ما الذي قد يفعله بوتين بعد ستة أعوام أخرى في السلطة

فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية جديدة لمدة ست سنوات إضافية يمنحه يدا قوية للغاية وربما غير مقيدة.
الاثنين 2024/03/18
طريق مفتوح

موسكو - يتجه فلاديمير بوتين إلى فترة ولاية أخرى مدتها ست سنوات كرئيس لروسيا، وهو ما يلفت الانتباه ويثير قلق العديد من المراقبين. ومن المؤكد أن التصويت الذي اختتم الأحد سيسمح لبوتين بالبقاء في منصبه حتى عام 2030، مما يمنحه ثلاثة عقود كاملة من قيادة روسيا إما رئيسا أو رئيسا للوزراء.

ويرى الكاتب جيم هاينتز في تقرير نشرته أسوشيتد برس أن ثقل تلك الفترة الطويلة، والقمع الشامل لأصوات المعارضة المحلية الفعّالة، يمنح بوتين يدا قوية للغاية وربما غير مقيدة. ويعزز هذا الموقف المرونة المدهشة التي يتمتع بها الاقتصاد الروسي على الرغم من العقوبات الغربية واسعة النطاق في أعقاب غزو أوكرانيا.

كما تعززت هذه القوة أيضا بفضل التقدم التدريجي الذي حققته موسكو في ساحة المعركة في الأشهر الأخيرة، وضعف الدعم للمساعدات العسكرية لكييف من الولايات المتحدة وغيرها من الجهات، والشكوك المتزايدة في بعض الدول الغربية بشأن المواقف الاجتماعية.

ويشير محللون إلى أن بوتين سوف يتجه إلى فترة ولاية جديدة مع القليل من القيود الواضحة، وقد يتجلى ذلك بسرعة في تحركات جديدة كبرى، إذ إن الانتخابات الرئاسية في روسيا ليست مهمة بقدر ما سيأتي بعد ذلك. وقال برين روزنفيلد، الأستاذ بجامعة كورنيل الذي يدرس سياسات ما بعد الشيوعية، في تعليق “لقد أرجأ بوتين في الكثير من الأحيان التحركات التي لا تحظى بشعبية إلى ما بعد الانتخابات”.

بريان مايكل جينكينز: القيادة الروسية تدرك أن الحرب ستستمر لفترة طويلة وبالتالي يجب تعبئة الموارد
بريان مايكل جينكينز: القيادة الروسية تدرك أن الحرب ستستمر لفترة طويلة وبالتالي يجب تعبئة الموارد

وربما تكون الخطوة الأقل شعبية التي يمكن أن يتخذها في الداخل هي إصدار الأمر بتعبئة عسكرية ثانية للقتال في أوكرانيا. وفي سبتمبر 2022، أثارت التعبئة احتجاجات، وفرت موجة من الروس من البلاد لتجنب استدعائهم. ورغم أن التعبئة الثانية قد لا تحظى بشعبية، إلا أنها قد تؤدي أيضًا إلى تهدئة أقارب الجنود الذين تم تجنيدهم قبل 18 شهرا. ويعتقد البعض في روسيا أن ذلك قد يحدث.

وقال بريان مايكل جينكينز، أحد كبار المستشارين في مؤسسة راند البحثية، "يتحدث القادة الروس الآن عن توحيد المجتمع الروسي بأكمله حول احتياجاته الدفاعية". وأضاف “القيادة الروسية تدرك أن الحرب التي يصفها بوتين ستستمر لفترة طويلة، وبالتالي يجب تعبئة الموارد.. وبعبارة أخرى، يجب أن يكون المجتمع الروسي منظمًا للحرب الدائمة".

لكن تاتيانا ستانوفايا، وهي زميلة بارزة في مركز كارنيغي روسيا أوراسيا، تقول إن بوتين لا يحتاج إلى التعبئة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن العديد من الروس من المناطق الفقيرة قد اشتركوا في القتال من أجل الحصول على أجور أعلى مما يمكنهم كسبه في فرصهم المحدودة في العمل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن "ثقة بوتين الواضحة في أن الحرب تتحول لصالح روسيا من المرجح أن تجعله يواصل الإصرار على أن الطريقة الوحيدة لإنهاء الصراع هي أن تجلس أوكرانيا على طاولة المفاوضات وهذا يعني في الواقع الاستسلام”.

