"ماريا شرودر" تُدخل سياحة المراكب الغارقة إلى مصر

سياحة الهياكل الغارقة لها الكثير من المحبين والذين يتمتعون بروح المغامرة، حيث يقصدون المراكب الغارقة حول العالم، في محاولة لاكتشاف أسرارها ومشاهدة الشعاب المرجانية التي تنسج بيوتها حول الهياكل العملاقة التي اختارت أن ترقد في باطن البحار للأبد.
شرم الشيخ (مصر) – إذا كان الزوار من هواة السياحة الشاطئية واستكشاف الشعاب المرجانية والغوص الترفيهي أو الاحترافي أو الحر، فمنطقة “الغرقانة” الواقعة قبالة جزيرة تيران على شاطئ البحر الأحمر في الجانب المصري توفر تلك المتعة.
وتعد المنطقة الواقعة في نطاق محمية نبق على بعد 30 كلم من شرم الشيخ في جنوب سيناء، قبلة لعشاق البحر، وكذلك السفاري، فهي تعج بخيرات الطبيعة.
ويقول وليد الحسيني، منظم رحلات، إن سياحة الهياكل الغارقة تشهد رواجا كبيرا، وباتت مقصدا لعشاق هذا النوع الذي بدأ يطرح نفسه على الساحة بقوة.
وأوضح في حديثه لـ”العرب” أن بعض الدول بدأت في صناعة هياكل عملاقة وتغرقها في البحر، وخلال عقد ستكون الشعاب المرجانية قد نسجت بيوتا عليها، فتصبح مزارا مميزا.
وسميت المنطقة بـ”الغرقانة” بسبب غرق سفينة تجارية ألمانية، كانت تحمل أسم “ماريا شرودر”، بعد أن اصطدمت بالشعاب المرجانية المتحجرة في هذه المنطقة عام 1956.
وتولد دائما من باطن الكوارث والأزمات فرص، حيث تسبب هذا الحادث في رواج سياحي كبير للمنطقة، ويقصدها نحو 3 ملايين سائح سنويا لممارسة رياضة الغوص ومشاهدة الشعاب المرجانية حول السفينة، التي يرقد نصفها في أعماق البحر منذ 62 عاما على مسافة 24 مترا، وبقي النصف الآخر شاهدا على الحادث فوق سطح البحر.
لقد تم بناء ماريا شرودر سنة 1920 وكان بيعها في أغسطس 1950 إلى ريتشارد شرودر في هامبورغ بألمانيا، وفي أثناء رحلتها من خليج العقبة إلى ألمانيا غرقت في غابات منطقة نبق، وانقسمت إلى نصفين.
وتحتفظ السفينة بكل ما فيها من الأدوات التي كان يستعملها البحارة، مما جعلها قبلة للمغامرين، لاستطلاع تلك الكنوز التي كستها الشعاب المرجانية بأشكالها المتنوعة وألوانها البديعة وكأنها لوحة فنيه اختيرت ألوانها بعناية شديدة، ويفضل السياح الروس والألمان والإيطاليون تلك المنطقة إلى درجة أنهم يقصدونها مباشرة ويقيمون بها.
وتتمثل أهمية نبق في احتوائها على مناظر متنوعة في مكان واحد، فبيئتها تتميز بتنوع فريد يجمع بين البيئة الجبلية والبيئة الصحراوية بكثبانها الرملية عند وادي “كيد” وبها تجمع مهم من الحيوانات والطيور.
وأدّى تنوع طبيعة المنطقة إلى أن تكون في الصدارة كمقصد سياحي لمحبي المتعة نهارا والاستجمام ليلا، وأنظمتها البيئية متنوعة بين الشعاب المرجانية، والكائنات البحرية والبرية والغابات البحرية الموجودة بكثافة كبيرة.
