ما هي رمزية الرقم 13 الذي قتل الروائي علاء مشذوب؟

اتحاد أدباء كربلاء ونقابة المعلمين وكل المنتديات الثقافية والمدنية تعلن عن وقفة احتجاج تستنكر حادثة الغدر التي أودت بحياة الروائي علاء مشذوب والقضاء على مشروعه الإبداعي.
الثلاثاء 2019/02/05
الكاتب شهيد إبداعه ورأيه ينتصر حتى بموته

لا شيء يدل على انهيار الإنسانية مثل فعل القتل العمد الذي يطول أصحاب الفكر والرأي، وهو ما بات رائجا في المجتمعات العربية المنهارة، والتي يمارس فيها القتل الرمزي والفعلي على كل صوت مختلف يطالب بالأفضل، سواء من خلال الفن أو الأدب والإبداع أو الرأي والفكر، خاصة مع انتشار تيارات الإسلام السياسي التي عادت بالشعوب العربية قرونا إلى ماضي الجهل والظلام. ومثل اغتيال الروائي العراقي علاء مشذوب تأكيدا صارخا ومؤلما على ما أسلفنا.

في أجواء ملبّدة بالترقب والحذر والمفاجأة والخوف أيضا تقاطعت الكثير من الروايات حول الكيفية التي تم بها اغتيال الراحل وأسبابها والجهة التي تقف وراء هذه الجريمة السوداء، وانشغلت مواقع التواصل العراقية والعربية شعبيا وثقافيا طيلة ليلتي السبت والأحد بهذا الخبر الجارح الذي طال قامة أدبية لها ثقلها الوطني المحلي، واختلفت القصص قليلا أو كثيرا في الكيفية التي تم بها اغتيال الراحل، لكنها قطعا لم تختلف في إدانة هذا الفعل الجبان في بلد صارت فيه الجريمة أمرا واقعا والاغتيالات التي تطول الأدباء والعلماء لا مفر من الإقرار بها.

وكرد فعل أولي أعلن اتحاد أدباء كربلاء ونقابة المعلمين وكل المنتديات الثقافية والمدنية عن وقفة احتجاج تستنكر حادثة الغدر التي أودت بحياة الروائي علاء مشذوب والقضاء على مشروعه الإبداعي وإسكات صوته المدني الناشط في المحافظة. بينما دعت دار نشر سطور إلى وقفة احتجاجية الجمعة المقبل تحت نصب الشهيد وأعلنت أنها ستستمر بإقامة حفل التوقيع في معرض بغداد الدولي للكتاب لآخر رواية أصدرتها الدار للشهيد.

تلميحات وإشارات

التلميحات التي وضعها ناشطون وأدباء في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تشير إلى “أسباب” الاغتيال لا يمكن اعتمادها كثيرا مع أن الكثير منها يتطابق مع واقع الحال الذي كان فيه الراحل عبر كتاباته الناقدة إلى المؤسسة الدينية في كربلاء سواء بالمقالات الفيسبوكية أو في رواياته الأخيرة التي تعامل مع الكثير من الأسماء الواردة فيها بواقعية مفرطة كما يبدو، وهو أمر يبقى محل شكوك، ولا يمكن أن يوجّه الاتهام إلى هذه الجهة أو تلك في وضع أمني فوضوي، لكن من الثابت أن أصابع القتل كربلائية بشكل لا لبس فيه ولا يُعرف السبب المباشر حتى الآن.

غير أن الكثيرين تساءلوا: لماذا 13 رصاصة في جسد هذا الرجل؟ ألا تكفي رصاصة واحدة أو رصاصتان أو ثلاث رصاصات؟

التفسير الرمزي المحتمل لهذا الرقم المشؤوم هو ما كتبه الراحل في صفحته الفيسبوكية على ما يبدو، حيث تناول حركة آية الله الخميني بين العراق الذي أقام فيه 13 عاما والكويت التي اعتذرت عن لجوئه، ومن ثم لجوئه إلى باريس، مما عدّه البعض، القتلة بشكل أصح، عدم احترام لقداسة الخميني حينما وصفه من دون لقب، وهذا احتمال من الاحتمالات الممكنة، لاسيما والراحل كتب الكثير عن هكذا موضوعات تمس المؤسسة الدينية بشكل من الأشكال.

