ماكرون خلال تنصيبه رئيسا لولاية ثانية: التحرك لفرنسا أكثر استقلالا

باريس - نُصّب إيمانويل ماكرون السبت رئيسا لفرنسا لولاية جديدة خلال مراسم بسيطة لكنها زاخرة بالدلالات الرمزية في قصر الإليزيه، شدّد خلالها على ضرورة التحرك دونما هوادة لتكون فرنسا "أكثر استقلالا"، واعدا بأن يقود البلاد بنهج جديد عبر التخطيط والإصلاح وإشراك المواطنين.
وماكرون أول رئيس يفوز بولايتين متتاليتين منذ عقدين، لكنه لم يعلن بعد عن الشخصية التي سيسند إليها منصب رئيس الوزراء في ولايته الجديدة.
وجاء التنصيب بعد تأكيد رئيس المجلس الدستوري لوران فابيوس فوز ماكرون (44 عاما) في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، والذي جرى في الرابع والعشرين من أبريل الماضي، والذي تغلب فيه ماكرون على منافسته مرشحة أقصى اليمين مارين لوبان بحصوله على 58.55 في المئة من الأصوات.
وأكد ماكرون في مستهلّ خطابه أمام نحو 450 شخصية مدعوة "أنا مدرك لخطورة الفترة"، في إشارة منه إلى الحرب في أوكرانيا، داعيا إلى "التحرك دونما هوادة" لتكون فرنسا "أكثر استقلالا" لمواجهة تحديات القرن، ولأن يكون جيشها قويا وقادرا على مواجهة الإرهاب.
وكان من بين الحضور الرئيسان السابقان نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، إضافة إلى أفراد عائلة ماكرون من بينهم زوجته بريجيت وأصدقاؤه وأعضاء الحكومة ورئيس الوزراء جان كاستكس، فضلا عن كبار المسؤولين في مجلسي البرلمان وممثلين عن الجامعات والنقابات والأديان وغيرهم.
وشدد ماكرون على الحاجة إلى الابتكار في وقت تواجه فيه فرنسا وأوروبا تحديات غير مسبوقة على حدّ قوله، وأضاف ماكرون أن ولايته الثانية ستكون جديدة، وليست استمرارا لولايته الأولى.
وعد ماكرون بأن يقود البلاد بـ"نهج جديد" عبر "التخطيط والإصلاح وإشراك" الفرنسيين، وقطع وعدا للشباب بأن "يورثهم كوكبا قابلا للعيش أكثر وفرنسا أكثر حيوية وأقوى".
ورحّب بالمدعوّين ومن بينهم مقدمو رعاية صحية ومسؤولون محليون منتخبون ومسؤولو جمعيات ورياضيون وشباب يجسدون الأولويات التي سيعمل عليها في ولايته الجديدة.
وحدد في كلمته الاتجاهات الرئيسية لولايته الثانية قبل أن ينتقل إلى الحديقة ليستعرض ثلة من القوات المسلحة على وقع النشيد الوطني الفرنسي. وتطلق 21 طلقة مدفع من ساحة ليز أنفاليد.
إلا أن الولاية الرئاسية الجديدة تبدأ رسميا في الرابع عشر من مايو. ويأتي تعيين رئيس وزراء جديد بعد هذا التاريخ في حين أن الانتخابات التشريعية تُجرى بعد شهر من ذلك.
وتغذي صعوبات ماكرون المحتملة في إيجاد الشخصية المناسبة لقيادة الحكومة، التكهنات. إذ يبدو أن فيرونيك بيداغ مديرة مكتب رئيس الوزراء السابق إيمانويل فالس، والمديرة العامة لمجموعة "نكسيتي" العقارية راهنا رفضت العرض، فضلا عن النائب الاشتراكية فاليري رابو التي قالت إنه تم الاتصال بها لكنها رفضت لكي لا تضطر إلى رفع سن التقاعد إلى 65 عاما.
في المقابل يؤكد قصر الإليزيه أن "الرئيس لم يقترح منصب رئيس الوزراء على أي شخص".
وتوقع المؤرخ الفرنسي جان غاريغ سلسلة من الصعوبات أمام ماكرون على هذا الصعيد. وذكر خصوصا "المشهد السياسي المشرذم" الذي يواجهه "من دون أي ثقافة حزبية" داخل حركته التي باتت تعرف باسم "حزب النهضة" و"طبيعة تموضعه السياسي في اليمين واليسار في آن".
إلا أن المؤرخ الذي يحضر كتابا حول علاقة الرؤساء الفرنسيين برؤساء الحكومات، يشدد على "الطابع المنفر" لهذا المنصب منذ حوالي عشر سنوات ولاسيما لشخصيات من شأنها أن تجسد التجدد السياسي.
وختم قائلا "لا يمكن استحداث حزب يسمى النهضة وتعيين شخصيات قديمة في رئاسة الحكومة".
ويشارك ماكرون الأحد في مراسم ذكرى انتصار الحلفاء على ألمانيا النازية في الثامن من مايو 1945. وينتقل الاثنين إلى ستراسبورغ بمناسبة يوم أوروبا ليلقي خطابا في البرلمان الأوروبي، قبل أن يتوجه إلى برلين للقاء المستشار الألماني أولاف شولتس في أول زيارة له إلى الخارج منذ إعادة انتخابه.