يكفي”، لكن الحصيلة بعد سنتين من حكمه كانت سيئة.
وطرح سيدي مولود في مقال نشره بصحف محلية جملة من الأسئلة قال إنها ما تزال تنتظر الإجابة. ففي مجال التعليم تساءل النائب المعارض “هل ازدادت ثقة المواطن في التعليم الرسمي؟ وهل يستطيع أي من الوزراء أو كبار المسؤولين أو الجنرالات أن يُدرّس أبناءه في المدارس الرسمية؟”.
ولا يزال التعليم في موريتانيا بمختلف مستوياته ورغم جهود الحكومات المتعاقبة لتحسين المنظومة التعليمية في البلاد، يعاني من مشكلات مختلفة، وتشهد موريتانيا من حين لآخر احتجاجات تطالب بتحسين التعليم والارتقاء به، والخروج به من دائرة المؤشرات السيئة ضمن تقييمات جودة التعليم عربيا ودوليا.
كما يشكل ارتفاع نسبة البطالة في موريتانيا إلى مستويات قياسية أحد التحديات الأكثر صعوبة التي تواجهها السلطات، حيث تشير تقارير منظمة العمل الدولية إلى أن نسبة البطالة في موريتانيا بلغت 30 في المئة في العام 2020، وهي واحدة من أعلى النسب على المستوى العالمي.
وفي هذا الإطار تساءل سيدي مولود “هل هنالك سياسة حقيقية لكبح جماح الارتفاع الصاروخي للأسعار؟ هل توقفت المخالفات القانونية في التعيينات في أهم القطاعات وفي المسابقات؟ هل هناك سياسة شفافة في التشغيل أم أن المتاح منه على قلته يدار بزبونية بين النافذين؟”.