ليالي طرابلس القديمة تسافر بالليبيين إلى أجواء الزمن الجميل

تحت شعار “ليالي المدينة” تستمر فعاليات الموسم الثقافي في العاصمة الليبية طرابلس خلال شهر رمضان، حيث يتضمن هذا الموسم البرامج الثقافية والفنية إضافة إلى المعارض المختلفة والصناعات التقليدية.
طرابلس – يستمتع الليبيون بمجموعة متنوعة من الفعاليات في ليالي رمضان بمدينة طرابلس القديمة طوال شهر الصوم، حيث أعد المسؤولون موسما ثقافيا رمضانيا دسما يتضمن العديد من الأنشطة كالمسرح الترفيهي للأطفال ومشاهد تمثيلية راجلة والحكواتي والمعارض وغيرها.
وتزينت شوارع المدينة القديمة بالإضاءة الملونة والفوانيس المضيئة حيث انتشرت عربات بيع الشاي والحلويات، وحيث تواصل العائلات الاستمتاع بالسهرات الرمضانية، وشراء ما تحتاجه من ملابس وحلويات وألعاب من الباعة المتجولين والمحال الموزعة فيها، وأيضاً الاستمتاع بشرب القهوة والجلوس في ساحاتها المُعدة لهذه المناسبة والتجول عبر أزقتها.
وقال أحد أهالي مدينة طرابلس إن هذه الفعاليات تستهدف تحريك عجلة الثقافة بالمدينة، بالإضافة إلى تحريك العجلة الاقتصادية. وبتقديم شخصيات تاريخية ومصنوعات يدوية ليبية، اعتبر البعض أن هذه الأنشطة فرصة للأطفال للتعرف على تراث بلادهم.
وقال أنور التير وهو فنان وممثل ليبي إن “البرامج الموجودة تعود بالناس إلى ذاكرتهم القديمة، وكيف كانت أجواء المدينة القديمة وكأنها بُثت فيها الحياة من ذاك الزمن، اليوم نشاهد الجيش الانكشاري يسير بخطواته المضبوطة أمامنا، ونتابع المجاهدين في زيهم يتجولون في الشوارع والأزقة، ونتابع الشخصيات التاريخية تظهر من الشرفة لتُعرف بنفسها للناس، هذه أجواء عادت بنا إلى تاريخنا وقدمته بشكل جميل جدا ومدروس، شكرا لكل القائمين علي ها البرنامج”.
وتشكل المدينة القديمة نافدة ثقافية وفنية وروحية للزائر وهو يستكشف معالمها، بل ويرسم في مخيلته أثر السالفين ممن عايشوا جدرانها وشوارعها وساحاتها.
ومن زنقة الفرنسيس إلى الميدان وباب درغوث وقوس ماركوس تنشط فعاليات “ليالي المدينة” التي انطلقت بقائمة من الفقرات مثل معرض “ضفاف” الذي جاء بمساهمة نخبة من الفنانين بإشراف الجمعية الليبية للفنون التشكيلية، كذلك ما يتعلق بالسينما والمسرح إضافة إلى ركن المرأة، حيث تتواصل سلسلة الفعاليات طيلة الشهر الصيام.
وأصبحت مدينة طرابلس مقصدا للزوار الراغبين في الترويح عن أنفسهم تحت قبة لياليها متجاهلين الصراعات السياسية التي حرمتهم من هذه الأجواء لسنوات طويلة.
ويحاول القائمون على البرنامج الإجابة عن كل تساؤلات الأطفال الذين يعبرون عن إعجابهم بالأجواء من خلال السؤال عن كل التفاصيل المحيطة بهم. وقال محمد المصراتي الذي جاء لمشاهدة ليالي رمضان مع أطفاله “الأجواء جميلة ورائعة، أتينا السنة الماضية وها نحن هنا اليوم. هناك فرق بين الموسمين وتطور في تنظيم الاحتفاليات التي جعلت من ليالي المدينة جميلة، يبدو ذلك واضحا على الأطفال الذين ابتهجوا فتراهم يتجولون ويسألون، لذلك نشكر المشرفين على هذه السهرات الذين يقدمون لنا مادة ثقافية نريد نحن أن نوصلها لأطفالنا”.
وفي أجواء شهر رمضان افتتحت فعاليات بازار المدينة القديمة تحت شعار “بكم سنحافظ على تراثنا” المُقام بميدان الساعة في طرابلس، وتنظمه وتشرف عليه منظمة مدينة طرابلس القديمة للتنمية.
وتضمن البازار عروضا عدة ومختلفة للصناعات التقليدية والحرف اليدوية، منها الأزياء التقليدية والصناعات النحاسية وصياغة الذهب والفضة، والسعفيات والحُلي بمختلف أشكالها بالإضافة إلى الصناعات الجلدية، وصناعة سروج الخيل، وعروض للمقتنيات القديمة واللوحات، والفخاريات وعروض الأكلات الشعبية التراثية والحلويات التي يتم إعدادها بالبيت.
ووصف الليبي مبروك الأجواء بأنها جميلة جدا، متمنيا أن تشهد البلاد استقرارا وأن تتواصل مثل هذه الأجواء في تطوير أنشطتها وفعالياتها عاما بعد آخر.
وليبيا كباقي البلدان الإسلامية تعرف بحلول شهر رمضان مجموعة من التغييرات على مستوى التعامل والعادات والتقاليد، إذ تفوح من كل مكان الأجواء الرمضانية من خلال روائح ونكهات الأطباق المختلفة التي تتيح الفرصة لاجتماع أفراد الأسرة.
وفي طرابلس التي استؤنفت الحياة فيها وامتلأت مقاهيها، يجتمع الليبيون حول طاولات بار على شرفات المقاهي أو على امتداد الرصيف، يرتشفون القهوة، ويتبادلون الأحاديث عن يومياتهم.
وقال أحد أصحاب المقاهي إن “الليبيين يأتون مباشرة بعد الإفطار إذ يشرب الواحد منهم فنجانين أو ثلاثة في محاولة للتعويض نقص الكافيين خلال النهار”.
أما علي الخوجة (24 عامًا)، الذي يواظب على شرب القهوة في الإفطار، فيرى أن شهر الصوم فرصة للتجمع حول الرائحة الآسرة للقهوة.
ويختم علي مبتسما “نقضي السهرة بعد الإفطار، نشرب القهوة خارج البيت مع الأصدقاء” في ليالي رمضان الطويلة، التي تحمل في ليبيا أجواء دافئة بين مختلف مكوناتها الاجتماعية.
