مالك أم روحك؟ العالم يراقب تجربة التعايش البريطاني مع كوفيد

التهديد لم يتضاءل بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة.
السبت 2022/03/05
رفع القيود المفروضة بسبب الوباء تجربة مثالية للبعض

يمثل اختيار التعايش مع كوفيد بدلا من محاربته خطوة مهمة نحو عودة الحياة الطبيعية في بريطانيا، لكن سياسة “العيش مع الفايروس” التي رفعت بموجبها بريطانيا معظم القيود المفروضة بسبب الوباء لم تكن اختيارا صائبا بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة والذين مازالوا تحت تهديد الفايروس. وقد اختار أغلبهم أن يمكثوا بمنازلهم ويبحثوا عن عمل يناسب وضعياتهم الصحية.

لندن – تمتع معظم البريطانيين بفرصة العودة إلى الحياة التي عهدوها ما قبل انتشار الوباء، في حين لا تزال أليكس المدرّسة المساعدة والتي خضعت لزراعة كلية، عالقة في منزلها. وفي كل ليلة، يخلع زوجها ملابسه ويلقي بها في الغسالة لتقليل مخاطر إعادة الفايروس إلى المنزل، وهو تهديد لم يتضاءل بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة مثلها والذين توفر لهم اللقاحات حماية أقل. وتتواصل إجازة أليكس المرضية مع تأثير الوباء على صحتها العقلية. وفي الوقت الذي ترفع فيه بريطانيا معظم القيود المفروضة بسبب كوفيد – 19 بموجب سياسة “العيش مع الفايروس”، فإنها لا ترى أي سبيل للعودة إلى نمط حياتها العادي أو حتى اتباع نمط قريب منه.

وقالت أليكس، التي تبلغ من العمر 40 سنة، والتي تعيش في منطقة ساسكس الساحلية الجنوبية، بعد أن طلبت عدم الكشف عن اسمها الحقيقي بسبب التأثير المحتمل على وظيفتها “أشعر بأنني مهجورة. لا يمكنني في الواقع أن أرى أين سأتمكن من الحصول على عمل مربح مرة أخرى. ويعدّ الأمر صعبا لأنه من الواضح أننا نحاول التوفيق بين البقاء على قيد الحياة ومحاولة الحد من تأثير ذلك ماليا”.

وتعد بلادها من بين عدد من الدول الأوروبية التي أسقطت القيود الوبائية أو خففتها في أعقاب إطلاق اللقاحات الجماعية، الأمر الذي أثار قلق بعض خبراء الصحة. وألغى رئيس الوزراء بوريس جونسون جميع القيود القانونية المفروضة على احتواء الفايروس، مع الإبقاء على العزلة الذاتية بعد أن تراجعت النتائج الإيجابية في الرابع والعشرين من فبراير.

أرباب العمل في حاجة إلى المزيد من الوضوح حول كيفية التعامل مع نقاط مثل الراتب المرضي ومسؤولية صاحب العمل

لكن البريطانيين المعرضين للخطر لأسباب طبية يبقون قلقين أكثر بشأن المزيد من التغييرات القادمة في أبريل، عندما تلغى توصية العزلة رسميا، وعندما تنهي البلاد الاختبارات الجماعية المجانية. ويمكن لأسكتلندا والمناطق الأخرى وضع سياساتها الخاصة بشأن الوباء، لكن جميعها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسفر والتجارة.

وقال جونسون إن أشهرا من القيود لمواجهة الفايروس قوضت الحريات الشخصية وسببت خسائر فادحة على مستوى الاقتصاد والمجتمع والصحة العقلية، ولكن بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية، فإن تخفيف هذه القواعد وإنهاء الاختبارات الجماعية سيحد الآن من خياراتهم ويصعب عليهم كسب قوتهم.

وقالت ليندا توماس الرئيسة التنفيذية في مؤسسة ماكميلان الخيرية لدعم مرضى السرطان “لا تذهب هذه الخطة الجديدة بعيدا بما يكفي لحماية الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالفايروس”. وحدّد حوالي 3.7 مليون شخص على أنهم “معرضون بشدة سريريا” لكوفيد – 19 في إنجلترا وحدها. ويقول آخرون، مثل المغنية الشعبية الأسكتلندية أيونا فايف، إنهم لم يُحتسَبوا رسميا، على الرغم من تعرضهم لخطر كبير. وقد شخّصت حالة فايف، البالغة من العمر 24 سنة، قبل ثلاث سنوات بأنها المرض العضلي التليفي (الفيبروميالغيا)، وهي حالة ألم مزمن غير مفهومة بشكل جيد ومرتبطة بالإرهاق يقول بعض الباحثين إنها قد تكون مرتبطة بالمناعة. وقالت لمؤسسة تومسون رويترز في مكالمة هاتفية “أنا بحاجة لبدء حياتي المهنية مرة أخرى. إنه لأمر مرهق حقا لأنني أريد العودة إلى العمل، لكنني لا أريد أن أمرض أو أن يمرض الأشخاص الذين يأتون لزيارتي”.