رواية الاغتيال التي يمكن الارتكان لها هي ما ذكره لي السيد محمد حديد الجحيشي الذي كان برفقة الراحل يوم الاغتيال. حيث كانا معا في مبنى اتحاد الأدباء في كربلاء يستمعان إلى محاضرة الدكتور محمد العبادي عن واقع الفريق العراقي لكرة القدم وأسباب خسارته في دورة كأس أمم آسيا الأخيرة، وحتى منتصف الأمسية وبحدود الساعة الخامسة والربع عصرا غادر القاعة لوحده بعدما تم التقاط آخر الصور له مع صديقه الجحيشي، وكان وضعه النفسي طبيعيا ولا يبدو عليه القلق أو شيء من هذا. وبعد نهاية الجلسة الرياضية غادر الجميع القاعة، لكن تناهى إلى الأسماع أن الدكتور علاء تعرض إلى اغتيال وأصيب بثلاث عشرة طلقة من قبل شخصين يتنقلان على دراجة نارية في شارع ميثم التمار وهو الشارع الأكثر زحمة بشرية في مثل هذا الوقت.

ويأتي اغتيال الدكتور علاء بطريقة مشابهة لاغتيالات سابقة وقعت في كربلاء أو غيرها من المحافظات العراقية عندما يلجأ القتلة إلى جريمتهم أمام الناس وبشكل مباشر من دون أن يتوقعوا تبعات مباشرة أو غير مباشرة.

إصدارات روائية وقصصية وسينمائية

ونذكر أن الدكتور علاء مشذوب من مواليد 1968 تخرج من كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد عام 1992-1993 وهو حاصل على ماجستير فنون جميلة عام 2008- 2009 وعلى دكتوراه فنون جميلة عام 2013-2014.

وهو عضو فاعل في الكثير من الهياكل الثقافية بداية بنقابة الفنانين العراقيين، ونقابة الصحافيين العراقيين، والاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وفي جمعية السلم والتضامن.

كتب

بدأ نشاطه الصحافي والأدبي بشكل مبكر عندما كان يراسل جريدة «الراصد» عام 1987، ولم ينشط في السرديات والبحوث إلا بعد عام 2003 حيث عاد من جديد ليزاول نشاطه الثقافي والمدني، وبدأ يكتب في الصحف العراقية الجديدة «الصباح» و«الزمان» و«المدى» و«الصباح الجديد» و«الاتحاد».

أصدر الراحل عددا من الروايات والمجموعات القصصية أبرزها «ربما أعود إليك» عام 2010 و«الحنين إلى الغربة» عام 2011 و«زقاق الأرامل» عام 2012 و«خليط متجانس» عام 2013 و«لوحات متصوفة» عام 2017.. وفي الرواية بدأ مع روايته «مدن الهلاك ـ الشاهدان» عام 2014 و«فوضى الوطن» عام 2014 و «جريمة في الفيس بوك» عام 2015 و«أدم سامي ـ مور» عام 2015 و«انتهازيون … ولكن» عام 2016 و «حمام اليهودي» عام 2017 و«شيخوخة بغداد» عام 2017 وآخر رواية أصدرها هي “شارع أسود” قبل أيام عن دار نشر سطور التي كان يأمل في أن يحضر حفل التوقيع الخاص بها في معرض بغداد الدولي للكتاب.

ومن كتبه في الدراسات نذكر مؤلفاته “بحوث ودراسات في السينما والتلفزيون” 2012، و”توظيف السنوغرافيا في الدراما التلفزيونية” 2013 و”الحداثة وفن الفيلم” 2015 و”مقاربات نقدية في الصورة السينماتوغرافية 2016”  وغيرها.

14