مباغتة حماس تسلط الضوء على إخفاق المخابرات الإسرائيلية

قادة الدفاع يواجهون تساؤلات عصيبة ومتزايدة حول كيفية تنفيذ حماس لهذا الهجوم الكارثي.
الاثنين 2023/10/09
المخابرات الإسرائيلية ليست بالقوة التي يتم الترويج لها

القدس - في وقت تترنح فيه إسرائيل تحت وطأة هجوم مباغت وفادح الخسائر شنه مسلحون من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اخترقوا الحواجز المحيطة بقطاع غزة وتجولوا بحرية وقتلوا العشرات من المدنيين في بلدات إسرائيلية، يواجه قادة الدفاع تساؤلات عصيبة ومتزايدة حول كيفية تنفيذ حماس لهذا الهجوم الكارثي.

فبعد يوم واحد على إحياء الذكرى الخمسين لبدء حرب عام 1973، عندما أُخذت القوات الإسرائيلية على حين غرة بطوابير الدبابات السورية والمصرية، بدا أن الجيش فوجئ مرة أخرى بهجوم مباغت لم يكن متوقعا.

وقال الجنرال المتقاعد جيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، “يبدو الأمر مشابها تماما لما حدث في ذلك الوقت”. وأضاف في إفادة لصحافيين “كما يمكننا أن نرى، فقد فوجئت إسرائيل تماما بهجوم منسق بشكل جيد جدا”.

وقال متحدث باسم الجيش إن مناقشات ستجري حول جاهزية المخابرات “في وقت لاحق”، لكن التركيز في الوقت الحالي ينصب على القتال. وقال في إفادة صحفية “سنتحدث عن ذلك عندما نحتاج إلى الحديث عنه”.

ولطالما اعتبرت إسرائيل حماس عدوا لدودا، لكن منذ أن ألحقت إسرائيل أضرارا جسيمة بقطاع غزة في حرب استمرت عشرة أيام في عام 2021، اعتمدت إسرائيل مزيجا من سياسات العصا والجزرة للحفاظ على الاستقرار في القطاع المحاصر.

عاموس هرئيل: ليس نقصا في المعلومات يبدو أن النظام بأكمله انهار
عاموس هرئيل: ليس نقصا في المعلومات يبدو أن النظام بأكمله انهار

وعرضت حوافز اقتصادية بما في ذلك الآلاف من تصاريح العمل التي تسمح لسكان من القطاع بالعمل في إسرائيل أو الضفة الغربية المحتلة، مع الحفاظ على حصار محكم وتهديد مستمر بشن غارات جوية.

وعلى مدى الثمانية عشر شهرا الماضية وفي ظل احتدام العنف في أنحاء الضفة الغربية، ساد الهدوء النسبي قطاع غزة باستثناء اشتباكات متفرقة عبر الحدود شاركت فيها بشكل رئيسي حركة الجهاد الإسلامي الأصغر حجما، وظلت حماس على الحياد إلى حد كبير.

وانصب تركيز حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية بقدر كبير على أهمية وقوة قدراتها الأمنية واتخذت موقفا متشددا تجاه الفصائل الفلسطينية المسلحة بما في ذلك حماس التي تدير قطاع غزة منذ 2007.

لكن عندما جاء المحك الحقيقي، بدا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تنهار عندما اخترقت قوة من مسلحي حماس، يقدر الجيش الإسرائيلي عددها بالمئات، السياج الأمني وانتشرت في المدن والبلدات والمستوطنات.

وقال جوناثان بانيكوف، النائب السابق لمسؤول المخابرات الوطنية لشؤون الشرق الأوسط في الحكومة الأميركية، والذي يعمل الآن في المجلس الأطلسي وهو مؤسسة بحثية، “هذا إخفاق للمخابرات ولا يمكن أن يكون سوى ذلك”. وأضاف “كان فشلا أمنيا، مما قوض ما كان يُعتقد بأنه نهج عدواني وناجح على كل المستويات من إسرائيل تجاه غزة”.