لذا تأمل فايف فقط أن يبتعد محبّوها المرضى، بعد اتخاذ قرار بعدم طلب إثبات التطعيم أو إجراء اختبار سلبي في حفلة ما بعد الجائحة بينما “لم تكن متأكدة من كيفية حدوث ذلك”.

ويواجه المدراء أسئلة صعبة أثناء ممارستهم مسؤولياتهم تجاه العمال أيضا. وقالت لوسي لويس الشريكة في مكتب المحاماة لويس سيلكين المتخصص في التوظيف “أرباب العمل مطالبون برعاية الموظفين صحّيا، بمن فيهم المعرضون للخطر، لذلك، فإن ما يجب على كل صاحب عمل أن يفكر فيه بفاعلية هو كيفية أداء هذا الواجب”.

Thumbnail

لكن السؤال الأهم الذي يطرحه أصحاب المؤسسات على أنفسهم هو “هل يجب أن ندفع مقابل اختبار جماعي لعمالنا بمجرد انتهاء البرنامج المجاني؟”.

وقال ماثيو فيل كبير مديري السياسات في مجموعة الأعمال التابعة لاتحاد الصناعة البريطانية، في بيان مكتوب، إن اختيار التعايش مع كوفيد بدلا من محاربته يمثل “خطوة مهمة نحو عودة الحياة الطبيعية”، لكنه حدد أن الشركات تدعم تمديد برنامج الاختبار المجاني، وأن أرباب العمل بحاجة إلى المزيد من الوضوح حول كيفية التعامل مع نقاط مثل الراتب المرضي ومسؤولية صاحب العمل.

ودعا مؤتمر النقابات العمالية إلى رفع أجور المرض القانونية ووضع حد للقواعد التي تحظر مطالبات الأيام الثلاثة الأولى من الإجازة المرضية لضمان عدم إجبار العمال ذوي الأجور المنخفضة على الحضور إلى العمل أثناء المرض.

وقال عظيم مجيد أستاذ الرعاية الأولية والصحة العامة في كلية لندن الإمبراطورية، إن الكثيرين سيعتمدون على كيفية تفسير الإرشادات نظرا لأن الشركات ستكتب الآن قواعدها الخاصة. وقد قدر بالفعل أن أكثر من نصف الحالات الإيجابية لا تُشخّص مع استمرار اختلاط المصابين. وقال “إذا كان الناس واعين ويعزلون أنفسهم إذا ثبتت إصابتهم أو ظهرت عليهم أعراض، فسيحد هذا من الآثار على الأشخاص المعرضين للخطر”.

ولا يتأثر المعرضون للخطر فقط بل شركاؤهم وأطفالهم أيضا. ويجب على أي ساكن في منزل شخص معرض للخطر أن يوازن بين مخاطر إعادة الفايروس إلى المنزل أو فقدان مصدر رزقه. وقالت جولي، وهي ربة منزل في إسيكس طلبت عدم الكشف عن اسمها الحقيقي، إن مستقبل أسرتها بأكملها معرض للخطر. ويعمل زوجها في قطاع التمويل ويعاني من مرض القلب الذي أضعف مناعته وجعله عرضة للإصابة بالفايروس. وقالت جولي، التي أكدت أن زوجها كان يعمل إلى حد كبير من المنزل ولكن لا يزال يتعين عليه الذهاب لبعض الاجتماعات “إنه المعيل الوحيد لعائلتنا، لذلك عليه أن يذهب إلى العمل. إنه قصر نظر للغاية، لأنه إذا حدث له شيء، فنحن ثلاثة معالين. وليس هذا فقط، سنكون ثلاث أرواح مدمرة. إن أطفالي في حاجة إلى أبيهم وأنا في حاجة إلى زوجي”.

وبينما يختار البعض تحمل مخاطر محسوبة ويأملون في الأفضل، يقول آخرون إن التغيير في السياسة قد قلب حياتهم بشكل دائم بالفعل. وقالت أليكس، التي كانت تتدرب لتصبح معلمة بدوام كامل، إنه سيتعين عليها الآن التخلي عن هذا المسار والبحث عن عمل يمكن لها أداؤه عن بُعد أو بمفردها. وقالت “سيكون معظم العمل غير آمن، وسيكون ما يمكنني فعله محدودا للغاية”.

Thumbnail
17