مؤتمر التنوع البيولوجي يحاول إنقاذ الطبيعة من السلوك البشري المدمر

هناك  حاجة للتحرك العاجل من أجل الحفاظ على الطبيعة إذ أن مليون نوع بات مهددا بالانقراض فيما يعاني ثلث الأراضي الخصبة من الاضمحلال.
الخميس 2022/12/08
مؤتمرات لا تخرج بحلول جذرية

مونتريال - يحذر الخبراء منذ سنوات من الخطر المحدق بالبشرية بسبب فقدان التنوع البيولوجي الذي تسبب به البشر، حيث يعتبرونه سببا كبيرا سيؤدي للانقراض الجماعي، والذي من الممكن أن يشمل انقراض ثلاثة أرباع الأنواع الحيوانية والنباتية في غضون بضعة قرون فقط.

وستؤدي الخسارة المتنامية للمنظومة الحيوانية والنباتية بدورها إلى تفاقم التغير المناخي لأن الكوكب سيفقد جزءا من الأشجار التي تمتص ثاني أكسيد الكربون.

وانطلق الأربعاء مؤتمر الأمم المتحدة حول التنوع البيولوجي وأمامه تحد هائل يتمثل في التوصل إلى اتفاق تاريخي في غضون أسبوعين في ما يعتبر “الفرصة الأخيرة” لإنقاذ الأنواع والبيئات الطبيعية من دمار لا عودة عنه.

ويجتمع مندوبو أكثر من 190 بلدا حتى الـ19 من ديسمبر لإقرار إطار عالمي جديد يمتد على عشر سنوات لحفظ الطبيعية والموارد الحيوية للبشرية.

كريم الجندي: التغيرات المناخية ستسرع معدلات النزوح وتزيد الأزمات
برنانديت فيشلر: القمة قد تكون الأخيرة للحكومات لإنقاذ نظام نجاتنا

وثمة حاجة للتحرك للحفاظ على الطبيعة فورا إذ أن مليون نوع بات مهددا بالانقراض فيما يعاني ثلث الأراضي والأراضي الخصبة من الاضمحلال. كذلك يسرّع التلوث والتغير المناخي من تدهور وضع المحيطات.

واستباقا للمؤتمر وقّع الاتحاد الأوروبي اتفاقية تاريخية لحظر استيراد المنتجات المساهمة في عمليات إزالة الغابات. وتستهدف الاتفاقية استيراد الكاكاو والبنّ والصويا وزيت النخيل والخشب ولحم البقر والمطّاط، بالإضافة إلى العديد من المواد الأخرى مثل الجلود والأثاث والورق المطبوع والفحم، وفق نص الاتفاقية الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات طويلة بين البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وقال رئيس لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي باسكال كانفان “إنها سابقة من نوعها في العالم! تستهدف الاتفاقية القهوة التي نحتسيها خلال فطورنا والشوكولاتة التي نأكلها والفحم الذي نستخدمه للشواء والأوراق في كتبنا”.

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء عشية بدء مؤتمر الأطراف حول التنوع البيولوجي (كوب 15) في مونتريال من أن البشرية أصبحت “سلاحا للاندثار الشامل” للطبيعة التي “نعاملها كأنها مرحاض”.

وأكد “مع شهيتنا غير المحدودة للنمو الاقتصادي الخارج عن السيطرة وغير العادل أصبحت البشرية سلاحا للاندثار الكامل” معتبرا أن المؤتمر يشكل “فرصتنا لوقف هذا المجون المدمر”.

إلا أن المفاوضات تراوح مكانها منذ ثلاث سنوات. وهي تهدف إلى إقرار اتفاق يتمحور على حوالي عشرين هدفا، ينص الهدف الرئيسي بينها على حماية 30 في المئة من الأراضي والبحار.

وتنص أهداف أخرى على ترميم الأنظمة البيئية وخفض استخدام المبيدات الحشرية وضمان الشروط لحصول صيد بحري وزراعة مستدامين. وتقدر كلفة تدهور الأنظمة البيئية بثلاثة آلاف مليار دولار سنويا بحلول 2030 على ما ذكر غوتيريش.

وقبل كلمته قام نحو عشرة من السكان الأصليين بوقفة احتجاجية خلال كلمة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ما يعكس الاستياء الذي تثيره الأزمة البيئية.

وتضم أراضي الشعوب الأصلية 80 في المئة من التنوع البيولوجي المتبقي في العالم. ويشكل الاعتراف بدور هذه الشعوب ما يشمل الجوانب المالية، في إطار الاتفاق النهائي إحدى المسائل الشائكة التي ينبغي تسويتها.

وفي محاولة للتوصل إلى نتيجة، سبقت المؤتمر مباحثات على مدى ثلاثة أيام من الثالث من ديسمبر إلى الخامس منه. إلا أنها انتهت من دون التوصل إلى تقدم ملحوظ إذ تمت الموافقة على خمسة أهداف فقط ما يغذي المخاوف المتزايدة لدى خبراء ومنظمات غير حكومية.

وقالت برنانديت فيشلر هوبر المسؤولة في الصندوق العالمي للطبيعة “تشكل هذه القمة فرصة لا ينبغي على العالم تفويتها قد تكون على الأرجح الأخيرة للحكومات لقلب مسار الأمور وانقاذ نظام نجاتنا”.

190

بلدا أو أكثر يجتمعون حتى الـ19 من ديسمبر لإقرار إطار عالمي جديد يمتد على عشر سنوات لحفظ الطبيعية والموارد الحيوية للبشرية

وقالت إنغر أندرسن مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة “نحن في المراحل الأخيرة وحان الوقت لكل طرف أن يخطو خطوة إلى الأمام، بات الأمر حيويا”.

إلا أن القمة التي تترأسها الصين لكنها نقلت إلى كندا بسبب سياسة “صفر كوفيد” التي تعتمدها بكين، تجري من دون حضور قادة العالم الذين أتوا بأعداد كبيرة إلى مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27) الذي عقد في منتجع شرم الشيخ المصري في نوفمبر الماضي. وسيتولى وزراء البيئة الذين يحضرون إلى المؤتمر اعتبارا من 15 ديسمبر عملية التوصل إلى نتائج.

ويبقى الطموح المعلن إبرام اتفاق يوازي بأهميته اتفاق باريس للمناخ المبرم في 2015. إلا أن البعض يخشون “إستراتيجيات قد تكون متعمدة لفرض سيناريو شبيه بما حصل في كوبنهاغن” حيث عرف مؤتمر الأطراف حول المناخ فشلا مدويا في العام 2009 على ما تفيد منظمة “أفاز” غير الحكومية.

ولتجنب ذلك يجب أن تتفق الدول على أهداف قابلة للتقييم والإشراف لعدم تكرار فشل الإطار السابق الذي أقر العام 2010 في آيشي في اليابان.

وسيكون تمويل الدول الغنية للدول الفقيرة نقطة حاسمة أيضا. فطالب تحالف لدول الجنوب بما لا يقل عن مئة مليار دولار سنويا لحفظ التنوع البيولوجي وهو المبلغ نفسه المطلوب في مجال المناخ.

وتريد بعض الدول إنشاء صندوق مخصص للتنوع البيولوجي وهو اقتراح تتحفظ عليه الدول الغنية التي تفضل تحسين القنوات المتوافرة راهنا ولاسيما مصارف التنمية العامة.

أما مسألة القرصنة البيولوجية فتبقى أيضا حجر عثرة إذ تطالب الكثير من الدول أن تتشارك الدول الغنية عائدات مساحيق التجميل والأدوية المشتقة من موارد محفوظة في دول الجنوب.

7