لماذا يعتبر اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس هشا للغاية

اتفاق المرحلة الأولى رحّل نقاطا خلافية إلى مفاوضات المراحل الأخرى.
السبت 2025/01/25
استئناف الحرب وارد

بعد أشهر من مفاوضات شاقة، توقفت الحرب المدمّرة في قطاع غزة أخيرا بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن بنود الاتفاق الغامضة في جزء منها وانعدام الثقة العميق بين إسرائيل وحركة حماس يجعلان بعض المراقبين يخشون انهيار الهدنة في أي لحظة.

القاهرة - انسحبت القوات الإسرائيلية إلى أطراف غزة وتم الإفراج عن أول دفعة من الرهائن وعاد الكثير من الفلسطينيين إلى ما تبقى من منازلهم، وذلك في الأيام الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

وإذا سارت الأمور وفقا للخطة فلن يكون هناك قتال في غزة لمدة ستة أسابيع على الأقل، وسيتم الإفراج عن العشرات من الرهائن الإسرائيليين والمئات من السجناء الفلسطينيين، مع تدفق المزيد من المساعدات الإنسانية. لكن السؤال المطروح هو ما إذا كان وقف إطلاق النار سيستمر إلى ما بعد المرحلة الأولى، حيث يكشف ملحق للاتفاق، عن بعض التوترات فيه.

ويعتمد تمديد وقف إطلاق النار على مفاوضات إضافية من المقرر أن تبدأ قريبا، والتي ستتناول في نهاية المطاف القضية الشائكة المتعلقة بكيفية إدارة غزة، مع استمرار إسرائيل في مطالبتها بالقضاء على حركة حماس.

ويخيم على تلك المفاوضات احتمال استئناف إسرائيل حملتها للقضاء على الحركة المسلحة، حتى مع بقاء العشرات من الرهائن في قبضتها.

وكجزء من المرحلة الأولى، انسحبت القوات الإسرائيلية إلى منطقة عازلة على طول حدود غزة مع إسرائيل. ووفقا للملحق، يبلغ عرض المنطقة العازلة 700 متر في معظم المناطق.

تمديد وقف إطلاق النار يعتمد على مفاوضات إضافية من المقرر أن تبدأ قريبا

وسمح ذلك للفلسطينيين النازحين بالبدء في العودة إلى منازلهم، والتي أصبح الكثير منها مدمرا أو تعرض لأضرار جسيمة نتيجة الحملة الإسرائيلية. لكن عودتهم كانت نقطة معقدة في المفاوضات، حيث طالبت إسرائيل منذ فترة طويلة بالاحتفاظ بالسيطرة على حركة الفلسطينيين لضمان عدم نقل حركة حماس للأسلحة إلى شمال غزة بالقرب من التجمعات الإسرائيلية.

وخلال الحرب، منع الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين من العودة إلى الشمال عن طريق تقسيم غزة عبر ممر نتساريم، وهو شريط يمتد من الشرق إلى الغرب عبر القطاع، حيث أخلت القوات السكان الفلسطينيين وأقامت قواعد عسكرية هناك.

ووفقا للملحق، ستبدأ إسرائيل اليوم السبت بالسماح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى الشمال دون عمليات تفتيش، ولكن فقط سيرا على الأقدام عبر الطريق الساحلي الرئيسي الذي يربط بين الشمال والجنوب. ومن المقرر أن يتم فتح طريق آخر لحركة السير على الأقدام دون تفتيش في الأسابيع المقبلة.

وذكر الملحق أن شركة خاصة، لم يتم الإعلان عن تفاصيلها رسميا بعد، ستتولى تفتيش الفلسطينيين العائدين بواسطة المركبات لمنع وصول معدات عسكرية إلى الشمال. ومن المقرر أن يبدأ هذا الإجراء أيضا اليوم السبت، لكن لا يزال من غير الواضح كيف سيتم تنفيذه.

وخلال المرحلة الأولى، ستقوم حركة حماس بإطلاق سراح 33 رهينة مقابل المئات من الفلسطينيين المعتقلين لدى إسرائيل. وتم تنفيذ أول عملية تبادل يوم الأحد الماضي، حيث تم الإفراج عن ثلاث رهينات إسرائيليات و90 سجينا فلسطينيا.

الجزء الثاني من المفاوضات يخيم عليه احتمال استئناف إسرائيل حملتها للقضاء على حماس، حتى مع بقاء العشرات من الرهائن في قبضتها

وبنهاية فترة الـ42 يوما، يفترض أن يتم إطلاق سراح جميع النساء والأطفال وكبار السن الأحياء المحتجزين لدى المسلحين.

وحاليا، لا يزال هناك نحو 94 رهينة قيد الاحتجاز داخل غزة، وهم خليط من مدنيين وجنود وأجانب. ويعتقد الجيش أن ما لا يقل عن ثلثهم قد لقوا حتفهم.

ومن المقرر أن تتم عملية التبادل التالية اليوم السبت. وبعد ذلك، إذا لم ينهر الاتفاق، ستستمر عمليات الإفراج أسبوعيا.

وتشمل قائمة الـ33 شخصا المفرج عنهم نساء وأطفالا وأشخاصا مرضى ومن هم فوق سن الخمسين، وجميعهم تقريبا من المدنيين، إلا أن الاتفاق ينص أيضا على التزام حماس بإطلاق سراح جميع الجنديات الأسيرات الأحياء في المرحلة الأولى. وستطلق حماس الرهائن الأحياء أولا، لكنها قد تفرج عن بعض الجثامين إذا لم يتوفر لديها ما يكفي من الرهائن الأحياء في هذه الفئة.

