مبادرات التكافل الاجتماعي تخفف العبء عن فقراء لبنان خلال رمضان

1.5 مليون عدد اللبنانيين الذين هم تحت خط الفقر.
السبت 2024/03/23
لبنان يتصدر مؤشرات البؤس

بيروت - تشكل مبادرات التكافل الاجتماعي متنفسا للفقراء والمحتاجين في لبنان، خاصةً خلال شهر رمضان، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تتخبط فيها البلاد منذ نحو خمس سنوات.

من بين المبادرات تبرز جمعية “وجبات الخير” (غير حكومية) التي تُوزع عشرات الآلاف من الوجبات خلال شهر رمضان على المحتاجين بمدينة طرابلس عاصمة الشمال اللبناني.

وتأسست الجمعية عام 2021 على يد مجموعة من الشباب لتوزيع المال والطعام على المحتاجين في طرابلس على مدار السنة، بعد أن كان أعضاؤها يوزعون الطعام في ساحة طرابلس الرئيسية خلال شهر رمضان منذ العام 2010.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت “وجبات الخير” ركيزة أساسية في المجتمع الطرابلسي؛ حيث تلعب دورًا هامًا في تعزيز التضامن والتكافل الاجتماعييْن، وذلك بفضل جهود مجموعة من الشباب من مختلف الاختصاصات، أطباء ومهندسون وغيرهم من المتطوعين.

"وجبات الخير" أصبحت ركيزة أساسية في المجتمع الطرابلسي، حيث تلعب دورًا هامًا في تعزيز التضامن والتكافل

وقال سامر كساب، رئيس الجمعية إن الفكرة بدأت في عام 2010 من خلال توزيع وجبات الطعام من مطبخ متواضع في “ساحة النور” التي تُعد الساحة الرئيسية في طرابلس، على الفقراء في المدينة.

ومع مرور الوقت توسعت المبادرة، وفق كساب، لتقدم الدعم إلى مطابخ خيرية أخرى، ثم تأسست جمعية “وجبات الخير” عام 2021 بالتعاون مع مجموعة من الأطباء والمهندسين.

وباتت الجمعية تمتلك مطبخًا مركزيًا لتحضير الطعام وتوزيعه على عدد كبير من فقراء المدينة. ولفت كساب إلى أن المشروع يُموّل من أموال المغتربين اللبنانيين وبعض السوريين والفلسطينيين في الخارج، بالإضافة إلى تبرعات أهل الخير في طرابلس، نافيًا تلقي أي دعم حكومي أو من جهات أخرى.

وأوضح أن الهدف الرئيسي من المشروع هو القضاء على الجوع في طرابلس؛ إيمانًا بأن الحد من الجوع يقلل من نسبة الجريمة والانفلات في الشارع.

وقال “بدلًا من انتظار المحتاجين للمساعدة، تسعى الجمعية للوصول إليهم وتقديم الدعم لهم“.

وأظهرت دراسة نشرتها احدى منظمات الأمم المتحدة حول الفقر في لبنان العام الماضي، أنّ “عدد اللبنانيين الذين هم تحت خط الفقر 1.5 مليون، وعدد اللبنانيين فوق خط الفقر 2.5 مليون نسمة، إضافة إلى 178200 لاجئ فلسطيني تحت خط الفقر و91800 لاجئ فلسطيني فوق خط الفقر، في حين يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى الأمم المتحدة بصفتهم لاجئين تحت خط الفقر 720 ألفاً“.

وكشفت الدراسة عن “ارتفاع نسبة أعداد الفقراء في لبنان بنسبة 61 في المئة منذ العام 2011 لغاية العام الماضي وأن 28.55 في المئة من سكان لبنان يعيشون بأقل من أربعة دولارات يومياً”.

وقال كساب إن جمعية “وجبات الخير” تقدم مساعداتها على مدار السنة، لكن يزداد زخمها في رمضان بسبب ازدياد رغبة الناس في التبرع بالمال، خاصةً وأن المشروع يعتمد بشكل كبير على تبرعات أهل الخير.

وتتنوع المساعدات التي تقدمها الجمعية لتشمل المواد العينية والمالية، بالإضافة إلى مشاركة المتطوعين، خاصةً في رمضان، في مساعدة الجمعية في المطبخ والتوزيع دون مقابل.

وعن عدد الوجبات التي يتم توزيعها، أوضح كساب أن الجمعية توزع حوالي 45 ألف وجبة خلال شهر رمضان، وتختلف الكمية بعد ذلك من شهر إلى آخر حسب قيمة التبرعات التي يتم تلقيها.وبيّن كساب أن متوسط حجم التوزيع اليومي منذ بداية هذا الشهر تراوح ما بين 1500 وجبة إلى 5000 وجبة.

الجمعية توزع 45 ألف وجبة خلال شهر رمضان، وتختلف الكمية بعد ذلك من شهر إلى آخر حسب قيمة التبرعات التي يتم تلقيها

وأشار إلى أن التوزيع لا يقتصر على فئة معينة من الناس، بل يشمل إلى جانب اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، بالإضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين.

وقدم كساب توضيحًا لمراحل تحضير وجبات الطعام. ففي البداية يقوم فريق مختص بشراء المواد الأولية من خضار وحبوب، مع الحرص على اختيار أفضل المواد وأجودها. وفي حال تبرع أحد الأشخاص بمواد أولية، يتم استلامها وفحصها للتأكد من جودتها.

بعد ذلك، يتم غسل وتقطيع المواد الأولية من قبل فريق مختص، ثم تبدأ عملية الطبخ بواسطة فريق آخر. وبعد الانتهاء من الطبخ، يتم استلام الطعام من قبل فريق التوضيب، الذي يقوم بتغليفه بشكل مناسب ووضعه في صناديق مخصصة.

وتأتي المرحلة الأخيرة وهي التوزيع؛ حيث يتوجه فريق من الجمعية إلى أحياء مختلفة في طرابلس، ليتم توزيع الوجبات على المحتاجين، وفق كساب.

وأشار إلى أن عدد المحتاجين المسجلين لدى جمعية “وجبات الخير” يزيد عن 15 ألف شخص.

ويعاني اللبنانيون منذ العام 2019 أزمة اقتصادية غير مسبوقة، بالتزامن مع أزمة سياسية، أدت إلى انهيار قياسي بقيمة العملة المحلية مقابل الدولار من 1500 ليرة مقابل دولار إلى 90 ألف ليرة حاليًا، فضلا عن شح بالوقود والأدوية، وانهيار قدرتهم الشرائية.

16