مبادرة إثيوبيا لحل أزمة السودان رهينة موقف الجيش

استشعار التحالف المدني السوداني لخطر سحب المجلس العسكري البساط من تحت أقدامه دفعه لقبول المبادرة الإثيوبية في خطوة الغرض منها رمي الكرة في ملعب الأخير وحشره في الزاوية.
الاثنين 2019/06/24
المجلس العسكري

الخرطوم- تتجه الأنظار إلى موقف المجلس العسكري من المبادرة الإثيوبية لحل الأزمة السودانية، بعد إعلان التحالف المدني الممثل في قوى الحرية والتغيير موافقته على بنودها، التي من أهمها تقاسم عضوية المجلس السيادي مناصفة بين العسكريين والمدنيين.

وقال تحالف إعلان الحرية والتغيير السبت إنه تسلم مسودة اتفاق من الوسيط الإثيوبي ووافق على كل النقاط الواردة فيها والتي تحدد الهياكل الحكومية للفترة الانتقالية.

ولم يذكر المتحدث باسم تحالف قوى الحرية والتغيير بابكر فيصل تفاصيل عن مضمون المسودة. وقال “موافقتنا على مقترح الوساطة الإثيوبية تضع جميع الأطراف أمام مسؤولياتها تجاه استكمال جهود الحل السياسي وبالتالي نطالب بإقرار الوثيقة من قبل المجلس العسكري بدوره للانتقال بالوضع في السودان إلى مربع آخر”.

ووفق مصادر مطلعة، تضمنت مسودة العرض الإثيوبي، أن يتألف المجلس السيادي من سبعة مدنيين وسبعة عسكريين مع تخصيص مقعد أو أكثر لشخصية محايدة، ويتم تداول رئاسة المجلس بين الطرفين خلال الفترة الانتقالية المقررة بثلاث سنوات على أن تكون الفترة الأولى لصالح المجلس العسكري.

ويرى مراقبون أن استشعار التحالف المدني لخطر سحب المجلس العسكري البساط من تحت أقدامه، بسبب مواقفه المتصلبة، دفعه لقبول المبادرة الإثيوبية، وذلك في خطوة الغرض منها رمي الكرة في ملعب الأخير وحشره في الزاوية، مع فقدانه أمل تولي قيادة المرحلة الانتقالية منفردا.

ويشير المراقبون للتطورات في هذا البلد إلى أن المجلس العسكري لن يعلن سريعا موقفه النهائي من المبادرة التي لا يبدو أنها تلقى صدى إيجابيا في صفوفه، خاصة وأن الرأي المسيطر هو أن الوضع المعقد سياسيا وأمنيا واقتصاديا يفرض أن تكون له اليد الطولى على المجلس السيادي.

ويدور خلاف منذ أسابيع بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف المعارضة بشأن شكل الفترة الانتقالية السودانية بعد أن أطاح الجيش بالرئيس عمر حسن البشير واعتقله في 11 أبريل استجابة لضغط الشارع.

عمر الدقير: احتمال أن تقود مساعي شراء الوقت إلى فقدان الحراك لزخمه
عمر الدقير: احتمال أن تقود مساعي شراء الوقت إلى فقدان الحراك لزخمه

وفي مايو توصل الطرفان إلى اتفاق مبدئي يقضي بتخصيص ثلثي مقاعد مجلس تشريعي انتقالي لتحالف قوى الحرية والتغيير والسماح له بطرح مرشحين لمجلس وزراء يتألف من أعضاء يتم اختيارهم بناء على الجدارة. وأشارت المسودة الإثيوبية إلى أن ذلك سيبقى بلا تغيير.

ولكن الجانبين وصلا لطريق مسدود بسبب ما إذا كان مدنيون أم عسكريون يسيطرون على مجلس سيادي جديد يقود السودان إلى الانتخابات، وازداد الأمر سوءا مع عملية فض الاعتصام بالقوة أمام مقر القيادة العامة للجيش.

ولا يبدي المراقبون تفاؤلا كبيرا بإمكانية نجاح المبادرة الإثيوبية رغم أنها الأكثر واقعية المقدمة حتى الآن، في ظل غياب عامل الثقة بين الجانبين، حيث يرى كل طرف الآخر تهديدا وجوديا له، كما أن الوضع الحالي في إثيوبيا الناجم عن محاولة الانقلاب الفاشلة عامل سلبي إضافي قد يجمد المبادرة.

وأعلن نائب رئيس المجلس العسكري، الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، السبت، أن المجلس لن يقبل بحصول قوى التغيير على 67 بالمئة من مقاعد المجلس التشريعي حتى “لا تفرض رأيها”.

واعتبر منسق لجنة الدستور في قوى التغيير، أسامة سعيد، أن تصريحات حميدتي الذي بات يتصدر المشهد السياسي السوداني تعكس إصراره على نسف أي حلول تتعارض ورغبة المجلس العسكري في أن يكون الطرف المهيمن على المعادلة في الفترة المقبلة. ويجري محمود دريدي، مبعوث رئيس الوزراء الإثيوبي، مباحثات في السودان حاليا، على أمل إنضاج المبادرة والحصول على موافقة الطرفين لتطبيقها.

ولم تحصل أي مفاوضات مباشرة بين المجلس العسكري والتحالف المدني منذ اقتحام مجموعات محسوبة على قوات الدعم السريع اعتصاما خارج مقر وزارة الدفاع في الثالث من يونيو قتل خلاله العشرات، ولكن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والاتحاد الأفريقي يحاولان التوسط بين الطرفين.

وأكد القيادي في “قوى إعلان الحرية والتغيير” رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض عمر الدقير الأحد أن موافقة القوى على المبادرة الإثيوبية لحل الأزمة السودانية لا تعني السماح بالقفز على مطالب الثورة، وشدد على أن الموافقة مشروطة بتنفيذ المجلس العسكري للمطالب التي قدمتها قوى الحرية والتغيير، التي تقود الحراك الشعبي، خلال الفترة الماضية وفي مقدمتها تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في أحداث “مجزرة فض الاعتصام”.

ويعكس موقف الدقير الذي يعد أحد أبرز وجوه قادة الاحتجاج، استمرار التباين داخل التحالف المدني وهذا أحد مكامن ضعف المدنيين في مواجهة المجلس العسكري، الذي يشعر اليوم أنه في وضع أفضل بكثير بعد فض الاعتصام، وفشل العصيان المدني، وتراجع الزخم الشعبي والاهتمام الدولي.

ولم يخف رئيس حزب المؤتمر احتمال أن تقود محاولات المجلس العسكري لشراء الوقت، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، إلى فقدان الحراك الشعبي والثوري لزخمه، إلا أنه قال “نحن في قوى الحرية والتغيير، ورغم إدراكنا لحساسية الأوضاع، كنا ولا نزال واثقين في تمسك السودانيين بثورتهم ورغبتهم في الانتقال لحكم وسلطة مدنيين”.

2