وفي المقابل، ستفرج إسرائيل عن 30 سجينا فلسطينيا من النساء أو الأطفال أو كبار السن مقابل كل مدني حي يتم تحريره. وينص الاتفاق على أن من بين المفرج عنهم أكثر من 110 من الفلسطينيين المحكوم عليهم بالسجن المؤبد. ومقابل كل جندية يتم إطلاق سراحها، ستفرج إسرائيل عن 50 سجينا فلسطينيا، من بينهم 30 محكوما عليهم بالسجن المؤبد.

والكثير من السجناء الذين سيتم الإفراج عنهم مدانون في هجمات دامية. وسيتم إرسال عدد من السجناء الفلسطينيين إلى الخارج أو إلى غزة وفقا للاتفاق، ولكن من غير الواضح على من سينطبق ذلك وأيّ دولة ستقبلهم.

حماس أعربت عن استعدادها للتنحي جانبا، لكنها قد تسعى للعب دور في أيّ حكومة مستقبلية

ووفقا للملحق، ستفرج إسرائيل أيضا عن ألف شخص محتجزين من غزة منذ بداية الحرب، شريطة ألا يكونوا متهمين بالمشاركة في هجوم حماس في 7 أكتوبر2023 الذي أشعل الصراع.

وسيبقى العشرات من الرهائن الذكور، بمن فيهم الجنود، محتجزين في غزة، انتظارا للمرحلة الثانية.

وفي نهاية المرحلة الأولى، تعهدت إسرائيل أيضا بالبدء في تقليص قواتها في محور فيلادلفيا (صلاح الدين)، وهو شريط إستراتيجي من الأراضي على طول حدود غزة مع مصر.

ووفقا للملحق، ستنسحب إسرائيل بالكامل بحلول اليوم الخمسين. وكان مطلب إسرائيل بالحفاظ على وجود طويل الأمد في المحور، بينما طالبت حماس بالانسحاب الكامل، أحد أكثر القضايا تعقيدا في مفاوضات وقف إطلاق النار.

وفي الوقت نفسه، تنص الوثيقة على أن معبر رفح مع مصر سيعاد فتحه للسماح بإجلاء الجرحى والمرضى الفلسطينيين، بمن فيهم بضع عشرات من المقاتلين الجرحى، الذين سيتطلب خروجهم موافقة إسرائيل ومصر، لكن ذلك سيتم فقط بعد إطلاق سراح جميع الرهائن النساء، بمن فيهن الجنديات.

وقال مسؤول إسرائيلي لوكالة أسوشيتد برس تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته إنه لن يتم تخفيض عدد القوات الإسرائيلية في غزة خلال الأيام الـ42 الأولى، بل ستتم إعادة توزيعها فقط.

وفي المرحلة الأولى، تتم زيادة المساعدات إلى غزة لتصل إلى المئات من الشاحنات يوميا، محملة بالطعام والدواء ومواد البناء والوقود لتخفيف الأزمة الإنسانية. وقد بدأ هذا بالفعل.

والحاجة كبيرة، إذ يعاني الفلسطينيون من سوء التغذية وانتشار الأمراض، بينما تعرضت المستشفيات لأضرار كبيرة وتعاني من نقص في الإمدادات. لكن التنفيذ يمكن أن يتسبب في مشاكل.

الجزء الثاني من المفاوضات يخيم عليه احتمال استئناف إسرائيل حملتها للقضاء على حماس، حتى مع بقاء العشرات من الرهائن في قبضتها
لا يزال هناك نحو 94 رهينة قيد الاحتجاز داخل غزة، وهم خليط من مدنيين وجنود وأجانب

وحتى قبل الحرب، كانت إسرائيل تقيد دخول بعض المعدات، بحجة أنه يمكن استخدامها لأغراض عسكرية من قبل حماس. ومما يزيد الأمور تعقيدا، أن حكومة إسرائيل لا تزال ملتزمة بخطتها لحظر وكالة الأونروا، الوكالة الأممية الرئيسية لتوزيع المساعدات في غزة، من العمل وقطع جميع العلاقات بينها وبين الحكومة الإسرائيلية.

وتم توضيح الخطوط العريضة للمرحلة الثانية في الاتفاق، حيث يتم إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من غزة وتحقيق “هدوء مستدام”. لكن هذا التبادل، الذي يبدو بسيطا ظاهريا، يفتح قضايا أكبر بكثير.

وصرحت إسرائيل بأنها لن توافق على انسحاب كامل حتى يتم القضاء على القدرات العسكرية والسياسية لحماس. ومن جهتها، أكدت حماس أنها لن تسلّم آخر الرهائن حتى تسحب إسرائيل جميع قواتها من غزة.

ولذلك، سيحتاج الطرفان إلى الاتفاق على خطة لحكم غزة. وأعربت حماس عن استعدادها للتنحي جانبا، لكنها قد تسعى للعب دور في أيّ حكومة مستقبلية، وهو ما رفضته إسرائيل بشدة.

ومن غير المرجح أن تتخلى حماس عن أسلحتها. كما رفضت إسرائيل خيار قيام السلطة الفلسطينية بإدارة غزة كبديل.

وإذا توصلت جميع الأطراف إلى المرحلة الثالثة، فمن المحتمل أن تكون أقل جدلية، حيث ستعاد جثامين الرهائن المتبقين مقابل خطة لإعادة إعمار غزة لمدة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات، لكن مسألة من سيتحمل تكاليف ذلك ما زالت غير واضحة.

6