ورغم تراجع الدعم لأوكرانيا في الولايات المتحدة، قال كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية البولندي راديك سيكورسكي مؤخرا إن إرسال قوات لدعم كييف هو على الأقل احتمال افتراضي. ومع وضع هذه التصريحات في الاعتبار، فقد يكون لدى بوتين الدافع لاختبار عزيمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وتفترض ألكسندرا فاكرو، المديرة التنفيذية لمركز ديفيس للدراسات الروسية والأوراسية في جامعة هارفارد، أن روسيا ستحاول في غضون عدة سنوات تقييم التزام الناتو بالمادة الخامسة، وهي ضمانة الدفاع المشترك للحلف والتي بموجبها يعتبر الهجوم على أحد الأعضاء هجوما على الجميع.

وأضافت فاكرو “لا أعتقد أن بوتين يعتقد أنه بحاجة إلى أن يكون أقوى عسكريًا من جميع الدول الأخرى. إنه يحتاج فقط إلى أن يكونوا أضعف وأكثر انكسارًا. لذا فإن السؤال المطروح عليه هو: بدلا من القلق كثيرا بشأن جعل نفسي أقوى، كيف يمكنني أن أجعل الجميع أضعف؟”.

تاتيانا ستانوفايا: بوتين لا يحتاج إلى التعبئة، وذلك لحاجة العديد من الروس المشاركين في القتال لأجور أعلى
تاتيانا ستانوفايا: بوتين لا يحتاج إلى التعبئة، وذلك لحاجة العديد من الروس المشاركين في القتال لأجور أعلى

وتابعت “لذا، من أجل القيام بذلك، يبدو الأمر كما لو أنه يتعين عليك العثور على موقف يمكنك من خلاله اختبار المادة 5″، وإذا كان الرد معتدلا أو غير مؤكد، “فإنك قد أظهرت أن الناتو مجرد نمر من ورق". وقالت إن روسيا يمكن أن تجري مثل هذا الاختبار دون عمل عسكري علني، وأضافت "يمكنك أن تتخيل أن أحد الأسئلة الكبيرة هو ما هو نوع الهجوم السيبراني الذي يشكل تهديدا بالهجوم؟".

وعلى الرغم من أنها ليست عضوا في الناتو، إلا أن مولدوفا تشعر بقلق متزايد من أن تصبح هدفا روسيا. ومنذ غزو أوكرانيا، واجهت مولدوفا المجاورة أزمات أثارت المخاوف في عاصمتها تشيسيناو من أن تكون البلاد أيضًا في مرمى الكرملين. وقد ناشد المؤتمر المنعقد في منطقة ترانسنيستريا الانفصالية في مولدوفا توفير "الحماية" الدبلوماسية بسبب الضغوط المتزايدة.

وقالت كريستين كانتير، أستاذة العلاقات الدولية المولدوفية في جامعة أوكلاند، إن هذا النداء من المحتمل أن يترك “مجالا كبيرا للتصعيد". وأضافت كانتير "أعتقد أن من المفيد النظر إلى المؤتمر والقرار باعتبارهما بمثابة تحذير لمولدوفا من أن روسيا قد تشارك بشكل أكبر في ترانسنيستريا إذا لم تقدم تشيسيناو تنازلات".

وعلى الجبهة الداخلية الروسية، من الممكن أن تأتي المزيد من التدابير القمعية في فترة ولاية بوتين الجديدة، حتى برغم إخضاع أنصار المعارضة ووسائل الإعلام المستقلة أو إسكاتهم بالفعل. ورجحت ستانوفايا أن بوتين نفسه لا يقود الإجراءات القمعية، لكنه يوافق على مثل هذه الإجراءات التي ابتكرها الآخرون على أمل أن هذا هو ما يريده زعيم الكرملين.

وقالت “يحاول العديد من اللاعبين البقاء والتأقلم، ويتنافسون ضد بعضهم البعض وغالباً ما تكون لديهم اهتمامات متناقضة وهم يحاولون معًا بالتوازي تأمين أولوياتهم واستقرار النظام". وحظرت روسيا العام الماضي "حركة" LGBTQ+ الافتراضية بإعلانها أنها متطرفة فيما قال المسؤولون إنه صراع من أجل القيم التقليدية مثل تلك التي تتبناها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في مواجهة النفوذ الغربي. كما حظرت المحاكم التحول بين الجنسين.

وقال بن نوبل، الأستاذ المشارك في السياسة الروسية في جامعة كوليدج لندن، إنه يعتقد أن مجتمع LGBTQ+ قد يواجه المزيد من القمع في ولاية بوتين الجديدة. وأضاف أن في نظر الكرملين "يمكن اعتبارها مستوردة من الغرب المنحل".

7