مؤتمر كردي يضع أساسات لمقاربة تشاركية بشأن مستقبل سوريا

الأحزاب الكردية تبنت رؤية لبناء دولة "ديمقراطية لامركزية" في سوريا تضمن حقوق الأكراد ومشاركة المرأة سياسيا وعسكريا.
الأحد 2025/04/27
البحث عن دور فعال

القامشلي (سوريا) - عقدت مختلف الأحزاب الكردية مؤتمرا السبت في شمال شرق سوريا، من أجل تقديم رؤية موحدة لكيفية بناء “سوريا المستقبل” بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق بشار الأسد، ودور المكون الكردي في هذه المقاربة التشاركية.

وقال ألدار خليل، عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أبرز الأحزاب الكردية، إثر انطلاق أعمال المؤتمر في مدينة القامشلي، إن المجتمعين سيناقشون “كيفية بناء وإنشاء سوريا المستقبل، خصوصا أن الكُرد مكون رئيسي ولهم الحق في أن يلعبوا دورا أساسيا” في ذلك. وأضاف “لذلك، لا بد أن يطرح الكُرد ورقة حل ومشروعا كمقترح لمستقبل سوريا،” موضحا ردا على سؤال، أنّ الصيغة الفيدرالية “من ضمن المقترحات المطروحة على الطاولة.”

ويشارك وفق وكالة أنباء هاوار الكردية، أكثر من 400 شخصية بينهم ممثلو أحزاب وقوى كردية سورية وتركية ومن إقليم كردستان العراق في المؤتمر الذي يعقد بعنوان “وحدة الموقف والصف الكردي”. ويُعد المؤتمر أول اجتماع رسمي بين تحالفي الوحدة الوطنية الكردية، الذي يضم 25 حزبا على رأسها حزب الاتحاد الديمقراطي، والمجلس الوطني الكردي، منذ أكثر من عشر سنوات.

ألدار خليل: المجتمعون سيناقشون كيفية بناء وإنشاء سوريا المستقبل
ألدار خليل: المجتمعون سيناقشون كيفية بناء وإنشاء سوريا المستقبل

وساد التوتر العلاقة بين التكتلين على مدى السنوات الماضية، وقد حاولت قيادة إقليم كردستان العراق وأيضا الولايات المتحدة تذليل الخلافات بين الطرفين، لكن الجهود كانت تصطدم في كل مرة بتشدد من تحالف الوحدة الوطنية، الذي كان يتصرف بقدر كبير من التعالي لكونه من يسيطر على سلطة القرار داخل الإدارة الذاتية.

ومنذ وصول السلطة الجديدة إلى دمشق في الثامن من ديسمبر، أبدى الأكراد انفتاحا، معتبرين أن التغيير “فرصة لبناء سوريا جديدة.. تضمن حقوق جميع السوريين،” بمن فيهم المكون الكردي الذي عانى من التهميش على مدى عقود.

وأبدت السلطات الجديدة من جهتها رفضها لأيّ محاولات تقسيم أو انفصال، في إشارة ضمنية إلى طموحات الأكراد بتكريس الحكم الذاتي الذي بنوه بعد اندلاع النزاع عام 2011. ووقّع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي اتفاقا في 11 مارس، قضى “بدمج” كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية.

وفي كلمة خلال افتتاح المؤتمر، قال عبدي “رسالتي إلى كل المكونات السورية وحكومة دمشق هي أن المؤتمر لا يهدف، كما يقول البعض، إلى التقسيم، لا بل على العكس تماما، (يُعقد) من أجل وحدة سوريا.”

وشدد على الحاجة في الوقت الراهن إلى "سوريا جديدة ودستور جديد لامركزي"، مضيفا "نحن مع أن تأخذ كل المكونات السورية حقها في الدستور لنستطيع بناء سوريا ديمقراطية لامركزية."

وقرأ حميد دربندي مسؤول الملف السوري في إقليم كردستان العراق رسالة الزعيم الكردي التاريخي ورئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني التي أكد فيها أن "الكرد في سوريا واجهوا الإنكار والظلم ، وندعم سوريا الجديدة التي تضمن حقوق جميع المكونات." وأكد بارزاني في كلمته على أن "تشكيل وفد كردي مشترك خطوة ضرورية لضمان حقوق الكرد."

وأبدى الأكراد اعتراضهم على الإعلان الدستوري الذي قدمته السلطة الجديدة، معتبرين أنه لا يعكس التنوع في سوريا. ومنح الإعلان سلطات مطلقة للشرع في إدارة المرحلة الانتقالية، المحددة بخمس سنوات. وتسيطر الإدارة الذاتية الكردية المدعومة أميركيا على مساحات واسعة في شمال سوريا وشرقها، تضم أبرز حقول النفط والغاز. وشكّلت قسد، ذراعها العسكرية، رأس حربة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية وتمكنت من دحره من آخر معاقل سيطرته في البلاد عام 2019.

وقال ألدار خليل إن المجتمعين سيناقشون كذلك سبل معالجة القضية الكردية، موضحا “سيكون للمؤتمر دور أساسي في توجيه بوصلة الديمقراطية في سوريا بشكل عام، وكيفية حل القضية الكردية بشكل خاص.”

بدران جيا كورد: مخرجات المؤتمر ستتيح للمكونات الكردية تثبيت الحقوق المشروعة للشعب الكردي
بدران جيا كورد: مخرجات المؤتمر ستتيح للمكونات الكردية تثبيت الحقوق المشروعة للشعب الكردي

وفي خاتمة المؤتمر، تبنّت الأحزاب الكردية رؤية سياسية مشتركة لبناء دولة “ديمقراطية لامركزية” في سوريا، يضمن دستورها حقوق الأكراد ومشاركة المرأة سياسيا وعسكريا، داعية إلى اعتمادها كأساس للحوار مع السلطة الجديدة في دمشق.

وقال القيادي في المجلس الوطني الكردي محمّد إسماعيل خلال تلاوته البيان الختامي، إن الرؤية تشكّل “وثيقة تأسيسية” في إطار “سوريا موحدة، بهويتها متعددة القوميات والأديان والثقافات، يضمن دستورها الحقوق القومية للشعب الكردي.. ويصون حرية المرأة وحقوقها ويمكّنها من المشاركة الفاعلة بكافة المؤسسات السياسية والاجتماعية والعسكرية.”

ودعا البيان إلى اعتماد الرؤية “أساسا للحوار الوطني” بين القوى الكردية ومع الإدارة الجديدة في دمشق، على أن يتم تشكيل وفد للتواصل مع الأطراف المعنية لترجمة مضامين الرؤية.

وخلال سنوات النزاع، تباينت مواقف المكونات الكردية في سوريا من قضايا عدة، فيما شكل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أكبر تلك الأحزاب، العمود الفقري للإدارة الذاتية.

ويريد الأكراد، وهم الأقلية العرقية الأكبر في البلاد، اعترافا بدورهم وهويتهم في سوريا والحفاظ على مكتسباتهم، ومن بينها قوتهم العسكرية المنظمة التي تضم نساء ورجالا.

وفي منشور على منصة إكس، قال القيادي الكردي البارز بدران جيا كورد إن مخرجات المؤتمر ستتيح للمكونات الكردية “تحقيق وتثبيت الحقوق المشروعة للشعب الكردي،” إضافة إلى “لعب دور ريادي في التحولات الديمقراطية الجذرية في سوريا.” وأضاف “يجب أن تُشكّل هذه الخطوة المباركة مصدر أمل وتفاؤل وارتياح لجميع السوريين من أجل وحدتهم وقوتهم، لا سببا للتحفظ أو الخوف.”

5