وبالنسبة للإسرائيليين، شكلت صور الجثث الملقاة في الشوارع أو مجموعات من المدنيين يجري اقتيادهم إلى الأسر في غزة صدمة عميقة. وقُتل أكثر من 250 إسرائيليا وأُصيب أكثر من 1500 آخرين، وهو عدد غير مسبوق من الضحايا الإسرائيليين في يوم واحد. وتكبد الجيش خسائر فادحة وقالت الفصائل الفلسطينية المسلحة إنها أسرت العشرات من الجنود.

وسيطر المسلحون أيضا على مواقع أمنية من بينها مركز للشرطة في بلدة سديروت في جنوب إسرائيل واقتحموا معبر بيت حانون (إيريز) وهو منشأة محاطة بإجراءات أمنية مشددة يمر عبرها الأفراد من وإلى القطاع عبر سلسلة من الضوابط الصارمة.

ونشرت وسائل إعلام تابعة لحماس السبت لقطات تظهر مسلحين يتجولون في مكاتب مهجورة ويمرون عبر الجدران الخرسانية العالية للموقع. وقال إيال جولاتا، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، “يخططون لهذا منذ فترة طويلة… من الواضح أن هذا هجوم منسق للغاية، وللأسف تمكنوا من مفاجأتنا تكتيكيا والتسبب في أضرار مروعة”.

واعتبر محللون إسرائيليون أن عدم قدرة أجهزة الأمن الإسرائيلية على التنبؤ مسبقا بهجوم حماس مثل “فشلا كارثيا ستكون له انعكاساته السياسية”.

إيال جولاتا: هناك إخفاق للمخابرات ولا يمكن أن يكون سوى ذلك

وقال المحلل في صحيفة هآرتس الإسرائيلية عاموس هرئيل في مقال الأحد “الوضع يدعو إلى مقارنة تاريخية مؤلمة. لقد انهار مفهوم إسرائيل في ما يتعلق بغزة. لقد فشلت في السياسة، وفي نشر القوات الدفاعية، وفي الاستعداد للمفاجآت، وفي الغياب التام للتحذيرات الاستخباراتية”. وأضاف “وفي الليلة ما بين الجمعة والسبت، نام القادة السياسيون والعسكريون الإسرائيليون بأمان في منازلهم. ولم يتم تعزيز القوات لعدم وجود إنذار مبكر”.

وتابع “ذهبت المخابرات العسكرية وهيئة الأركان العامة للجيش إلى أبعد من ذلك: خلال العام الماضي، زعموا في الكثير من الأحيان أن حماس تردع من قبل إسرائيل بعد نتائج الحملات السابقة ولا تسعى إلى حرب أخرى”. وأشار هرئيل إلى أنه “لم يكن نقص المعلومات الاستخبارية هو المشكلة الوحيدة. يبدو أن النظام بأكمله انهار ببساطة”.

وكتب المحلل يوسي يهوشع في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية “لا يمكن التقليل من أهمية الأمر أو وضعه بعبارات أقل حدة: لقد فوجئ الجيش الإسرائيلي، أقوى جيش في الشرق الأوسط وواحد من أكثر الجيوش احتراما في العالم، تماما بهجوم حماس على إسرائيل”.

وأضاف “كانت جميع تقديرات الاستخبارات العسكرية حتى ساعات الصباح الباكر تشير إلى أن حركة حماس مترددة وغير مهتمة بامتداد الحرب إلى غزة. وبناء على ذلك، خفض الجيش الإسرائيلي انتشار قواته في الجنوب، ونقل القوات إلى الضفة الغربية حيث تتواصل موجة الهجمات".

وتابع "الضربة التي وجهتها حماس إلى إسرائيل أظهرت مكر الحركة، والتي بدأت قبل أسبوعين عندما أرسل حكام غزة متظاهرين إلى الحدود مع إسرائيل. بعد أن وافقت الحكومة على استئناف دخول العمال من غزة إلى إسرائيل، اعتقد الجيش أنه تم احتواء الوضع على طول الحدود. لقد خدعت حماس الجيش الإسرائيلي ودفعته إلى الرضا عن النفس".

اقرأ أيضا: 

هل يعيد هجوم حماس رسم التوازنات الأمنية في المنطقة

مخاوف أميركية من تبعات الحرب بين حماس وإسرائيل على جهود تطبيع العلاقات الإسرائيلية - السعودية

6