ماذا لو تسلل السلاح الفرنسي للبنان إلى أيدي حزب الله

تسليح فرنسا للبنان لن يفعل شيئا لمنع الحرب فحسب، بل سيساعد حزب الله بشكل كبير في حالة اندلاع الحرب.
الاثنين 2023/11/27
فرنسا لا زالت تتجاهل وجهة أسلحتها

واشنطن - يرى محللون أن تزويد فرنسا للجيش اللبناني بالأسلحة يؤجج نيران الصراع في الشرق الأوسط، معتبرين أن مبيعات الأسلحة الفرنسية إلى لبنان شحنات غير مباشرة لحزب الله. وقال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو هذا الشهر إنه من "الحيوي" تعزيز الجيش اللبناني مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله.

ويقول جوزيف إبستين، وهو زميل تشريعي في مؤسسة الحقيقة في الشرق الأوسط، في تقرير على “ناشيونال أنتريست” إن هناك خطرا كبيرا من أن تصل أيّ معدات عسكرية يتم تزويد الجيش اللبناني بها إلى جماعة حزب الله أو راعيتها إيران. ويشير إبستين أن فرنسا تجاهل هذا الخطر على الرغم من الهجمات الصاروخية شبه المستمرة لحزب الله على شمال إسرائيل وخطر اندلاع الحرب.

وأصبحت المناوشات على الحدود الشمالية لإسرائيل أمراً شائعاً منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل، ما دفع حزب الله للتهديد بتوسيع نطاق الصراع. وفي 6 نوفمبر الجاري، قال زعيم حزب الله حسن نصرالله إن المجموعة مستعدة لجميع الخيارات و”سوف تلجأ إليها في أيّ وقت”. وبعد يومين، حشد حزب الله 1500 من قواته من سوريا إلى لبنان.

◙ من "الحيوي" تعزيز الجيش اللبناني مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله
◙ من "الحيوي" تعزيز الجيش اللبناني مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله

لكن خطر تسليح لبنان ليس جديدا. ففي عام 2016 قدمت الحكومة الإسرائيلية أدلة على أن حزب الله كان يستخدم ناقلات الجنود المدرعة التي زوّدتها بها الولايات المتحدة للجيش اللبناني. وفي يوليو، أفاد مركز “ALMA” للأبحاث والتعليم أن الأسلحة والمعدات العسكرية المقدمة للجيش اللبناني من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا ودول أوروبية أخرى قد تسربت إلى أيدي حزب الله.

ومن خلال تزويد الجيش اللبناني بناقلات الجنود المدرعة، تزود باريس حزب الله بالمعدات العسكرية التي يمكن أن تستخدمها الجماعة المسلحة ضد إسرائيل إذا قرر حزب الله مهاجمتها. وليست هذه هي المرة الأولى التي تنخرط فيها فرنسا في صفقات أسلحة مشكوك فيها مع حلفاء مقربين لطهران.

وفي وقت سابق من هذا العام، باعت فرنسا حاملات مدرعة لأرمينيا على الرغم من المخاوف الإسرائيلية من إمكانية وصولها إلى إيران أو روسيا، نظرا لعلاقات يريفان الوثيقة مع كلا البلدين. لكن فرنسا تجاهلت هذه المخاطر للتنافس على النفوذ مع منافستها الإقليمية تركيا، الحليف الوثيق لعدوّ أرمينيا أذربيجان.

وفي الشهر الماضي، ضاعفت فرنسا التزاماتها في جنوب القوقاز، حيث زودت أرمينيا بثلاثة أنظمة رادار من طراز "Thales Ground Master 200" ووعدت بشحنات مستقبلية من صواريخ ميسترال المضادة للطائرات. ولم تغيّر اتفاقية الدفاع الجوي المشتركة بين روسيا وأرمينيا، والتي تتيح لموسكو الوصول إلى هذه المعدات العسكرية، حسابات فرنسا.

وكان تشجيع روسيا وإيران، اللتين تشنان حرباً هجينة ضد الحلفاء الغربيين، هو الثمن الذي كانت فرنسا على استعداد لدفعه مقابل نفوذ أكبر في جنوب القوقاز. وتكرر فرنسا ذلك في لبنان ، إذ تريد باريس الحفاظ على نفوذها في الدولة المتوسطية التي تعاني من أزمة متعددة الأوجه. وكان لبنان في السابق تحت الانتداب الفرنسي الذي منحته عصبة الأمم، ولا تزال الحكومة اللبنانية الفاسدة وغير الكفؤة تتمتع بعلاقات سياسية وثقافية وثيقة مع صاحب السيادة السابق.

◙ عبر تزويد الجيش اللبناني بناقلات الجنود المدرعة تزود باريس حزب الله بالمعدات العسكرية التي يمكن أن تستخدمها الجماعة المسلحة ضد إسرائيل إذا قرر حزب الله مهاجمتها

ويتحدث العديد من اللبنانيين اللغة الفرنسية بطلاقة. فبالإضافة إلى ذلك، يشكل حوالي 700 جندي فرنسي قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، وهي مهمة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في جنوب البلاد. ومنذ إنشائها عام 1978، لم تحافظ اليونيفيل على قدر كبير من السلام. وكان جزء من تفويضها هو إنشاء منطقة في جنوب لبنان خالية من أي مجموعات ميليشياوية وتحت سيطرة الجيش اللبناني بالكامل.

وبما أن عدم الفعالية أمر بديهي بالنسبة إلى منظمات الأمم المتحدة، فإن هيئة الأمم المتحدة تجدد ولاية اليونيفيل سنويا. وكثيرا ما يقوم حزب الله بمضايقة قوافل اليونيفيل ويسرق أسلحتها ومعداتها. وقال ليكورنو إن شحنة ناقلات الجنود المدرعة كانت حيوية للجيش اللبناني حتى يتمكن من التنسيق بشكل أفضل مع اليونيفيل. لكن الحجة القائلة بأن تقوية الجيش اللبناني لجعله قادرا على المنافسة ضد حزب الله هي في أفضل الأحوال مجرد تفكير بالتمني.

ويرى إبستين أنه لن تكون المعدات العسكرية مفيدة في مواجهة حزب الله إلا إذا امتلك الجيش اللبناني الشجاعة أو القوة لمواجهة الجماعة المسلحة الأقوى بكثير. ويضيف أن باريس تعلم بهذه المشاكل ولكنها قد تعطي الأولوية للعلاقات مع ولايتها السابقة فوق كل الاعتبارات الأخرى. ويؤكد أن المغامرة الفرنسية والرغبة في الحفاظ على اتصالاتها في لبنان تضع مصالح باريس باستمرار فوق مصالح الغرب مرة أخرى. وكما هو الحال في جنوب القوقاز، وجدت فرنسا نفسها إلى جانب إيران وروسيا، وكلاهما يقدمان الدعم لحزب الله.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية في غزة ضد حماس، حذرت فرنسا حزب الله وإيران من البقاء خارج الصراع لمنعه من أن يصبح إقليميا. وفي 2 نوفمبر قال ليكورنو “لبنان لا يحتاج إلى الحرب”. ومع ذلك، فإن تسليح فرنسا لبيروت لن يفعل شيئاً لمنع الحرب فحسب، بل سيساعد حزب الله بشكل كبير في حالة اندلاع الحرب.

◙ حرب متواصلة

 

6