"الغرقانة" سميت بهذا الاسم بسبب غرق سفينة "ماريا شرودر" التجارية الألمانية في 1956، إثر اصطدامها بالشعاب المرجانية المتحجرة في المنطقة
كما تتمتع بالبيئية الصحراوية، من جبال ووديان تضم الغزلان والوعول والضباع والزواحف والثعالب إلى جانب أنواع من القوارض، كما توجد بها الكثير من الطيور المقيمة والمهاجرة وأشهرها طيور العقاب النسارية والخواضات والبلشون.
وتضم المحمية ضمن كنوزها نظاما نباتيا فريدا من نوعه ويشمل نحو 134 نوعا، منها 86 نوعا اندثرت تماما في الأماكن الأخرى من العالم، وتجري دراسات تنموية لما بقي منها في نبق.
ومن أشهر نباتات محمية نبق، المانغروف المعروف باسم نبات الشوري، وتعد المنطقة آخر منطقة امتداد استوائي لنمو هذا النبات وتجمعاته في المحيط الهندي والبحر الأحمر.
وتعيش أشجار المانغروف في المياه المالحة أو القليلة الملوحة، خاصة عند مصبات السيول في البحر، ويمكنها استخلاص المياه العذبة والتخلص من الملح من خلال أوراقها التي ترسب في أسفلها طبقة منه.
وتفيد أشجار المانغروف في تثبيت الخطوط الساحلية وتساعد على استبقاء الرواسب، وتعتبر غابات المانغروف مناطق هامة لتوالد الأسماك واللافقاريات ومستوطنات لأنواع عديدة من الطيور المهاجرة والمقيمة، ويبلغ أقصى ارتفاع لشجرة المانغروف نحو 5 أمتار.
ويفضل السياح هذا النوع من المغامرات بعد أن أصبحوا يضجرون من الإقامة في الفنادق، ويرغبون في العيش بالمحميات الطبيعية، وهو ما يحتاج إلى تدشين مخيمات خاصة تحافظ على خصائص المحميات الطبيعية، في ظل تفضيل هذه الفئات الحياة الخاصة بين البحر والسماء والجبال.
وقال أحمد الشيخ، الخبير السياحي ورئيس شركة “غوست شرم”، لـ”العرب”، إن “محمية نبق باتت تحتاج إلى تطوير كبير، في الطرق المؤدية إليها، لأنها تعرقل دخول وخروج الزوار والسائحين، بالإضافة إلى سفينة ماريا شرودر”.
وأشار إلى أن هذه المحمية من المنتجعات الصحية والبيئية من الطراز الأول عالميا، لكن الحكومة أهملتها خلال الأعوام الأربعة الماضية، رغم أنها تعدّ نوعا رائجا في مجال سياحة المخيمات والسفاري.
ومن الممكن أن تجني عوائد مادية من عمليات تطوير المحمية، وتصل رسوم دخول المحمية في المتوسط يوميا إلى ما لا يقل عن ألفي دولار، وتمثل الرسوم الدخول فقط، فالمحمية في الغالب يزورها ألف سائح يوميا.
ويصل رسم الدخول إلى دولارين، بخلاف رسوم إقامة الليلة لمن يرغب في الإقامة بالمحمية، وتتراوح بين 70 إلى 100 دولار.
ووافق مشروع التعاون الإيطالي التابع للسفارة الإيطالية لدى مصر على تطوير محمية نبق بجنوب سيناء، من خلال تقديم منحة تقدر بنحو 500 ألف يورو.
ويهتم المشروع أيضا بتطوير محميات وادي الريان بالفيوم، ووادي الجمال بالبحر الأحمر، لتوفير أفضل السبل لجذب السياحة البيئية، وزيادة الإقبال عليها، وتطوير الحرف التقليدية لسكان المنطقة.
ويعتقد باسم حلقة، نقيب السياحيين المصريين، إن على وزارات السياحة والبيئة والصحة اعتماد خطة لتطوير المحميات، ووضعها في الإطار الصحيح للسياحة البيئية العلاجية، فهذه الأنماط تمثل اهتماما بالغا في الأسواق المنافسة.