لوحة مسمارية تعود إلى العراق بعد رحلة إجبارية في إيطاليا

القطعة الأثرية مهمة جدا خصوصا وأن "النص المسماري الموجود فيها متكامل".
الاثنين 2023/06/19
كنز لا يستهان به

استعاد العراق لوحة أثرية تضم نصا مسماريا متكاملا ودخلت إيطاليا بطريقة ما في ثمانينات القرن الماضي، وهي من بين الآلاف من القطع الأثرية التي تم نهبها من البلاد ويجري العمل على استعادتها من متاحف في دول أخرى.

بغداد - كشف العراق الأحد عن لوحة حجرية مسمارية عمرها 2800 عام أعادتها إيطاليا، في ظل سعي بغداد لاستعادة الآثار المنهوبة من أراضيها الزاخرة بالمواقع الأثرية.

وتحمل اللوحة شارة شلمنصر الثالث الملك الآشوري الذي حكم منطقة نمرود (شمال) من 858 إلى 823 قبل الميلاد.

ولا تزال ظروف وصول اللوحة إلى إيطاليا غير واضحة، لكن السلطات الإيطالية أعادت القطعة إلى الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد خلال زيارة له إلى مدينة بولونيا في 14 يونيو.

وقال رشيد خلال مراسم أقيمت الأحد في القصر الرئاسي ببغداد لنقل اللوحة إلى المتحف الوطني “أود أن أشكر المسؤولين الإيطاليين على جهودهم وتعاونهم من أجل إرجاع هذه القطعة”.

اللوحة تحمل ألقاب الملك شلمنصر الثالث ووالده آشور ناصربال الثاني وجدّه، كما تذكّر ببناء الزقورة في منطقة نمرود بالموصل

وأوضح رئيس الهيئة العامة العراقية للآثار والتراث ليث مجيد حسين أن اللوحة تحمل ألقاب الملك شلمنصر الثالث ووالده آشور ناصربال الثاني وجده، كما تذكّر ببناء الزقورة، وهو مبنى ضخم في منطقة نمرود بمحافظة الموصل.

ولفت إلى أن القطعة “دخلت إيطاليا بطريقة ما في ثمانينات القرن الماضي”، حيث صادرها الدرك الإيطالي (كارابينييري).

وأقرّ وزير الثقافة العراقي أحمد فكاك البدراني بأن الظروف التي عُثر فيها على اللوحة لا تزال غير واضحة. وقال إن الاكتشاف ربما حصل خلال الحفريات الأثرية أو أثناء العمل في سد الموصل.

وشدد على أهمية هذه القطعة، لافتاً إلى أن “النص المسماري الموجود فيها متكامل”. والعراق هو مهد حضارات سومر وأكاد وبابل وآشور التي تدين لها البشرية باختراع الكتابة والمدن الأولى.

وتعاني البلاد منذ عقود من نهب آثارها، في مشكلة تفاقمت بفعل الفوضى التي أحدثها الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، ثم تنامي نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في العام 2014.

وتعهد الرئيس العراقي بمواصلة العمل لاستعادة كل القطع الأثرية المرتبطة بالتاريخ العراقي من الخارج. وقال “نتمنى أن يكون المتحف العراقي من أفضل المتاحف في العالم وسنعمل على ذلك”.

وفي مايو أعاد المدعي العام في نيويورك ألفين براغ منحوتتين قديمتين إلى العراق، هما فيل من الحجر الجيري من بلاد ما بين النهرين وثور من المرمر السومري من مدينة أوروك (الوركاء) الأثرية.

yy

ووصلت المنحوتتان اللتان سُرقتا خلال حرب الخليج سراً إلى نيويورك أواخر التسعينات، بحسب بيان صادر عن الادعاء. وكانت منحوتة الثور جزءاً من المجموعة الخاصة لشيلبي وايت وهي مليارديرة تبلغ 85 عاماً ومن الواهبين لمتحف متروبوليتان.

وتغيب الأرقام الرسمية عن رصد نزيف الآثار العراقية المهربة خارج البلاد، لاسيما في ظل حالة الفوضى الأمنية واستمرار العصابات في عمليات التنقيب غير المشروع عن الآثار.

وقال المتحدث باسم وزارة الثقافة أحمد العلياوي “العراق استعاد الآلاف من القطع الأثرية منذ عام 2003، ولا يزال يواصل العمل لاستعادة ما تبقى من الآثار المهربة”. وأضاف العلياوي “هناك تعاون مع الدول التي هربت إليها الآثار (لم يسمها) من أجل استعادتها خلال الفترة المقبلة”.

وأوضح “العراق لا يملك إحصائية دقيقة بشأن عدد القطع الأثرية المهربة إلى الخارج، والتي كان وراء معظمها عصابات التهريب (…) القوات الأمنية تكثف وجودها قرب المناطق الأثرية للحد من عمليات التنقيب غير المشروع”.  وفقد العراق أكثر من 15 ألف قطعة أثرية من متحف بغداد وحده، تعود إلى حضارات مختلفة بدءاً من السومرية قبل 4 آلاف عام ومرورا بالبابلية والآشورية وصولا إلى الحضارة الإسلامية.

ومن بين القطع المفقودة التي وافقت الولايات المتحدة على إعادتها لوح أثري مصنوع من الطين مكتوب عليه باللغة المسمارية جزء من “ملحمة جلجامش” السومرية التي تُعد أحد أقدم الأعمال الأدبية للبشرية.

Thumbnail

ولا تزال أمام العراق مهمة شاقة لتعقب آثاره في المزادات والأسواق السوداء، وخوض العشرات من النزاعات القضائية لاستردادها، لكن بغداد تعول على تفاهمات مع حكومات البلدان التي هربت إليها القطع الأثرية.

واعتبر الباحث علي البيدر أن العراق بشكل عام أصبح مسرحاً للجريمة الدولية والمنظمة وتجارة الآثار والممنوعات والمخدرات والسلاح، عازياً ذلك إلى أعوام طويلة من السيولة الأمنية شهدتها البلاد، مما يدعو إلى إعداد خطة مدنية لمنع تداول الآثار وتهريبها وحماية تاريخ البلاد وآثارها من النهب وجميع العمليات المشبوهة. وأضاف أنه في المقابل يفترض توعية المجتمع على اعتبار أنه الآثار “كنز لا يمكن الاستهانة والتفريط به”.

18