ما هو موقع الإسلاميين في التطورات الجزائرية

الإسلاميون يقفون اليوم موقف الرقيب، لأنهم لا يتصورون أن النظام يسمح بصعود إسلامي إلى الحكم.
الخميس 2019/12/12
حركة إسلامية تعاني من ضياع البوصلة

الجزائر - في 1990، احتل الإسلاميون الشارع باعتبارهم القوة الرئيسية لمعارضة النظام، ثم فازوا بأول انتخابات بلدية بعد إقرار التعددية السياسية، وبعدها في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية، قبل أن يلغيها الجيش، ويتحول الأمر إلى مواجهات دموية عرفت بالعشرية السوداء.

اليوم، تشهد الجزائر حركة احتجاج من نوع آخر منذ 22 فبراير، لكن من الواضح أن الإسلاميين يحضرون فيها بأكبر حزبين لهم؛ حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية. فماذا يقول الكاتب احميدة العياشي، الذي كان من أوائل من كتبوا عن الحركة الإسلامية والجهادية في الجزائر، حول موقع الإسلاميين اليوم مع إجراء انتخابات رئاسية مصيرية؟

*أي دور للإسلاميين اليوم في اللعبة السياسية؟

-لا يزال دور الإسلاميين السياسي قائما على مستوى بلورة الخطاب النقدي من خلال شعارات يرفعونها، ومن خلال الوقوف ضد أئمة المساجد الموالين للسلطة والحدّ من تأثير السلفيين الذين كانت لهم بالأمس القريب مكانة متعاظمة لكنها باتت تتراجع أمام سلبيتهم من الحراك وميلهم نحو الحلول التي يقترحها النظام.

وجزء من الإسلاميين يستعد لدعم المرشح الإسلامي عبدالقادر بن قرينة في حالة فوزه، ويتطلع إلى حلف موسع يضمّ الإسلاميين وقسما من المحتجين بدينامية جديدة شبيهة بدينامية الإخوان المسلمين في مصر عندما تولى أحمد مرسي الرئاسة.

وتنتهج الأحزاب الإسلامية ذات المرجعية الإخوانية مثل حركة النهضة وحركة الإصلاح وحركة مجتمع السلم وحركة البناء الوطني التي يرأسها بن قرينة، في تعاطيها مع السلطة التكتيك نفسه الذي انتهجه إخوان مصر وإسلاميو المغرب وتونس.

لكن حركة النهضة التونسية تمكنت من تطوير خطابها من خلال رسكلة التجربة الجزائرية في التسعينات، فرئيسها راشد الغنوشي الذي عاش في نهاية سنوات 1980 وبداية التسعينات في الجزائر، راقب عن كثب التجربة الجزائرية وكان شاهدا على انتكاساتها، وهذا ما أدى به عندما أقام في بريطانيا، إلى القيام بمراجعات فكرية وجوهرية في ما يتعلق بقضايا لم يتمكن الإسلاميون الجزائريون من حسمها على الصعيد الفكري والسياسي، مثل قضية المرأة والحريات الدينية والعلاقة مع التيارات العلمانية والعلاقة المنسجمة مع الثقافة الغربية. والأهم من ذلك التعامل مع مسألة الحكم بعيدا عن النزعة الطوباوية الإسلامية المتمثلة في الشعار الفضفاض: الإسلام هو الحل.

*ما هو مكانهم داخل الاحتجاجات؟

-طبعا لم يعد الإسلاميون يمثلون القوة الشعبية التي كانوا يحظون بها في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، وذلك لأسباب عديدة منها التحول داخل المجتمع الجزائري بعد حقبة الحرب الأهلية (1992-2002) وتداعيات الربيع العربي وبروز جيل جديد لا علاقة له بصراعات التسعينات.

وبالرغم من غيابهم سياسيا كحزب في ساحات التظاهرات، إلا أنهم اندمجوا كتيار وأشخاص في دينامية حراك 22 فبراير وأثبتوا تغيّرهم وذلك بتكييف خطابهم وانفتاحهم على التيارات العلمانية التي كانوا يعادونها في السابق.

كما تخلى الإسلاميون عن شعار الدولة الإسلامية وتبنوا شعار الديمقراطية والدولة المدنية. وظهر ذلك في خطاب زعيمهم علي بلحاج (نائب رئيس حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذي حلّته السلطة) وانخراط عدد من قياداتهم المحلية في مسيرات أيام الجمعة وهم يحملون الشعارات نفسها التي يرفعها المحتجون والمتمحورة حول رحيل النظام والحرية والتعددية.

وهم أيضا يلعبون دورا في التجنيد الخفي لفئة عمرية تتمثل في الجيل البالغ عمره الأربعينات فما فوق. وتظهر مكانتهم أيضا في عدد من المدن الداخلية المحافظة. كما يجد خطابهم النقدي تجاه “عصابات” النظام صدى عند المترددين على المساجد ومعلمي المدارس.

*هل سيكون لهم تأثير محتمل في الانتخابات، وعلام يعولون بعدها؟

- يقف الإسلاميون اليوم موقف الرقيب، لأنهم لا يتصورون أن النظام يسمح بصعود إسلامي إلى الحكم، لكنهم يقدمون دعما صامتا لبن قرينة، أي عدم معاداته. وقد يخرج دعمهم إلى العلن إذا وصل بن قرينة إلى الدورة الثانية. وفي هذه الحالة، قد يلعب الإسلاميون دور القاطرة للقوى المحافظة والإسلامية المشتتة التي تعاني من مشكلة ضياع البوصلة.

6