مبادرة للحوار ستعرض على الرئيس التونسي دون تشريك الأحزاب

تونس - كشف عميد المحامين التونسيين حاتم المزيو عن بعض تفاصيل مبادرة الحوار الوطني التي تم الإعداد لها مع الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، قائلا إنها ستعرض على الرئيس قيس سعيّد دون تشريك الأحزاب فيها.
وأوضح المزيو في تصريح لإذاعة "شمس.أف.أم" الخاصة اليوم الخميس، تزامنا مع الوقفة الاحتجاجية التي نظمها المحامون في المحكمة الابتدائية بالعاصمة رفضا لقانون المالية لسنة 2023، أن "المبادرة لا تزال في طور المشاورات الأولى وأن هنالك ضرورة ملحة على أن تكون شاملة وعميقة وألا تقتصر فقط على الجانب السياسي".
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل وعماد المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أعلنوا الشهر الماضي عن إطلاق مبادرة إنقاذ وطنيّة تهدف إلى حوار وطني لإخراج تونس من الأزمة، وذلك بعد المشاركة الضعيفة للناخبين في الانتخابات التشريعية.
وشارك نحو 11.22 في المئة من التونسيين في الانتخابات البرلمانية التي نظمت في السابع عشر من ديسمبر الماضي، وهي أضعف نسبة في تاريخ البلاد، حيث استغلت القوى المعارضة الإقبال الضعيف للتشكيك في شرعية الرئيس، وهو ما ندد به قيس سعيّد.
وأكد عميد المحامين أن المبادرة تسعى "للانطلاق في إصلاح شامل اقتصادي واجتماعي وسياسي، على أن يتم تقديمها وعرضها على رئيس الجمهورية قيس سعيّد باعتباره صاحب شرعية انتخابية"، داعيا الرئيس إلى التفاعل إيجابيا معها.
ونفى المزيو أن تكون المبادرة تستهدف ضرب شرعية النظام القائم، بل إنها مبادرة للإصلاح، مشيرا إلى أنه لن يتم عرضها على الأحزاب السياسية التي فقدت ثقة الشعب وحملت مسؤولية العشرية الماضية.
ويرى مراقبون أن عميد المحامين رفض عرض المبادرة على الأحزاب حتى لا يُفتح باب المزايدات من قبل القوى السياسية، التي تسعى وراء التموقع، ولطمأنة السلطات بأن الأمر لا يتعلق بالتشكيك في شرعيتها، وهو ما تبحث عنه المعارضة وخاصة "جبهة الخلاص" بقيادة حركة النهضة الإسلامية.
ورغم الخلافات بين الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، وهو أحد الداعين إلى إنجاح المبادرة، والرئيس سعيّد، لكن هنالك محاولات حثيثة لتقريب وجهات النظر بدأت من خلال اجتماع أمين عام المنظمة العمالية مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن.
ولا يُعرف إن كانت المبادرة الحالية شبيهة بمبادرة أعلن عنها الاتحاد في 2020 إبان حكومة المشيشي لإطلاق حوار وطني سياسي، اقتصادي واجتماعي بين الفاعلين السياسيين والمنظمات الوطنية، لكنها لم تر النور بعد اتخاذ الإجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو 2021.
ولوّح الطبوبي في الفترة الماضية باستخدام الشارع وورقة الإضرابات رفضا لقانون المالية، وهو ما أثار غضب مؤسسة الرئاسة.
ويثير قانون المالية غضب الكثير من القطاعات، بما فيها قطاع المحاماة، إذ شارك المحامون الخميس في "يوم غضب" ضد القانون الذي تضمن إجراءات ضريبية جديدة تشمل القطاع.
ويرفض المحامون المحتجون قانون المالية الذي أصدره سعيّد عبر مرسوم رئاسي، لأنه يفرض ضرائب جديدة على المهن الحرة، وسيؤدي بالنتيجة إلى رفع تسعيرة خدمات التقاضي.
ورفع المحامون، الذين تجمعوا في بهو المحكمة بردائهم الأسود والشارات الحمراء، لافتات كتب عليها "لا لإثقال كاهل المواطن" و"لا لإملاءات صندوق النقد" و"لا للمس من القدرة الشرائية للمواطن".
وقال المزيو "هذا القانون نتيجة إملاءات خارجية ولا يراعي الخصوصيات الكبرى للمهن الحرة في تونس. كما أنه سيؤثر على حسن سير العدالة".
وتطالب هيئة المحامين بمراجعة قانون المالية برمته بدعوى تضمنه إجراءات ضريبية مجحفة.
وتنتظر تونس بشدة موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي بشأن اتفاق قرض بقيمة 1.9 مليار دولار يدفع أقساطا على 48 شهرا، مقابل الالتزام بحزمة إصلاحات لإنعاش المالية العمومية ودفع النمو الاقتصادي، تشمل نظام الدعم والمؤسسات العمومية المتعثرة والتحكم في كتلة الرواتب وغيرها من الإصلاحات الأخرى.